هل اقتربت الحرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران؟ النقاط المشتعلة بين الدولتين تتكاثر وتنمو من البحر الأحمر وصولاً إلى لبنان، إلا أن هذه المخاطر تترافق مع دعم كل من روسيا والصين لإيران.
صحيفة “نيويورك تايمز” وفي تقرير لها أشارت فيه إلى أنّ، المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، يواجهون وعشرات الدول التي تعمل بشكل متضافر للحفاظ على تدفّق التجارة في البحر الأحمر، عدوانيّة جديدة لإيران تشنّ عشرات الهجمات، من لبنان إلى البحر الأحمر إلى العراق، عبر جماعاتها بالوكالة التي دخلت في صراع مباشر مع القوات الأميركية، وتعمل في الوقت نفسه على تنشيط برنامجها النووي، إذ وفقاً لأغلب التقديرات التقريبية باتت ايران تمتلك الآن الوقود اللازم لثلاثة أسلحة ذرّية على الأقلّ، وأنّ التخصيب الإضافي اللازم لتحويل هذا الوقود إلى مادّة نووية لن يستغرق، بحسب مسؤولين أميركيين، سوى بضعة أسابيع.
بحسب التقرير، أصبحت الديناميكيّات مع إيران معقّدةً أكثر من أيّ وقت مضى منذ الاستيلاء على السفارة الأميركية في عام 1979. ونقل عن مسؤولين استخباريّين أميركيين وأوروبيين أنّهم لا يعتقدون أنّ إيران تريد صراعاً مباشراً مع الولايات المتحدة أو إسرائيل لن ينتهي بشكل جيّد. لكن يبدو أنّها على أتمّ استعداد لتجاوز الحدود، وتمكين الهجمات بواسطة أذرعها، وتنسيق استهداف القواعد الأميركية والسفن التي تحمل البضائع والوقود، والاقتراب من القدرة على إنتاج أسلحة نووية مرّة أخرى.
يبدو أنّ الحزب كان حريصاً حتى الآن على عدم إعطاء الإسرائيليين ذريعة للقيام بعملية عسكرية
ما يزيد من تعقيد المشكلة، وفقاً لهؤلاء المسؤولين، هو التوسّع الكبير في نطاق مساعدات إيران لروسيا. فما بدأ كمجموعة من طائرات “شاهد” التي تمّ بيعها لروسيا لاستخدامها ضدّ أوكرانيا، تحوّل إلى فيضان. ويقولون إنّ إيران، على الرغم من التحذيرات، تستعدّ لإرسال صواريخ قصيرة المدى لاستخدامها ضدّ أوكرانيا، وهو انعكاس لتغيّر حادّ في ديناميكية القوّة: فمنذ غزو روسيا لأوكرانيا، لم تعُد إيران تجد نفسها معزولة. بل أصبحت لديها قوّتان عُظميان، ليستا فقط حليفتين، لكنّهما عميلان يمكنهما خرق العقوبات.
هجمات من جميع الجهات
وفقاً للتقرير، تزعم المخابرات الأميركية أنّ إيران لم تحرّض أو توافق على هجوم حماس على إسرائيل، وربّما لم يتمّ إبلاغها به. ربّما كانت حماس تخشى أن تتسرّب أنباء الهجوم من إيران، نظراً إلى عمق اختراق المخابرات الإسرائيلية والغربية للبلاد. ولكن بمجرد أن بدأت الحرب ضدّ حماس، شنّت القوات التابعة لإيران الهجوم. ومع ذلك، كانت هناك دلائل مهمّة على أنّ إيران، التي تواجه مشاكلها الداخلية، تريد الحدّ من الصراع. وحين ناقش مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي توجيه ضربة استباقية للحزب في لبنان، بمبرّر أنّ الهجوم على إسرائيل وشيك كجزء من خطة إيرانية لضربها من جميع الجوانب، ردّ مساعدو بايدن بأنّ التقويم الإسرائيلي كان خاطئاً، وردعوا الضربة الإسرائيلية. وهم يعتقدون أنّهم منعوا، أو على الأقلّ أخّروا، حرباً أوسع نطاقاً.
لكن في الأيام الأخيرة، يضيف التقرير، عاد التهديد بالحرب مع الحزب إلى الظهور. أطلق الحزب عشرات الصواريخ على موقع عسكري إسرائيلي كـ “ردّ أوّلي” على مقتل القيادي البارز في حماس صالح العاروري الأسبوع الماضي في لبنان. وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من أنّ الرضا عن نوايا حماس لا ينبغي أن يتكرّر مع الحزب، الذي يعتقد أنّه يمتلك ما يصل إلى 150 ألف صاروخ موجّه إلى إسرائيل، وقام بتدريب بعض قواته، قوة الرضوان، على غزو عبر الحدود.
يعتقد الصحافيان ديفيد سانجر وستيفن إيرلانغر اللذان أعدّا التقرير أنّ القلق في واشنطن الآن لا يتعلّق بشنّ هجوم على إسرائيل بقدر ما يتعلّق بشنّ هجوم إسرائيلي على الحزب. وقد أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل أنّه إذا عبر الحزب الحدود، فإنّ واشنطن ستدعم إسرائيل، لكن ليس العكس. يبدو أنّ الحزب كان حريصاً حتى الآن على عدم إعطاء الإسرائيليين ذريعة للقيام بعملية عسكرية. ومع ذلك، بنت إيران الحزب، القوة الأقوى في لبنان، لحماية نفسها، وليس لحماية الفلسطينيين. ونقلاً عن مئير جافيدانفار، المحاضر في شؤون إيران بجامعة رايخمان الإسرائيلية، فإنّ هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء رغبة إيران في إبعاد الحزب عن الحرب في غزة.
من جهتها، لا ترى مالوني من معهد بروكينغز “اهتماماً كبيراً بتصعيد إيران في هذه المرحلة، فهي تحقّق معظم مصالحها دون ذلك”. لكنّ المسؤولين الأميركيين، بحسب التقرير، يقولون إنّ إيران لا تملك سيطرة عمليّاتيّة على العديد من وكلائها، وإنّ شدّة الهجمات بعيداً عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية يمكن أن تكون شرارة لصراع أكبر، مشيرين إلى أنّ هجمات وكلاء إيران في العراق وسوريا تسبّبت في سقوط ضحايا أميركيين.
إقرأ أيضاً: لماذا لعبت إيران ورقة البحر الأحمر؟
أزمة البحر الأحمر
في رأي كاتبي التقرير، يتركّز جزء الصراع ذو التأثير العالمي الأكثر إلحاحاً على البحر الأحمر، حيث تستهدف قوات الحوثيين في اليمن، باستخدام المخابرات والأسلحة الإيرانية، ما تسمّيه “السفن الإسرائيلية”. في الواقع، هي تستهدف جميع السفن بصواريخ حرارية لا يمكنها التمييز بين الأهداف والقوارب السريعة المستخدمة للصعود إلى الناقلات والاستيلاء عليها… وحتى الآن، كان بايدن متردّداً في مهاجمة الحوثيين في اليمن، لكن يبدو أنّ هذا يتغيّر، كما نقل التقرير عن مسؤولين أميركيين. ففي الأسبوع الماضي وقّعت الولايات المتحدة و13 من حلفائها على بيان أطلق ما وصفه مسؤول في الإدارة “التحذير الأخير” للحوثيين لوقف “هذه الهجمات غير القانونية والإفراج عن السفن والطواقم المحتجزة بشكل غير قانوني”. ولم يذكر إيران. ويعمل البنتاغون على تحسين خططه لكيفية ضرب مواقع إطلاق الحوثيين في اليمن، ومن المرجّح حدوث نوع من الهجوم على أصول الحوثيين في اليمن بمجرد وقوع هجوم آخر، كما يشير المسؤولون، كتحذير حادّ لمحاولة استعادة الردع.
لقراءة النص الأصلي: إضعط هنا