أمل شعبان ضحيّة “الكيديّة” السياسيّة

مدة القراءة 6 د


في جلسة خاصة في منزل مرجعية سياسية جمعته مع ثلاثة وزراء للتربية سابقين، أكّد فيها الوزراء الثلاثة أنّ الاتهامات التي وُجهت لأمينة سرّ لجنة المعادلات للتعليم قبل الجامعي أمل شعبان لا تمتلك مصداقية وتُجانب حقيقة سلوك شعبان المهني وطريقتها في التفكير وأداء وظيفتها.
تطوّرات متسارعة رافقت التحقيق مع رئيسة دائرة الامتحانات وأمينة سرّ لجنة المعادلات للتعليم قبل الجامعي أمل شعبان، بالتزامن مع حملات إعلامية وتسريبات وشائعات عديدة عزّزت الشكوك في خلفيّة توقيفها والإصرار على إبقائها في السجن، بدليل أنّ الهيئة الاتّهامية في بيروت فسخت قرار قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم الذي أخلى سبيلها لعدم توفّر أدلّة ومعطيات على ارتكابها جرم “تقاضي الرشوة والإثراء غير المشروع” المدّعى به عليها، من دون أن تبرّر حيثيات الاستمرار بالتوقيف.

إزاحة شعبان بأيّ ثمن
التضارب ما بين قرارَي قاضي التحقيق والهيئة الاتّهامية بيّن بوضوح أنّ هذا الملفّ يخضع لضغوط هائلة غايتها إزاحة أمل شعبان من موقعها بأيّ ثمن، وأكّدت مصادر مطّلعة على مسار القضية لـ “أساس” أنّه “لو لم يتوصّل القاضي بيرم إلى قناعة بأنّ توقيف أمل شعبان لم يعد مبرّراً، لما كان أخلى سبيلها”، مشيرة إلى أنّ “كلّ المستجوَبين في القضية من موظّفين وسماسرة ومندوبي جامعات وغيرهم، جزموا أنّ شعبان لم تتقاضَ أيّ رشوة أو هديّة أو أيّ منفعة شخصيّة، ولم تقبل بتمرير أو تسيير أيّ معاملات غير قانونية، لا بل على العكس راجعت وزير التربية والمعنيّين في الوزارة بعدما ضاقت ذرعاً بالفوضى المتأتّية عن حجم المعاملات الهائلة التي تردها من طلاب عراقيين، وتمّ الاتفاق مع القنصلية العراقية على إنشاء “منصّة” نُظّمت من خلالها المعاملات، بعد تسجيل مواعيد لطلاب المعادلات لتسلك طريقها نحو التنفيذ وفقاً للقوانين المرعيّة الإجراء”.

كشفت مصادر مواكبة للتحقيق لـ “أساس” أنّ كلّ المستجوَبين أفادوا بأنّ “شعبان لم تتلقَّ أيّ هديّة مقابل إنجاز المعاملات

لفتت المصادر إلى أنّ هذا الأمر “بقي منتظماً لخمسة أشهر فقط، بحيث كان يتمّ استقبال 50 طلباً يوميّاً تضاف إليها أسماء قليلة لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة يطلبها القنصل أو الوزير أو سواهما، قبل أن تعود وتزداد طلبات الطلاب العراقيين أو تتبدّل أسماءٌ بأسماءٍ أخرى، وازدادت المسألة سوءاً بعد قبول جامعات لبنانية انتساب مئات الطلبة العراقيين إليها من دون إجراء معادلات لشهاداتهم الثانوية، فوقعوا في نهاية المطاف في فخّ عدم قدرتهم على الحصول على شهادة جامعية إن لم تعادل شهاداتهم الثانوية، فتدفّق هؤلاء على وزارة التربية، وتحديداً إلى “دائرة المعادلات”، وهو ما أحدث فوضى عارمة كرّستها وساطات وسمسرات ناجمة عن ملفّات الطلاب التوّاقين، لا لمعادلة الشهادة فحسب، وإنّما لما ستحمله هذه الشهادات لهم من مراكز عليا في بلدهم ورواتب مرتفعة جداً”.

كلام الشهود لمصلحة شعبان
المعلومات التي أدلت بها أمل شعبان لدى استجوابها مرّتين أمام القاضي بيرم، تقاطعت مع إفادات أخرى قدّمها مدّعى عليهم وشهود في القضيّة نفسها، وكشفت مصادر مواكبة للتحقيق لـ “أساس” أنّ كلّ المستجوَبين أفادوا بأنّ “شعبان لم تتلقَّ أيّ هديّة مقابل إنجاز المعاملات، لا بل على العكس سارعت إلى فصل موظّفتين في دائرتها حينما علمت بتقاضيهما إكراميات من طلاب عراقيين، وهما حسانة شهاب وأمية العلي”.
تابعت المصادر أنّ “الموقوف رودي باسيم، الذي اعترف خلال التحقيق معه أمام شعبة المعلومات أنّه اشترك مع شعبان في قبض المال مقابل إنجاز 9  معاملات، عاد وتراجع عن أقواله، ووصف أمينة سرّ لجنة المعادلات بأنّها امرأة صارمة لا تمرّر أيّ معاملة ما لم تسلك مسارها القانوني”. وأشارت المصادر عينها إلى أنّه “على الرغم من تأييد باسيم مضمون إفاداته الأوّلية بمعظمها، إلا أنّه وقع في تناقضات جمّة، خاصة عندما قال: “حين طلبتُ مساعدة شعبان في ملفّاتٍ تتعلّق بثلاثة طلاب عراقيين وأعلمتها بأنّني وشقيقي “أنطوني” تقاضينا أموالاً منهم، جنّ جنونها وأنّبتني”. ورجّحت المصادر “استمرار توقيف شعبان لحين استكمال التحقيق وورود كلّ داتا الاتصالات التي طلبها القضاء والتي ستوضح كلّ ملابسات القضية، وهذا أمر لن يكون بعيداً”.

اعتبر مصدر قانوني أنّ “إلصاق جرم “الإثراء غير المشروع” بالمدّعى عليها هو مجرّد “فخّ” نُصب لأمل شعبان، وجاء بمنزلة “تحايل على القانون”

فخّ نُصب لشعبان
اعتبر مصدر قانوني أنّ “إلصاق جرم “الإثراء غير المشروع” بالمدّعى عليها هو مجرّد “فخّ” نُصب لأمل شعبان، وجاء بمنزلة “تحايل على القانون”، لعدم أخذ إذن وزير التربية قبل استدعائها (على عجل) يوم 27 كانون الأول الماضي من قبل النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، الذي أوقفها قبل مثولها أمام القاضي أسعد بيرم في جلسة كانت مقرّرة في 4 كانون الثاني الجاري، علماً أنّ شعبان المدّعى عليها بـ “الاثراء غير المشروع” لم تُسأل عن ممتلكاتها ومدّخراتها، وجلّ ما في الأمر أنّها سُئلت عن “تسريع معاملات”، وهذا يصنّف قانوناً “جنحة” لا تستدعي توقيفها احتياطاً”.
إلى ذلك، يتابع القاضي بيرم تحقيقاته خلال الأيام المقبلة، فيستمع إلى مزيد من الشهود، على أن يتقدّم وكلاء الدفاع عن شعبان بطلب جديد لإخلاء سبيلها، فيما يؤكّد المقرّبون منها أنّ معنويّاتها مرتفعة جداً وأنّها واثقة من براءتها وإنصافها. وقد رفضت مصادر في وزارة التربية التعليق عمّا يُحكى عن “ضغوط تمارسها الدولة العراقية على لبنان وتهديده بوقف إمداده بالفيول ما لم يتمّ تسهيل معادلة مئات الشهادات التي يطلبها العراق (لا سيما تلك المتعلّقة بمسؤولين أمنيين ورسميين)”، رابطةً بين ما تتعرّض له شعبان اليوم والحملة التي طالتها منذ سنوات ومحاولة إزاحتها من منصبها لتعيين شخص آخر في مكانها يكون “طيّعاً أكثر منها”، ورأت أنّ الهدف من توقيفها هو إبعادها عن دائرة المعادلات بالذات، حتى يتمكّن غيرها من تمرير معاملات غير شرعية جهدت هي في منعها.

إقرأ أيضاً: نصف قضاة لبنان خارج الخدمة

أشارت المصادر إلى أنّ ما حصل شوّه سمعة وزارة التربية أكثر من أسماء المتورّطين في القضية، ولا بدّ من دقّ ناقوس الخطر المتمثّل في المخالفات التي تحصل في دوائر الدولة وتحظى بتغطية سياسية أو حزبية أو أصحاب نفوذ، وهو ما يصبّ بالنهاية في خانة الإساءة إلى سمعة لبنان برمّته.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…