سياسة الاغتيالات ستدفع قادة حماس إلى طاولة المفاوضات، وإلى خفض سقوف شروطهم السابقة، وستدفع قادة الحزب إلى مخابئهم، خوفاً من الاغتيالات. هذا ما خلصت إليه الباحثة في “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” في تل أبيب، والكاتبة في مجلة “سبكتاتور” The Spectator الأسبوعية البريطانية، ليمور سيموني فيلبوت: “لم يكن نجاح إسرائيل في قتل القيادي في حركة حماس صالح العاروري، في أكبر عملية اغتيال منذ بدء الحرب ضدّ حماس نجاحاً عمليّاً فحسب، بل هو خطوة في الاتجاه الصحيح لحمل حماس على التفاوض على اتفاق مؤقّت لوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، فضلاً عن كونه سيعزّز الروح المعنوية الإسرائيلية ويظهر أنّ إسرائيل قادرة على قتل قادة حماس، وأنّها عازمة على ذلك”.
اعتبرت الباحثة أنّ إسرائيل “خاطرت بقتل نشطاء حماس في لبنان. لكنّ استهداف قادة حماس هو أولوية للقيادة الإسرائيلية، إذ إنّه على الرغم من النجاحات في كشف وتدمير العديد من أنفاق الحركة في غزة وقتل الآلاف من الإرهابيين، فالتحدّيات لا تزال كبيرة وعدد الضحايا مرتفع، ولا يزال أمام قوات الدفاع الإسرائيلية أشهر من القتال، ومن المشكوك فيه أن تتمكّن من تدمير حماس بالكامل” .
سياسة الاغتيالات ستدفع قادة حماس إلى طاولة المفاوضات، وإلى خفض سقوف شروطهم السابقة، وستدفع قادة الحزب إلى مخابئهم، خوفاً من الاغتيالات
وصفت فيلبوت اغتيال العاروري الذي تعتبره إسرائيل “مهندس” هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأوّل 2023)، في الضاحية الجنوبية لبيروت بأنّه كان “متطوّراً للغاية”، و”يتطلّب معلومات استخبارية موثوقة لحظة بلحظة، كما يتطلّب استخدام أسلحة دقيقة”. فكان كما أظهرت الصور من مكان الحادث “موضعياً وتمّ احتواؤه بسرعة”.
الضغط على حماس للتفاوض
اعتبرت الباحثة أنّ قدرة إسرائيل على الوصول إلى العاروري وقتله في لبنان ستثير قلق قادة حماس الآخرين، وتؤكّد أنّها قادرة على قتلهم، وأنّها عازمة على ذلك. وتوقّعت أن يؤدّي هذا الاغتيال وعزم إسرائيل على الاستمرار بحملتها إلى فرض ضغوط على قادة حماس لحملهم على التفاوض على اتفاق مؤقّت لوقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة والذين يبلغ عددهم 130 رهينة. فمنذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار السابق قبل شهر تقريباً، رفضت حماس التفاوض، وطالب زعيمها في غزة، يحيى السنوار، بوقف دائم لإطلاق النار قبل أن تبدأ المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن. وقد رفضت حماس مبادرات مختلفة، معظمها قدّمتها مصر، ووصلت المحادثات إلى طريق مسدود.
رجّحت الباحثة أن يكون هذا الاغتيال الدراماتيكي خطوة في الاتجاه الصحيح لاستئناف هذه المحادثات، على الرغم من أنّ إسرائيل تتوقّع قبل أن يحدث أيّ شيء آخر أن يكون هناك ردّ فعل قاس من حماس، كما من الحزب أيضاً الذي لا يزال، في رأيها، يرغب في تجنّب التصعيد إلى حرب شاملة ضدّ إسرائيل، لكنّه قد يشعر بالتزامه تجاه حماس ويردّ بطريقة أكثر عدوانية، خصوصاً أنّ عملية القتل وقعت على أراضيه، وهو ما يرجّح أنّه دفع قادة الحزب إلى مخابئهم، خوفاً من الاغتيال.
إقرأ أيضاً: زاهر جبارين: مموّل 7 أكتوبر من تركيا إلى صرّافي بيروت
كما رجّحت الباحثة أن يؤدّي اغتيال العاروري أيضاً إلى هجمات من الخلايا الإرهابية في الضفة الغربية نظراً لأهمية هذا الرجل هناك. لكنّها أكّدت أنّه “سواء انطلقت هجمات انتقامية من غزة أو الضفة الغربية أو لبنان أو اليمن، فإنّ إسرائيل مستعدّة لهذه الاحتمالات، بما في ذلك احتمال شنّ هجمات ضدّ أهداف يهودية في الخارج”، وأنّه على الرغم من “دفع الإدارة الأميركية إسرائيل إلى التحوّل نحو حرب محدودة، وبدء جيش الدفاع الإسرائيلي بتخفيض قوّاته وتسريح جنود الاحتياط من الخدمة، ما زال هناك وقت حتى تتغيّر الحرب بشكل كبير في غزة. فإسرائيل حالياً، ومع رفض حماس التفاوض على وقف إطلاق النار، ستستمرّ في توسيع نشاطها العسكري في غزة، وفي قتل زعماء حماس”.
لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا