هناك 3 سيناريوهات يحتمل أن تستخدم الإدارة الأميركية أحدها لتأديب إيران ردّاً على قتل 3 جنود أميركيين وجرح 34 آخرين في هجوم بطائرة مسيّرة من ميليشيا حليفة لها على حدود الأردن – سوريا.
مصدر مطّلع قال لوكالة “بلومبرغ” إنّ الضربة ستجبر واشنطن على ردّ فعل أقوى ممّا اعتادت عليه المنطقة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، ردّاً على هجمات الحوثيين المدعومين من إيران الذين ضربوا سفن الشحن في البحر الأحمر. والاحتمالات هي التالية:
3 احتمالات “خطرة”
– أحد الاحتمالات، الأكثر ترجيحاً، بحسب مصدر “بلومبرغ”، هو القيام بعمل سرّي من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة تضرب إيران دون أن تدّعي الفضل في ذلك، لكنّها تبعث رسالة واضحة بغضّ النظر عن الطريقة والتوقيع. ويمكن لإدارة بايدن أيضاً أن تستهدف المسؤولين الإيرانيين، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب عندما أمر باغتيال الجنرال قاسم سليماني في بغداد عام 2020.
هناك 3 سيناريوهات يحتمل أن تستخدم الإدارة الأميركية أحدها لتأديب إيران ردّاً على قتل 3 جنود أميركيين وجرح 34 آخرين في هجوم بطائرة مسيّرة من ميليشيا حليفة لها على حدود الأردن – سوريا
هذا الهجوم يفرض على الرئيس الأميركي اتّخاذ قرار سيكون من أكثر القرارات أهمّية في رئاسته، أضاف هذا المصدر. بايدن يريد معاقبة منفّذي الهجوم وردع إيران عن أفعالها في المنطقة. لكنّ القيام بردّة الفعل هذه قد يضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع قادة طهران، التي اكتسبت المزيد من الجرأة في المنطقة منذ هجوم حماس، وشنّت هجمات في العراق وباكستان. كما يجب أن يأخذ في الاعتبار خطر حدوث مزيد من الاضطرابات الاقتصادية حيث تكافح الولايات المتحدة مع المسلّحين الحوثيين، وهو وكيل إيراني عطّل 12$ من التجارة العالمية بشلّ أحد أهمّ ممرات الشحن العالمي في البحر الأحمر. وتعهّد بايدن بالانتقام بعد الهجوم على قاعدة تسمّى البرج 22، تقع في شمال شرق الأردن بالقرب من حدود العراق وسوريا. وقال في بيان “سنحاسب كلّ المسؤولين في الوقت وبالطريقة التي نختارها”.
“سيتعيّن على إدارة بايدن اتّباع خطّ حسّاس للغاية من خلال محاولة الردّ بقوة كافية لاستعادة الحدّ الأدنى من الردع حتى لا يحدث هذا مرّة أخرى، مع تجنّب القيام بردّ يؤدّي إلى تفاقم الصراع”، قال جوناثان بانيكوف، مدير “مبادرة سكوكروفت الأمنيّة في الشرق الأوسط”، التابعة لـ”المجلس الأطلسي”، والنائب السابق لرئيس “المخابرات الوطنية في مجلس الاستخبارات الوطني”، وذلك في حديث لموقع “بلومبرغ”. لكنّ التحدّي الأكثر أهميّة في رأيه هو كيفية التعامل مع التهديد الإيراني.
التصعيد قد يهدّد مفاوضات غزّة
– الاحتمال الثاني هو التصعيد، بحسب مصدر “بلومبرغ”. غير أنّه يهدّد أيضاً بإحباط الجهود الأميركية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس ووقف الصراع بينهما في غزة، الذي أدّى إلى تأجيج التوتّرات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. خصوصاً بعد توجّه مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز إلى باريس لإجراء محادثات تهدف إلى وقف العنف لمدّة شهرين على الأقلّ مقابل إطلاق حماس سراح معظم الرهائن الباقين الذين احتجزتهم في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأوّل 2023) ضدّ إسرائيل. وهذه المحادثات، بحسب مصدر خاصّ بـ”بلومبرغ”، ليست لها أيّ ضمانة للنجاح نظراً لضرورة إقناع ليس فقط حماس، بل إسرائيل أيضاً، التي قاومت الضغوط لتخفيف حملتها العسكرية.
لقد تصاعد الضغط على بايدن لاتّخاذ إجراء مباشر ضدّ إيران، حيث ألقى الجمهوريون في الكونغرس باللوم عليه في ما وصفوه بـأنّها “ردود خجولة” على تصرّفات وكلاء إيران حتى الآن. وقال السيناتور روجر ويكر، العضو الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلّحة بمجلس الشيوخ إنّ “ردود إدارة بايدن حتى الآن لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من الهجمات. وقد حان الوقت للتحرّك بسرعة وحسم ليشاهده العالم أجمع.”
مصدر مطّلع قال لوكالة “بلومبرغ” إنّ الضربة ستجبر واشنطن على ردّ فعل أقوى ممّا اعتادت عليه المنطقة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، ردّاً على هجمات الحوثيين المدعومين من إيران الذين ضربوا سفن الشحن في البحر الأحمر
يخشى المحلّلون أن تكون الولايات المتحدة على وشك الانجرار إلى الصراع الإقليمي بعدما شنّت الولايات المتحدة عشرات الضربات ضدّ وكلاء إيران في العراق وسوريا، كما شنّت موجة من الضربات ضدّ الحوثيين في اليمن. لكن لم ينجح أيّ منها حتى الآن. وفي الواقع، يرى الجمهوريون مثل ويكر أنّ إيران اكتسبت المزيد من الجرأة.
الانسحاب الأميركي من المنطقة؟
– الاحتمال الثالث، الذي بات أقلّ ترجيحاً في هذه المرحلة، كما يرى المصدر، هو أنّ الولايات المتحدة قد تفكّر في سحب قواتها من الأردن وسوريا والعراق، حيث تمركزت كجزء من الجهود الرامية إلى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في السنوات الأخيرة. ومع انحسار هذا التهديد، ادّعى بعض النقّاد أنّ الولايات المتحدة كانت تعرّض جيشها للتهديدات دون سبب وجيه. لكنّ سحب هذه القوات اليوم قد يُنظر إليه على أنّه هديّة لإيران، التي تتمتّع بنفوذ واسع على الحكومة العراقية والقوات المسلّحة في سوريا. لا سيما أنّ الأردن طلب أخيراً من الولايات المتحدة والدول الصديقة الأخرى تزويده بالأسلحة اللازمة لتعزيز الأمن على حدوده مع العراق وسوريا، بحسب ما نقلت وكالة “بترا” الرسمية للأنباء عن المتحدّث باسم الحكومة.
“الأردن شريك أمنيّ منذ فترة طويلة”، قال لوكالة “بلومبرغ” عضو أولويات الدفاع وضابط مشاة البحرية الأميركي السابق جيل بارندولار، “لكن علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان وجود القوات الأميركية في العراق وسوريا يستحقّ ذلك”.
إقرأ أيضاً: هل حانت “اللحظة العظيمة” لإيران النوويّة؟
في الخلاصة، حذّر دينيس روس، الذي شغل منصب مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط في عهد الرئيس بل كلينتون، إنّ الولايات المتحدة الأميركية “ستحتاج إلى التفكير أكثر في ما تفعله حتى يفهم الإيرانيون أنّه يوجد خطر هنا، وهي ليست مخاطرة يريدون القيام بها”. وأضاف: “إذا ردّينا بالطريقة التقليدية التي اعتمدناها حتّى الآن، فإنّنا نبعث لهم برسالة تطمين كي يستمرّوا في ضربنا من دون أيّ كلفة”.
لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا