جديد الخماسيّة: فصل لبنان عن غزّة… والرئاسة عن الحكومة

مدة القراءة 5 د


لم يكن تحرّك اللجنة الخماسية المعنيّة بالملفّ اللبناني أخيراً ناجماً من فراغ، إنّما اختيار توقيته جاء بعناية وفق ما يشير مصدر دبلوماسي مواكب للتطوّرات التي تحصل في المنطقة في حديث لـ”أساس”.

الهمّ الأساسي لـ”الخماسية” هو منع تدهور الصراع إلى ما هو أخطر في لبنان، ومحاولة تجنيبه الحرب الواسعة، خصوصاً في ضوء الرسائل التهديدية الإسرائيلية التي يتمّ نقلها باستمرار إلى المسؤولين اللبنانيين والحزب. وبالتالي تريد الدول الخمس إظهار موقف واضح يبدي الاهتمام بالواقع اللبناني كي لا تستسهل إسرائيل القيام بأيّ خطوة تصعيدية.

هذا الهدف يلتقي أيضاً مع الاهتمام العربي والخليج بلبنان من بوّابة عدم المساس بأمنه القومي انطلاقاً من الثوابت نفسها التي يتمحور حولها موقف دول الخليج، وهو رفض المساس بالأمن القومي العربي ككلّ، وخصوصاً في الأردن ومصر. 

يُفترض بالكتل النيابية أن تعقد لقاءات فيما بينها، إمّا ثنائية أو ثلاثية، أو أنّ كلّ كتلة توفد ممثّلاً عنها لحضور اجتماع موسّع للكتل لمناقشة هذه المعايير والاتفاق عليها قبل الدخول بالأسماء

يشير مصدر دبلوماسي مواكب لمسار الخماسية ولتطوّرات الوضع في المنطقة، إلى أنّ المفاوضات الحاصلة هدفها الوصول إلى هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة، وبالتزامن معها يبدأ الحديث في أفق الحلّ السياسي وخارطة الطريق. في المقابل، لا بدّ للدول الخمس من التحرّك في لبنان أيضاً لفصل مساره عن مسار غزة أوّلاً، ولفصل الاستحقاقات السياسية، خصوصاً رئاسة الجمهورية، عن تطوّرات الوضع في الجنوب، والأهمّ أيضاً فصل مبدأ المقايضة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، لأنّ الأمر لا يُحلّ بهذه الطريقة.

برّي يؤيّد “خريطة” الخماسيّة

حضرت كلّ هذه العناوين في الاجتماع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والسفراء الخمسة، الذين وضعوه في صورة خارطة الطريق التي تمّ العمل عليها خلال الاجتماع الخماسي الذي عقد في دارة السفير السعودي الخميس الفائت. وبحسب ما تشير مصادر متابعة فإنّ بري أبدى تأييداً لكلّ هذه الطروحات. 

الهدف الأساسي من زيارة بري إلى جانب الزيارات التي ستجري لاحقاً للمسؤولين اللبنانيين، هو إظهار موقف موحّد للدول الخمس، بدون الدخول في التفاصيل أو الأسماء أو المرشّحين، مع تحميل مسؤولية ذلك للّبنانيين، والتأكيد أنّ مهمّة اللجنة الخماسية هي “الإشرافيّة” على الالتزام بالمحدّدات والمعايير التي تمّ التوافق عليها. على هذا الأساس ستتحدّد زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان الذي سيأتي ليبلغ المسؤولين اللبنانيين بخلاصات جمعها من زياراته الأربع، وهي الإشارة بوضوح إلى ضرورة الانتقال نحو البحث عن مرشّح ثالث وتجاوز الأسماء السابقة، انطلاقاً من المعايير التي قدّمتها الكتل النيابية إمّا كتابة أو بشكل شفهي للمبعوث الفرنسي.

يشير مصدر دبلوماسي مواكب لمسار الخماسية ولتطوّرات الوضع في المنطقة، إلى أنّ المفاوضات الحاصلة هدفها الوصول إلى هدنة طويلة الأمد في قطاع غزة، وبالتزامن معها يبدأ الحديث في أفق الحلّ السياسي وخارطة الطريق

بعد ذلك، يُفترض بالكتل النيابية أن تعقد لقاءات فيما بينها، إمّا ثنائية أو ثلاثية، أو أنّ كلّ كتلة توفد ممثّلاً عنها لحضور اجتماع موسّع للكتل لمناقشة هذه المعايير والاتفاق عليها قبل الدخول بالأسماء. ومن بين هذه المعايير:

– مواصفات الرئيس.

– عدم الخروج بمعادلة منتصر ومنكسر.

– الالتزام باتفاق الطائف والميثاق الوطني.

– البنود الاقتصادية والماليّة الإصلاحية.

بعدها يتمّ الانتقال إلى النقاش في مواصفات الشخص الذي تنطبق عليه هذه المحدّدات. وبذلك يكون اللبنانيون قد تحمّلوا مسؤوليّاتهم تحت سقف المعايير الدولية المطلوبة بدون أيّ تدخّل خارجي.

لحظة تاريخيّة في المنطقة

تبدو الخماسية واثقة من أنّ هذا المسار سيقود إلى نتيجة إيجابية في النهاية، نظراً لكلّ التطوّرات التي تشهدها المنطقة. وبالتالي هناك لحظة تاريخية ومفصليّة للوصول إلى اتفاق، وذلك لتجنّب التصعيد وفي سبيل إعادة تكوين السلطة.

إقرأ أيضاً: الحزب مستغرباً حراك الخماسيّة: لا رئيس قبل نهاية الحرب

لا تغيّب الخماسية، في نظرتها للوقائع، الوضع في الجنوب، والإشارات المتعدّدة التي أعطاها الحزب حول رفضه الإنجرار إلى حرب واسعة، أو إعلانه عن الالتزام بالمصلحة الوطنية اللبنانية. وبالتالي فإنّ هذا خطاب لا بدّ أن يكون منطوياً على استعداد إيجابي للنقاش من خارج قاعدة الغالب والمغلوب، أو استثمار ما جرى في الجنوب في السياسة الداخلية. فكما أنّ المطلوب هو عدم تصعيد الحرب في الجنوب، كذلك مطلوب نسج تسوية متكاملة في الداخل، بدون أن يقبض الحزب ثمناً ومن دون أن يدفع ثمناً أيضاً. فمن بين الإشارات التي أعطاها الحزب أنّه يريد انتخاب رئيس يكون قادراً على تحمّل مسار تطبيق القرار 1701، خصوصاً أنّ الحزب لا يريد الدخول في حرب واسعة ولا يريد استمرار الإستنزاف العسكري أو السياسي والاقتصادي في الداخل. وهذا في النهاية سيقود إلى أرضية مشتركة نحو تسوية متوازنة.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…