الحزب مستغرباً حراك الخماسيّة: لا رئيس قبل نهاية الحرب

2024-01-27

الحزب مستغرباً حراك الخماسيّة: لا رئيس قبل نهاية الحرب


الباحث عن الرئاسة في قاموس الحزب هذه الأيام كالباحث في المستحيل. لا مستجدّ يستوقفه سوى سرديّات لا تركن إلى أسس متينة. من حركة الموفدين على اختلافهم نلتمس أنّ هذا الإستحقاق لم يعد يحتلّ صدارة البحث. منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة وفتح الحزب جبهة المساندة انطلاقاً من جنوب لبنان تحوّل الاهتمام الدولي إلى ضمان عودة الهدوء على الجبهة الشمالية.

إعادة الأمان إلى إسرائيل وعودة المستوطنين إلى المستوطنات الشمالية باتتا شغلهم الشاغل والهمّ الأهمّ، بحيث لم يعد أيّ منهم يستفسر عن المرشّحين وموعد الانتخاب بقدر ما يقدّم عروضاً تنهي ضربات الحزب انطلاقاً من جبهة الجنوب. أمّا على المستوى الرئاسي فالأمور على حالها من ناحية المقرّر الأوّل رئاسياً وهو التمسّك برئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشحاً للرئاسة.

هي حرب حقيقية مشتعلة في ساحة الجنوب تتوسّع بقعتها يوماً بعد يوم. هي حرب وقائية لأنّ للحزب اعتقاداً راسخاً بأنّ إسرائيل كانت ستشنّ حرباً عليه لولا أن تبلّغت أنّ الحرب هذه المرّة ستعرّض مصيرها للاهتزاز

الحزب متفرّغ للحرب

في الوقت الراهن يجنّد الحزب طاقته واهتمامه لجبهة الحرب التي يقودها ضدّ إسرائيل في جنوب لبنان. حماوة الجبهة تزداد يوماً بعد يوم. مخاطر توسّع الحرب الإسرائيلية ترتفع. قبل يومين أبلغت مصادر دبلوماسية جهات معنيّة عزم إسرائيل توجيه ضربة قوية إلى الجنوب اللبناني في غضون أسبوعين. تلك الحرب التي يستعدّ الحزب لخوضها معلناً أعلى درجات التأهّب والاستنفار واستبقها بشنّ هجمات قاسية على الداخل الإسرائيلي، إذ أطلق الليلة الماضية والتي سبقتها صليات من الصواريخ مستهدفاً أماكن عسكرية حسّاسة اعترف بها الإعلام العبريّ.

فرق بين ما يبحث عنه السياسيون في أروقة الدبلوماسيين وما يهتمّ لشأنه الحزب. طرف يتتبّع أخبار اللجنة الخماسية باحثاً عن طيف رئيس بين خبايا لقاءات السفراء ويتقصّى عن بُعد موعداً لاجتماع اللجنة الخماسية “الرئاسية” لم يتصاعد دخانه الأبيض بعد، وآخر يركّز جلّ اهتمامه على الحرب التي يخوضها ويقول إنّه لم يستخدم فيها أكثر من عشرة في المئة من طاقته العسكرية من الأسلحة والصواريخ الجديدة.

هي حرب حقيقية مشتعلة في ساحة الجنوب تتوسّع بقعتها يوماً بعد يوم. ولو أنها وقائية لأنّ للحزب اعتقاداً راسخاً بأنّ إسرائيل كانت ستشنّ حرباً عليه لولا أن تبلّغت أنّ الحرب هذه المرّة ستعرّض مصيرها للاهتزاز.

الحرب الدبلوماسيّة

إلى جانب الحرب العسكرية هناك حرب دبلوماسية تُخاض بين الطرفين بواسطة الرسائل التحذيرية التي يتلقّاها الحزب ويجيب على مضمونها بأقسى منها. لا اهتمام يعلو على جبهة الحرب جنوباً المرتبطة بحرب غزة. وهو ما يعني أنّ الرئاسة دخلت حيّز التسوية التي ستنهي الحرب على غزة. السؤال عن الرئاسة لدى الحزب يأتي جوابه بكلمتين “لا شيء جديداً”.

لا يزال الحزب يرى أنّ لفرنجية حظوظاً رئاسيةً ما لم يوجد مرشّح ثانٍ في مواجهته، فيما لا اتفاق بين قوى المعارضة في لبنان أو بين أعضاء الخماسية على مرشّح ثالث بعد

يستغرب الحزب تحرّك الخماسية والجديد الذي فرض انطلاقتها مجدّداً على مستوى رئاسة الجمهورية. في الوقت الحاضر لم يطرأ أيّ تغيير من جهته رئاسياً. فهو ثابت على موقفه من ترشيح سليمان فرنجية. وأغلب الظنّ لديه أنّ الخماسية تعمل على تحضير الأرضيّة لما بعد انتهاء حرب غزة وليس انتخاب رئيس عمّا قريب، وأنّ الدول تتسابق فيما بينها على أن تكون السبّاقة إلى لعب دور المهندس للاستحقاق مستقبلاً.

في الوقت الراهن لا يعوّل الحزب على نتائج عمل الخماسية، ولا يأمل نتائج قريبة من حركة سفرائها، وكلّ الأخبار التي يتلمّسها تشير إلى وجود تباينات في وجهات النظر بين الدبلوماسيين الخمسة وعدم اتّفاقهم بعد على المرشّح الثالث.

لا يزال الحزب يرى أنّ لفرنجية حظوظاً رئاسيةً ما لم يوجد مرشّح ثانٍ في مواجهته، فيما لا اتفاق بين قوى المعارضة في لبنان أو بين أعضاء الخماسية على مرشّح ثالث بعد.

لكلّ من دول الخماسية موّالها، وفقاً للمعلومات التي لدى الحزب. فلا حراك أميركيّاً جدّياً في الرئاسة، وتراجعت فرنسا لكنّ عودتها متوقّعة.

أمّا المملكة العربية السعودية فعينها بعد المواصفات على فصل الاستحقاق الرئاسي عن ساحة غزة وتحييد لبنان قدر المستطاع، وهو كان الموضوع الأساس الذي احتلّ صدارة البحث في الاجتماع الذي جمع سفير المملكة وليد البخاري مع نظيره الإيراني مجتبى أماني. بينما آثر الدبلوماسي الإيراني إضفاء حيّز من الأهمية على الاجتماع الذي رأى فيه دخولاً وإن غير مباشر لإيران إلى الخماسية بحيث نقلت مصادر مطّلعة أنّ جدوى ما بحثه سيكون محور بحث في اجتماع الخماسية، كانت مصادر مقرّبة من البخاري تكتفي بالقول إنّ الاجتماع كان ودّيّاً وأدرجته في سياق التأكيد على العلاقة المتينة بين البلدين، واستطراداً تحدّثت عن تأكيد تمرير الاستحقاقات في لبنان.

إقرأ أيضاً: صادر لـ”أساس”: العدل الدوليّة كالدستوريّ في لبنان

من بعيد يراقب الحزب ما يصدر عن سفراء الخماسية وحراكهم. وحده الموفد القطري على تماسّ معهم بعد الفرنسي المتواري عن الأنظار حالياً. أكثر ما يستخف به الحزب هو المقايضة بين تنفيذ القرار الدولي 1701 والرئاسة، وهي الصيغة المرفوضة تماماً لديه. الحزب وإن لم يعلن ربط الرئاسة بمصير غزة إلا أنّه يتصرّف على هذا الأساس. لا يرفض أيّ حراك رئاسي داخلي وينفتح على كلّ المبادرات ويترك لشريكه في الثنائية رئيس مجلس النواب نبيه برّي تولّي المهمّة مع الإصرار على ترشيح فرنجية وإن استمرّ سبباً في الابتعاد عن حليفه المفترض، أي التيار الوطني الحر. ما لا يقوله الحزب ويتصرّف على أساسه هو أن لا رئيس ما لم تنتهِ الحرب وتدخل المنطقة في تسوية إمّا تقنع الخصوم بترشيح فرنجية أو تقنع الحزب بالتخلّي عنه، وأيّ شي من هذا أو ذاك لم يظهر للعلن بعد.

مواضيع ذات صلة

سلامة والمظلّة السّياسيّة: الكلمة للقضاء

تتّجه كلّ الأنظار غداً الإثنين إلى قصر العدل حيث يُساق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول أمام قاضي التحقيق الأوّل بلال حلاوي لاستجوابه واتّخاذ قرار…

العمامة الوطنيّة والعمامة التّكفيريّة

تسود الشارع السنّي حالة من الاستقطاب الديني النزعة على خلفيّة حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وما يعرف بحرب الإسناد في جنوب لبنان، ويمكن اختصار…

تعويم الجماعة في ذكرى “الطّوفان”: الأيّوبيّ منسّقاً للمؤتمر القوميّ الإسلاميّ

في خطوة بالغة الأهمّية بتوقيتها ومضمونها تستضيف بيروت في الأول من شهر تشرين الأول المقبل الدورة الجديدة للمؤتمر القومي – الإسلامي، وستكون معركة طوفان الأقصى…

ثلاث سوابق مارونيّة “تنتخب” الرّئيس المقبل

ثلاث سوابق لم يشهدها لبنان في تاريخه السياسي الحديث تكمن أهميّتها ليس فقط في حصولها بل في تزامن بعضها مع بعض مع قاسم مشترك وحيد…