في رسالة الميلاد اختصر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عناوين المرحلة المقبلة بكلّ ما لها وما عليها من إشكاليّات مطروحة في المشهد السياسي. فبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق هو بطريرك موارنة غزة أيضاً، في ذلك القطاع الذي كان المسيحيون فيه يوماً ما حاضرين أكثر قبل تغيّر الديمغرافيا.
غير أنّ نجاح حركات المقاومة الإسلامية في رفع رايات الدين في مقاومتها الاحتلال الإسرائيلي لا يسقط عن هذه القضية إنسانيّتها. فيسوع ابن الناصرة أوّلاً وأخيراً. وفي بيت لحم ولد ودخل فاتحاً أورشليم قبل أكثر من ألفَي عام.
كيف يقارب بطريرك موارنة أنطاكيا وسائر المشرق الحرب على غزة والحرب في لبنان والوضع الأمنيّ في الجنوب انطلاقاً من الواقع اللبناني الخاصّ. هذه ستكون عناوين العام المقبل التي لن تتفرّد بها بكركي بل ستكون منسجمة إلى حدّ كبير مع توجّه فاتيكاني عينه على لبنان للوصول إلى ما يسمّى “واقعاً جديداً سيولد بعد حرب غزة”.
عظة الميلاد: عناوين المرحلة
ثلاثة عنوان رئيسية حملتها عظة الميلاد:
1- حرب غزة.
2- أمن جنوب لبنان والقرار 1701.
3- حياد لبنان وإعلان بعبدا.
بكركي تدرك ذلك تماماً كما القوى السياسية المختلفة. بين الصرح وعين التينة علاقة ممتازة، وبين الصرح والسراي علاقة تنسيق مستمرّ يحرص عليها ميقاتي
العناوين الثلاثة ليست جديدة على الصرح البطريركي، إلّا أنّ معالجتها في السياق السياسي المقبل ستكون مرتبطة بما ينتظر المنطقة من تحوّلات. لا شكّ أنّ الجميع غارق في ضبابية المشهد الذي سيلي الحرب، لأنّ أيّاً من القوى لم تصل بعد إلى نتيجة حتمية لمعركتها. وبينما الحرب لا تزال في أوجها، في غزة وفي جنوب لبنان معاً، بدأت بعض من الثوابت ترسم خريطة العام المقبل. أبرز هذه الثوابت المتعلّقة بعناوين بكركي، وهي بالمناسبة مستوحاة من عمل سياسي يحاك في كواليس الفاتيكان، هي القرار 1701 بما فيه تثبيت الحدود الجنوبية والنقاط المتنازع عليها. وفي المعلومات أنّ مقاربة الـ1701 دوليّاً لن تبقى على ما هي عليه، بل ما سيدعمها فعلاً هو العمل على تثبيت النقاط الحدودية، وهي مهمّة سيبدأ العمل عليها عبر موفدين دوليّين مطلع العام المقبل.
أمّا الحدود وانتشار الحزب فلا يخفى على كلّ المراجع الدولية أنّ الحزب هو من أبناء الأرض، لكنّ “تراجعه” سيكون عبر تفكيك بعض المراكز التابعة له على الحدود تحت مسمّيات جمعيات بيئية، كجمعية “أخضر بلا حدود” الموضوعة تحت العقوبات. لا يخفى على الصرح واقع الجنوب المتّصل بأهل الأرض المنتمين إلى الحزب. بذلك فإنّ الصرح معنيّ مباشرة باستمرار الحوار مع الحزب عبر اللجنة المعنيّة بذلك. لا إمكانية لفتح أبواب صدامات جديدة. الجميع مدرك لذلك، وبالتالي فإنّ معالجة العناوين الإشكالية لن تحصل بالمواجهة هذه المرّة، بل ينتظر الجميع واقعاً جديداً يُرسم تحت النار في غزة والجنوب على أن يصبح واضحاً بعد أشهر من بداية هذا العام.
الصرح: بعد التمديد رئاسة الجمهوريّة
في التمديد، كان الصرح واصلاً عن نتيجة المعركة المباشرة التي خاضها. بل هو مبارك أيضاً لما يمكن أن يقرّه مجلس الوزراء في رئاسة الأركان انطلاقاً من حاجة قيادة الجيش إلى رئيس أركان يتولّى المهامّ بغياب قائد الجيش. في الرئاسة كذلك. يدرك الصرح من خلال زائريه الدوليين أنّ حشداً دبلوماسياً مقبلاً على البلد للدفع إلى إجراء الاستحقاق. لا يعني ذلك انتظار معركة غزة. بل بدأ الكلام جدّياً عن أنّ رئيس الجمهورية سيُنتخب قبل انتهاء المعركة ليكون لبنان ممثّلاً برئيس يجلس إلى طاولة المفاوضات متى أصبحت جاهزة.
إقرأ أيضاً: باسيل والحزب: الجيش هو “الغطاء المسيحيّ”؟
بكركي تدرك ذلك تماماً كما القوى السياسية المختلفة. بين الصرح وعين التينة علاقة ممتازة، وبين الصرح والسراي علاقة تنسيق مستمرّ يحرص عليها ميقاتي. وكأنّ غضب الأيام السابقة للتمديد انتهى بشبه تفاهم ضمني على المسار المقبل. التمديد ثمّ الرئاسة ثمّ الحكومة، وذلك وفق رؤية داخلية خارجية ستصبح أكثر وضوحاً في الأشهر الأولى من العام المقبل.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@