لا يَضغَط عامل الوقت على الحكومة في شأن تعيين رئيس أركان كما استحقاق التمديد لقائد الجيش الذي كان مَحكوماً بضرورة بتّه قبل إحالة العماد جوزف إلى التقاعد في 10 كانون الثاني. عبّر عن هذا الاتّجاه بوضوح وزير “تيار المردة” جوني القرم بقوله: “بكّير بعد على تعيين رئيس أركان”.
لذلك سيخضع التعيين للمزيد من “المَغِط” في ظلّ معطيين اثنين: استياء قائد الجيش الواضح من عدم إمكانية سفره إلى الخارج و”تكبيله”، واستياء النائب السابق وليد جنبلاط من عدم الأخذ بمطلبه الذي يؤخّره فعليّاً فيتو جبران باسيل على التعيين و”ختم” وزير الدفاع أكثر بكثير من “مناورة” سليمان فرنجية داخل مجلس الوزراء حيث أبدى “تيار المردة” انفتاحاً على التعيين بعد إقرار التمديد. لسان حال المحيطين بـ “البيك”: “ترتيبات تفادي الشغور في كلّ المواقع أرضت الجميع ثمّ وقفت عنّا”.
لا يَضغَط عامل الوقت على الحكومة في شأن تعيين رئيس أركان كما استحقاق التمديد لقائد الجيش الذي كان مَحكوماً بضرورة بتّه قبل إحالة العماد جوزف إلى التقاعد في 10 كانون الثاني
بين سليم وميقاتي: شدّ حبال
جولات تبادل الكتب بين ميقاتي ووزير الدفاع أوحت بأنّ احتمال التعيين يتقدّم، وما لم تتمكّن الحكومة من فعله حيال تأجيل تسريح قائد الجيش قد تتّكئ على فتوى “سياسية” مغلّفة باجتهاد قانوني من أجل تعيين رئيس أركان، أو بكلّ بساطة إقناع وزير الدفاع بالقيام بدوره برفع اقتراحات بأسماء ضبّاط لتعيينهم أعضاء في المجلس العسكري كما وَعَد بذلك، لكن قبل إقرار التمديد في مجلس النواب.
آخر جولات تبادل “التعليمات” رُصِدت من خلال الكتاب الذي وجّهه ميقاتي يوم الإثنين إلى الوزير موريس سليم وأكّد فيه ضرورة ملء الشغور في كلّ مواقع المجلس العسكري (رئاسة الأركان، المديريّة العامّة للإدارة، المفتشية العامّة)، مشيراً إلى ما ينتج عن الشغور “من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار وما يرتّب من مسؤوليّات تطال الحكومة ورئيسها الذي يُصبح بدوره مسؤولاً عن أيّ تقصير من وزير في حكومته”، طالباً من وزير الدفاع “بالسرعة القصوى رفع الاقتراحات اللازمة وتحديد الإجراءات العملية لسدّ الشغور في المراكز الثلاثة الشاغرة، وبخاصة رئاسة الأركان، ليُبنى على الشيء مقتضاه”.
سليم: جاهز ولكن!
أمّا جواب وزير الدفاع أمس على ما يُشبه التهديد الحكومي بالتصرّف بناءً على ما سيصدر عن سليم من إجراءات حيال الشغور المستمرّ في المجلس العسكري “المناط به معاونة قائد الجيش في مهامّه”، فقد ركّز على الاجتماع الذي عقده سليم مع ميقاتي في 18 تشرين الأول الماضي حول “التفاهم على إيجاد الحلول في قيادة الجيش مع المؤسّستين المعنيّتين، وأيضاً رئاسة الأركان، إنّما بعد التفاهم السياسي الذي أشرتم إليه في كتابكم”.
أضاف سليم في كتابه: “ولأنّه بعد إقرار قانون رفع سنّ التقاعد لقائد الجيش في مجلس النواب، فإنّنا بانتظار نهائية وضع هذا القانون، سنبقى جاهزين للعمل معكم لمعالجة هذه المسألة”. هي نافذة أبقاها وزير الدفاع مفتوحة مع الحكومة مع ربطها بمصير قانون التمديد لجهة احتمال الطعن به ثمّ صدور نتيجة الطعن عن المجلس الدستوري.
هنا تشير مصادر مطلعة إلى إمكان إصدار قرار بتكليف رئيس أركان وليس تعيينه إلى حين بتّ مصير قانون التمديد.
لكن مساء أمس أصدر الوزير سليم بياناً ردّاً على ما وصفه “بحملات التعمية”، متّهماً ميقاتي “بالوقوع في التناقضات حيث يكرّر دائماً بأن لا تعيينات فئة أولى في غياب رئيس الجمهورية ثم يطلب من وزير الدفاع أن يقترح أسماء لتعيينات في وزارة الدفاع هي من الفئة الأولى”.
كما أعلن سليم عن “جهوزيته لتقديم اقتراحات بتعيينات شاملة في مؤسسات وزارة الدفاع شرط توافر التوافق الوطني على إجرائها وأن لا تكون مفصّلة على قياس أحد”.
تشير مصادر مطّلعة إلى محاولة وزير الدفاع إقناع رئيس الحكومة بإصدار قرارٍ بتكليف رئيس أركان وليس تعيينه إلى حين بتّ مصير قانون التمديد
التوقيع على القانون
على خطّ موازٍ، دخلت جلسة الحكومة على خطّ تعزيز جبهة التوتّر بين باسيل والحزب. فقد “لَطَش” رئيس التيار الوطني الحرّ الحزب عشيّة الجلسة بإشارته إلى ضرورة “تصحيح الخطأ الذي ارتكبه في مجلس النواب”. فجلسة الأمس كانت في جوهرها جلسة التوقيع على قانون التمديد نيابة عن رئيس الجمهورية وليس جلسة تعيين رئيس الأركان.
لذلك حاول باسيل حَشر الحزب الذي غادر قاعة الهيئة العامّة عند إقرار التمديد، اعتراضاً على القانون وإرضاءً لباسيل. الأخير صعّد منذ أيام ضدّ حليفه خلال مناسبة حزبية للتيار في منطقة بعبدا قائلاً: “لا نقف مع حليف فقط لأنّه حليف ولو كان مخطئاً، بل عليه أن يُصحّح الخطأ ويسير معنا على الطريق الصواب. ومن يُحِبّ أن يُرضينا فليس بالكلام الجميل ولا بالعلاقة الشخصية، لأنّ القصّة قصّة مواقف تحفظ البلد”.
باختصار، أراد باسيل أن يُقاطِع الحزب جلسة الحكومة، ولو فَرَط نصابها، انسجاماً مع موقفه “المُقاطِع” في مجلس النواب كي يُثبِت فعلاً وقوفه إلى جانب ميشال عون و”التيار”، أو أن لا يوافق على توقيع رئيس الحكومة على قانون التمديد نيابة عن رئيس الجمهورية.
من الآخر، قال باسيل أمام القريبين منه: “ما بيقدر الحزب يرفض التصويت على القانون في مجلس النواب وينسحب من الجلسة، ثمّ يُشارِك في جلسة الحكومة ويؤمّن نصابها ويوافق على توقيع ميقاتي على القانون. هذا انفصام “ما بيمرق علينا”.
إقرأ أيضاً: باسيل في طرابلس: “حُلم” البترون… وظلال “عداوة” قديمة
لكن بالوقائع، كان وزيرا الحزب علي حمية ومصطفى بيرم من أوّل الواصلين إلى السراي أمس، وخلال الجلسة وقّع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على قانون التمديد لقائد الجيش نيابة عن رئيس الجمهورية بموافقة 19 وزيراً كما أعلن وزير الإعلام زياد مكاري عقب انتهاء الجلسة.
لاحقاً أوضح وزير الإعلام في تعليق على منصّة “إكس”: “جميع الوزراء الحاضرين وافقوا على إصدار القوانين (بينها قانون رفع سنّ التقاعد) ولم يوقّعوا عليها وفقاً للآليّة المعتمدة التي أضفى المجلس الدستوري عليها المشروعية الدستورية”.
لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@