يبدو أنّ تكتّل الاعتدال الوطني قد انتزع وعداً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأن يترافق إقرار تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون مع تأجيل تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.
في الطريق إلى إقرار التمديدين، كلام جدّي في الكواليس عن رئاسة الجمهورية. فبعدما كان مقرّراً أن يطرح وزير البيئة ناصر ياسين من خارج جدول الأعمال اقتراح تأجيل التسريح، بصفته منسّقاً لـ”لجنة الطوارئ”، على أن يستند إلى الأزمة الأمنيّة التي يمرّ بها لبنان ربطاً بالحرب في غزّة وبالاشتباك على الحدود الجنوبية، تراجع ياسين بعدما تباحث مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل انعقاد الجلسة. فقد طلب منه الأخير أن يتريّث بهذا الطرح، على أن يقدّم ياسين اقتراحه الأسبوع المقبل على طاولة جلسة مجلس الوزراء. وفي معلومات “أساس” أنّ طلب ميقاتي جاء على خلفية تمنٍ من الحزب بالتريث لعرض هذا الملف بانتظار المزيد من التشاور لا سيما وأنّه في الوقت نفسه يحاول الوصول مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل على توافق على هذا الملف.
الآليّة القانونيّة والعودة القطريّة
لدى السؤال عن الآلية القانونية، أصبح معروفاً أنّ الأمانة العامّة لمجلس الوزراء قد أنهت الدراسة القانونية لاقتراح الحلول القانونية لتفادي الشغور. لكنّ الدراسة لم توزَّع بعد على الوزراء. وفي الأيام المقبلة سيتمّ توزيعها لعرضها تمهيداً للعمل على أساسها في الجلسة المقبلة. لكنّ الأساس في هذه الدراسة أنّ ما يمكن أن يقترحه وزير واحد يمكن أن تقترحه الحكومة في حال الطوارئ، وفي حال تمنّع الوزير المختصّ عن القيام بواجباته. وهي دراسة محكمة سيبنى عليها قرار تأجيل التسريح بعد حصوله على التوافق السياسي العامّ.
في المعلومات أنّ عودة ليس مقرّباً من الحزب التقدّمي الاشتراكي وأحمدية مقرّب من النائب السابق طلال أرسلان
في المعلومات أنّ تقاطعاً تمّ تسجيله بين “الثنائي الشيعي” وبكركي ومن خلفها الفاتيكان، على عدم التعيين في ظلّ غياب رئيس الجمهورية وعلى عدم إحداث شغور في موقع قيادة الجيش. وينتظر برّي حراكاً قطرياً بينما تنشغل الأوساط السياسية بإيجاد توافق على التمديد لقائد الجيش، وكلام آخر صدر في عين التينة عن عودة الحراك القطري حول الرئاسة اللبنانية في المرحلة المقبلة. وفي التفاصيل أنّ رئيس المجلس منفتح على استئناف المساعي الرئاسية التي عملت عليها قطر تحت مظلّة اللجنة الخماسية.
في المعلومات أنّ هذا الحراك سيعود إلى المشهد السياسي اللبناني لحسم الملفّ الرئاسي، بعدما تحوّل إلى عبء على الجميع. لكن بالطبع بعد انتهاء الحرب في غزّة. ترافق هذا مع بحث في إقرار هدنة إنسانية في القطاع يمكن أن تكون مدخلاً لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب. وبناء على ما سيفرزه المشهد الإقليمي من المرجّح أن تعود اللجنة الخماسية إلى العمل على الملفّ الرئاسي اللبناني لحسمه عن طريق قطر بصورة عاجلة.
الرئاسة بعد حرب غزّة
هذا الكلام أكّده عضو تكتل الجمهورية القوية النائب ملحم الرياشي، الذي أشار إلى أنّ ملف الرئاسة سيُحسم فور انتهاء الحرب في غزّة وفق رؤية الدوحة للحلّ على أن يعود موفدها إلى بيروت.
تقاطع الأجواء الرئاسية هذه ليس بعيداً عن انتظار اجتماع إيراني سعودي ستكون على جدول أعماله ملفّات المنطقة ومن ضمنها لبنان. لكنّ المراقبين يعتبرون أن لا شيء سيتغيّر حول لبنان على مستوى الإرادة الدولية لانتخاب رئيس يوفّر أكبر مستوى من التوافق بين القوى السياسية، وبالتالي على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”. وبانتظار أن يتحوّل قرار الهدنة إلى قرار وقف إطلاق نار وما يتبعه من عملية سياسية في فلسطين وفي لبنان، تزدحم الأوساط السياسة حالياً ببند التمديد لقائد الجيش جوزف عون بانتظار الرئاسة. في الحكومة أو في المجلس: تمديد لستّة أشهر. يفضّل رئيس المجلس أن يحصل التمديد في الحكومة وليس في مجلس النواب. وعليه يفترض أن يطرح الأسبوع المقبل. ولكن إذا لم يحصل ذلك لسبب معيّن فسيدعو الرئيس برّي إلى جلسة تشريعية على جدول أعمالها قوانين محوّلة من اللجان أوّلاً، وبعدها اقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة. وهذا يعني أنّ الرئيس برّي لن يسمح لنواب القوات اللبنانية أن يحضروا الجلسة للتصويت على بند واحد وأن ينسحبوا بعده.
قالت مصادر سياسية إنّ التأخير في إقرار تأجيل التسريح لا يعود فقط إلى انتظار نضوج التوافق حوله بل انتظار حلّ الإشكالية المتعلّقة برئاسة الأركان
في المقابل، كان لافتاً موقف القوات اللبنانية التي أبدت مرونة استثنائية في الاستجابة لطلب الرئيس برّي تحت عنوان “المصلحة العليا”. وعليه لن تكون كأساً مُرّة ستتجرّعها القوات في الانقلاب على موقفها الثابت بعدم المشاركة في جلسات تشريعية، بل ستشارك في التصويت على كلّ القوانين وصولاً إلى القانون المعجّل المكرّر، لضمان حصول التمديد لقائد الجيش. لكن بانتظار أن يصل الملفّ إلى مجلس النواب عليه أن ينهض من مجلس الوزراء.
تقول معلومات “أساس” إنّه لا يزال بحاجة إلى إنضاج سياسي، لا سيما مع تهديد التيار الوطني الحر بالطعن بالقرار بعد صدوره في مجلس شورى الدولة.
قالت مصادر سياسية إنّ التأخير في إقرار تأجيل التسريح لا يعود فقط إلى انتظار نضوج التوافق حوله بل انتظار حلّ الإشكالية المتعلّقة برئاسة الأركان. فبعدما كان مطروحاً أن يتمّ التعيين في رئاسة الأركان تزامناً مع التمديد لقائد الجيش، تمّ التداول باسمين: باسم أحمدية وحسان عودة.
إقرأ أيضاً: “فوضى الوكلاء” من اليرزة إلى العدليّة!
في المعلومات أنّ عودة ليس مقرّباً من الحزب التقدّمي الاشتراكي وأحمدية مقرّب من النائب السابق طلال أرسلان. وبالتالي يحتاج التوافق على اسم لرئاسة الأركان إلى مزيد من البحث. وبناء على هذا المعطى زار رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي تيمور جنبلاط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في البترون لمناقشة الخيارات المتاحة. قد تكون زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا لوزارة الدفاع للقاء الوزير موريس سليم الذي يمتنع عن تقديم اقتراح تأجيل التسريح كافية لدفع الملف العسكري إلى خواتيمه.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@