نقل المحلّل السياسي الأميركي ديفيد إغناتيوس عن مسؤول إسرائيلي كبير أنّ “إسرائيل وحركة حماس قريبتان من صفقة لتبادل أسرى ورهائن تتضمّن وقفاً مؤقّتاً لإطلاق النار وربّما إدخال مساعدات إنسانية لقطاع غزّة، وسيتمّ الإعلان عن هذا الاتفاق في الأيام المقبلة إذا تمّت تسوية التفاصيل النهائية، ومن بينها التحقّق من هويّة كلّ من الأسرى الإسرائيليين بالاسم، أثناء عملية التبادل”.
أوضح المسؤول الإسرائيلي لإغناتيوس في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” أمس الثلاثاء أنّ “الخطوط العامّة للصفقة مفهومة”. ويدعو الاتفاق المبدئي إلى إطلاق سراح معظم النساء والأطفال الإسرائيليين الذين اختطفوا في 7 تشرين الأول في مجموعات، بالتزامن مع إطلاق سراح عدد غير واضح من النساء والشباب الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية. ونقل عن مسؤول عربي أنّ هناك ما لا يقلّ عن 120 منهم في السجن.
وفقاً لإغناتيوس، تريد إسرائيل إطلاق سراح جميع النساء والأطفال المئة الذين تمّ احتجازهم من إسرائيل، لكن من المرجّح أن يكون العدد الأوّلي أقلّ، حيث أشارت حماس إلى استعدادها للإفراج عن 70 امرأة وطفلاً، وفقاً لبيان صادر عن أحد مسؤوليها على قناة تلغرام التابعة للجماعة نقلته رويترز يوم الإثنين.
رأى إغناتيوس أنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون حسّاسة، إذ يحبس الإسرائيليون أنفاسهم في انتظار إطلاق سراح المجموعة الأولى وتوحّدها مع عائلاتها
حرب التدمير لن تتوقّف
أوضح إغناتيوس نقلاً عن المسؤول الإسرائيلي أنّ وقفاً مؤقّتاً لإطلاق النار ربّما لمدّة خمسة أيام سيصاحب تبادل الرهائن والأسرى. ومن شأن هذه الهدنة أن تسمح بالسفر الآمن للأسرى الإسرائيليين كما بتقديم المزيد من المساعدات الدولية للمدنيين الفلسطينيين في غزّة للتخفيف من الأزمة الإنسانية فيها. وأكّد إغناتيوس نقلاً عن هذا المسؤول أنّ “إسرائيل لن توافق على إنهاء حملتها لتدمير القوة العسكرية لحماس. لكنّ المسؤولين الإسرائيليين يدركون الحاجة إلى مساعدة المدنيين الفلسطينيين الذين أصبح وضعهم يائساً”.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أكّد دعم الولايات المتحدة القوي لصفقة الرهائن في مكالمة هاتفية بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، يوم الأحد الماضي، أعرب فيها عن “تقديره” الشخصي لأمير قطر، الذي قامت بلاده بدور الوسيط مع حماس. وجاء في بيان للبيت الأبيض أنّ “الزعيمين اتفقا على ضرورة إطلاق سراح جميع الرهائن دون مزيد من التأخير”. ويأمل المسؤولون الأميركيون أن يؤدّي اتفاق إطلاق سراح الرهائن والهدنة المؤقّتة إلى تقليل الاحتجاج الدولي المحيط بالحرب.
قطر: قناة الاتّصال
ذكّر إغناتيوس بأنّ المفاوضات الإسرائيلية مع حماس جرت بشكل غير مباشر من خلال قطر، حيث تتمركز القيادة السياسية لحماس، وأنّ رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني التقى بمدير وكالة المخابرات المركزية ويليام ج. بيرنز وديفيد بارنيا، مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، لمناقشة إطار العمل الذي يبدو الآن أنّه يقترب من الحزمة النهائية. كما عمل الموساد بشكل وثيق مع قطر ووكالة المخابرات المركزية في صياغة الصفقة. ويقدّر المسؤولون الإسرائيليون المساعدة القطرية، لكنّهم يريدون أن يمارس القطريون نفوذهم على حماس لإطلاق سراح أسراهم، بدلاً من مجرّد التوسّط. ويعتقدون أنّ مصر لعبت أيضاً دوراً مفيداً في تشجيع المفاوضات والضغط على حماس.
اعتبر إغناتيوس أنّ إطلاق سراح النساء والأطفال الإسرائيليين هو خطوة أولى نحو ما تصرّ إسرائيل على أنّه يجب أن يكون إطلاق سراح جميع الرهائن في غزّة. ونقل عن المسؤول الإسرائيلي الرفيع المستوى قوله إنّ ما مجموعه 240 إلى 250 رهينة محتجزون، ومعظمهم مواطنون إسرائيليون، بما في ذلك بعض مزدوجي الجنسية الذين هم أيضاً مواطنون من الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى. وقال المسؤول إنّ نحو 35 من الأجانب غير الإسرائيليين معظمهم من التايلنديين الذين يعملون في إسرائيل. وقال المسؤول الإسرائيلي إنّ حكومته مصمّمة على إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم حوالي 90 مدنياً ومجموعة أصغر من الجنود، الذين ربّما تعتبرهم حماس الأكثر قيمة. وأكّد: “نريد الإفراج عن أكبر عدد ممكن منهم في أسرع وقت ممكن، ولا ينبغي ترك أحد في الخلف”.
إقرأ أيضاً: مفاوض إسرائيلي: يستحيل القضاء على مقاومة شعب مُضطَهَد
أبلغت حماس القطريين أنّ نشطاءها أسروا جنوداً إسرائيليين فقط، لكنّ المسؤول الإسرائيلي قال لإغناتيوس إنّ هذا الادّعاء غير صحيح وإنّ حماس تحتجز “الغالبية العظمى” من الرهائن، بما في ذلك عدد صغير من الجثث التي نقلها الإرهابيون إلى غزّة. وأضاف أنّ بعض الرهائن تحتجزهم مجموعات أخرى، في أماكن مختلفة، لكنّ حماس لديها القدرة على التفاوض بشأنهم جميعاً تقريباً، وأشار إلى مجموعة أصغر تسمّى الجهاد الإسلامي الفلسطيني تحتجز حوالي 35 أسيراً، بينما تحتجز ميليشيا تعرف باسم “الشبّيحة” ومجموعات أصغر أخرى بضع عشرات آخرين.
رأى إغناتيوس أنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون حسّاسة، إذ يحبس الإسرائيليون أنفاسهم في انتظار إطلاق سراح المجموعة الأولى وتوحّدها مع عائلاتها ويقلقون بشأن أولئك الذين سيبقون أسرى. لكن بعد فترة توقّف، سيُستأنف الواقع الوحشيّ للحرب، وستظلّ إدارة بايدن ممزّقة بين دعمها لإسرائيل وقلقها المتزايد بشأن محنة المدنيين الفلسطينيين.
لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا