في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة، لا تنفصل جبهة الجنوب، حيث تتّسع رقعة الاشتباكات يوماً بعد يوم، عن الجبهة الداخلية المشتعلة أيضاً، لكن على خلفيّة حسابات سياسية تتعلّق بالموقع الماروني الأوّل حالياً، الباقي بعد شغور رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان، وهو قيادة المؤسّسة العسكرية.
في حين يتحرّك كثيرون في الداخل على وقع التحسّب من الفراغ والبحث في كيفية ملئه، يخوض الحزب بحذر شديد مرحلة بالغة الحساسيّة تتطلّب منه ضبط النفس إلى أقصى الحدود، إذ يبدو حتى هذه الساعة أنّه قادر على الحدّ من تدحرج رقعة الاشتباك بصبره ووعيه وإدراكه أنّه يُستدرَج إلى حرب لن يخرج منها لبنان سليماً بل لن يخرج منها كما فعل في حرب تموز 2006.
ينظر الحزب إلى إسرائيل باعتبارها بدأت الحرب، بغاراتها الجوّية التي أخذت تضرب عمق الجنوب، وفي الوقت نفسه ينظر إلى الخلف فيجد حماية لـ”ظهره” يوفّرها له الجيش اللبناني في الأمن، والصليب الأحمر اللبناني في الإغاثة.
في ظلّ هذا التوقيت نشهد سجالاً سياسياً في التمديد للعماد عون لعام واحد يعارضه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فكيف سيكون إخراج التمديد لقائد الجيش؟
تتحدّث معلومات “أساس” عن أنّ القوات اللبنانية تدرس جدّياً إمكانية الذهاب إلى مجلس النواب للتصويت على التمديد، بالإضافة إلى كتلة الكتائب
إخراج وطنيّ للتمديد لقائد الجيش
في الكواليس السياسية بحث جدّيّ آخر في الأزمة السياسية التي ستنعكس على القيادة العسكرية بعد انتهاء ولاية قائد الجيش.
بعد اللقاء التشاوري في السراي الحكومي بين الرئيس نجيب ميقاتي والوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر بدا واضحاً الخلاف مع وزير الدفاع على خلفيّة رغبة ميقاتي في استكمال التعيينات العسكرية بدءاً من تعيين رئيس الأركان وصولاً إلى التمديد لقائد الجيش.
هذه ليست رغبة ميقاتي فقط. بل تشير معلومات “أساس” إلى أنّ الحزب يتطلّع إلى هذا الملفّ أبعد من حسابات حلفائه الضيّقة لبنانياً. فباسيل الذي يعترض على التمديد لعون لاقاه حليف الحزب الثاني رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في قوله بعد لقائه باسيل إنّه يرفض التمديد لعون أيضاً.
تسقط مصالح الرجلين الرئاسية عند مصالح الحزب الأكبر. إذ تشير المعلومات إلى أنّ “الثنائي الشيعي” والحزب التقدمي الاشتراكي والكتل السنّية لا تقترح التمديد لقائد الجيش عملاً برغبة الدولتين المانحتين للجيش، أي الولايات المتحدة الأميركية وقطر، فحسب، بل حرصاً على عدم إفراغ المؤسسة من قيادتها.
في المعلومات أنّ القوات لن تسمح بإحداث فراغ في قيادة المؤسّسة العسكرية إطلاقاً حتى لو استدعى ذلك استثنائياً فتح أبواب المجلس لجلسة تشريعية لا لجلسة انتخابية
تبقى العقدة على المستوى المسيحي، وعليه يجري البحث في احتمالين:
– الأوّل أن يتم التمديد في مجلس الوزراء وتعيين رئيس أركان. إلا أنّ ذلك يتطلّب حضور وزراء المردة والتيار لإكمال النصاب أولاً، وللحصول على غطاء مسيحي ثانياً. وهذا أمر يمكن أن يكون صعباً بعد موقفَي باسيل وفرنجية الرافضين للتمديد أمس الأوّل.
– الثاني أن يُقرّ التمديد في جلسة في مجلس النواب، وهو أمر بحاجة إلى حضور الكتل المسيحية التي تقاطع المجلس في ظلّ الفراغ الرئاسي. فهل تحضره استثنائياً لمنع الفراغ في الموقع الماروني الأول بعد الرئاسة؟
هنا تتحدّث معلومات “أساس” عن أنّ القوات اللبنانية تدرس جدّياً إمكانية الذهاب إلى مجلس النواب للتصويت على التمديد، بالإضافة إلى كتلة الكتائب. وفي المعلومات أنّ القوات لن تسمح بإحداث فراغ في قيادة المؤسّسة العسكرية إطلاقاً حتى لو استدعى ذلك استثنائياً فتح أبواب المجلس لجلسة تشريعية لا لجلسة انتخابية.
تقاطع محلّيّ وخارجيّ
في الخلاصة هناك تقاطع شيعي – قواتي – درزي – سنّي، وفوقه تقاطع دولي – أميركي – قطري يلوح في الأفق حول قيادة الجيش. فهل يستطيع جبران باسيل أن يعرقل هذا التقاطع متسلّحاً بموقف فرنجية الداعم له؟
إقرأ أيضاً: قائد الجيش لبرّي: حَذار فَرط الجيش!
ما يزال الاحتمال قائماً في كلام عن إمكانية سماح باسيل للوزراء المحسوبين عليه بأن يحضروا مجلس الوزراء وإكمال النصاب المسيحي له لتعيين رئيس أركان مقابل عدم التمديد لجوزف عون في قيادة المؤسّسة العسكرية. إلا أنّ أوّل المعارضين لهذا الخيار هو وليد جنبلاط الذي يرفض أن تؤول قيادة المؤسسة إلى درزي، بل يدعو جنبلاط إلى اكتمال المجلس العسكري في ظلّ المخاطر الأمنيّة الراهنة.