“إنّ ما يجري الآن في غزّة هو تعبير واضح وصريح عن غياب تامّ لمفهوم القانون الدولي. نحن نعيش في شريعة الغاب، وهذا هو الجواب على ما قاله قبل أيام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي سأل: ما العمل لتطبيق القرارات الدولية؟”.
بهذه الكلمات وصف أستاذ القانون الدولي والخبير الدستوري الدكتور أنطوان مسرّة ما يحصل من جرائم حرب ومجازر من قبل إسرائيل بحقّ الفلسطينيين في غزّة، بخاصّة المجزرة التي وقعت في مستشفى المعمداني وذهب ضحيّتها المئات من المدنيين.
رأى الدكتور مسرّة في حديث خاص بـ”أساس” أنّ “القرارات الدولية هي المعيار في العلاقات بين الدول، ونحن نعيش اليوم مع دول مارقة في طلاق كامل مع الشرعية الدولية، وهي خمس دول تحكم العالم وتُعتبر خارجة عن النظام الدولي في شكل كامل. والأمم المتحدة في حالة ضياع وغياب، وما يحدث في غزّة هو نتيجة هذا الغياب للشرعية الدولية وللقانون الدولي. وهذه الأحداث يجب أن تكون مدخلاً لاستعادة الشرعية الدولية. بدأ الأمر في حروب لبنان منذ سنة 1975 حين لم يتّخذ العالم الإجراءات السريعة لوقف أعمال دول مارقة بعضها في المنطقة ومنها اسرائيل. نتكلّم عن الإرهاب ومكافحته، وهذا لن يحصل إن لم نستعِد الشرعية الدولية. اليوم لا يوجد قانون دولي”.
حول كيفية استعادة الشرعية الدولية قال الدكتور مسرّة: “نحن في مرحلة مخاض لإعادة تكوين منظمة الأمم المتحدة من جديد. يجب أن نعيد قراءة إنشاء الأمم المتحدة وأن يصوّب الإعلام في العالم عمله على الحدّ الأدنى من الشرعية الدولية وفضح كلّ خرق لها. للإعلام دور كبير في هذه المسألة، فنصف المعركة مطلوبة من الإعلام الذي يشكّل حالة ضغط كونية كبيرة. لقد كان اجتياح العراق من قبل الولايات المتحدة التي لم تراجع الأمم المتحدة وقامت بمهاجمة واحتلال العراق أفضح خرق للشرعية الدولية. وامتدّ انتشار الدول المارقة بامتداد انتشار الإرهاب الذي هو نتيجة حتمية لفقدان الشرعية الدولية. وعلى الإعلام أن ينحاز للشرعية الدولية مهما حصل، والتركيز على ذلك يكون البداية في استعادة هذه الشرعية”.
مسرّة لـ”أساس”: بنيامين نتانياهو مجرم حرب من دون نقاش وأكثر من مجرم حرب، بل هو رجل مخالف للشرعية الدولية. القوّة لا تبني سلاماً
أضاف الدكتور مسرّة لـ”أساس”: “بانتظار استعادة نظام دولي له حدّ أدنى من الفعّالية، وهذا يتطلّب بضع سنوات، نحن بحاجة إلى إنشاء نظام أمني إقليمي أوروبي عربي، وتحدّث عن ذلك الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى في مؤتمر عُقد في بيروت استضافته جامعة القديس يوسف حيث مُنح موسى جائزة الشيخ هاني فحص للسلام والتعدّدية. كانت مداخلته عن ضرورة استعادة النظام الأمني العربي بحدّه الأدنى، واستعادة الجامعة العربية دورها وإعادة التضامن العربي هي المدخل إلى ذلك. ومطلوب دعم التضامن الأوروبي، وما حصل جرّاء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالغ الخطورة. بانتظار بروز نظام دولي ومنظمة أمم متحدة أكثر فعّالية علينا العمل على إنشاء تضامن إقليمي عربي وتضامن إقليمي أوروبي لحماية مجتمعاتنا من التشرذم ومن المنظمات الإرهابية العابرة للدول”.
إقرأ أيضاً: حماس أين أصابت وأين أخطأت؟
ختم الدكتور أنطوان مسرّة لـ”أساس”: “بنيامين نتانياهو مجرم حرب من دون نقاش وأكثر من مجرم حرب، بل هو رجل مخالف للشرعية الدولية. القوّة لا تبني سلاماً. كان يقال عن شارون إنّه يؤمن بالقوّة ولا يعرف حدودها. إن كنّا نريد سلاماً في المنطقة فلا يمكن أن يكون لنتانياهو دور فيه”.