“متّهمو خلدة”: بلد محكوم بالحزب .. ولماذا انسحب الجيش قبل الاشتباك؟

مدة القراءة 6 د


الجلسة الثانية لمحاكمة المتّهمين بأحداث خلدة أمام محكمة التمييز العسكرية، أعادت إلى الأذهان المشهد المأساوي الذي عاشه أبناء المنطقة وجوارها، والتي انتهت بمقتل عنصرين من “الحزب” ومدنيين آخرين، وكانت إفادة الشيخ عمر غازي موسى الملقب بـ “عمر غصن” هي الأبرز، حيث استعرض الأحداث التي حصلت بكلّ تفاصيلها فيما جاءت إفادات المتّهمين الآخرين لتؤكّد روايته.
لم يتردّد الشيخ في تحميل المسؤولية لـ “الحزب”، مشيراً إلى أنّ “البلد محكوم من طرف واحد وكل ما يحصل يخضع لمشيئته، وتتحمّل الدولة أيضاً مسؤولية ما حصل كونها لم تأخذ حق الطفل حسن غصن وتقاعست عن تطبيق القانون، فلو طبّقت القانون على القاتل (قاتل الطفل) لما وصلنا إلى جريمة الثأر وقُتل علي شبلي، ولما وصلنا إلى ما نحن عليه”.
أربع ساعات متواصلة، استجوبت خلالها محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جوني القزي وحضور المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري ووكلاء الدفاع، المتهمون التسعة. بعد تلاوة القرار الاتهامي بدأ رئيس المحكمة باستجواب المتهمين التسعة، وأوّلهم عباس موسى، الذي أكّد أنّه لم يشارك في إطلاق النار خلال أحداث خلدة مشيراً إلى “أنّه كان عند بيت عمه مع وزجته وأولاده، وعند بدء اطلاق النار اختبأوا جميعاً في ممر المنزل، وبعد أن توقف إطلاق النار خرج إلى الشرفة ليستطلع الوضع”، وقال أنه “كان مصاباً بكسر في يده اليسرى أما يده اليمنى فيعاني من عطل دائم فيها نتيجة حادث قديم”. وأضاف أنه “بات ليلته عند أهل زوجته وفي اليوم التالي غادر مع أسرته، وعبر كلّ حواجز الجيش من دون أن يتم توقيفه، ولمّا علم أنّه مطلوب للتحقيق مع شقيقه وابن شقيقه سلموا أنفسهم”.

استجوبت المحكمة المتهم محمد غصن موسى فأكّد أنه “لم يكن مسلحاً وليس لديه سلاح”، نافياً استعارته بندقية من أحد الأشخاص وأطلاق النار على الموكب”

ونفى المتهم موسى غصن كل ما نسب إليه من محاولة قتل مدنيين وعسكريين، وأوضح أن شقيق الشهيد حسن غصن، وعند البدء بإطلاق النار كان في منزله أهله وكانت معه والدته التي منعته من الخروج خوفاً عليه، ونفى أن يكون متواجداً في مكان الحادث. ولما سأله رئيس المحكمة عما فعله بعد مقتل شقيقه ووسط الأجواء المتشنجة تشنّج أجاب:” بقيت مع والدتي في المنزل تلبية لطلبها، لكني كنت أتصل ببعض أصدقائي لأطمئن على شقيقي أحمد وأعرف مكان وجوده”.
بدوره اعترف المتهم عيسى زاهر غصن، شقيق الشهيد حسن غصن، بعمله في تجارة الأسلحة الفردية، وكان يشتريها من الضاحية الجنوبية، ويبيعها إلى بعض الأشخاص في خلدة”، نافياً توزيع الأسلحة على شباب خلدة قبيل المعركة أو مشاركته في الأحداث، مؤكدا الى أنه “كان حينها في خلدة، لكنّه تلقى اتصالاً من والده يطلب منه نقل والدته وشقيقتيه إلى منزل بيت جدّه في ضهر البيدر”.
إفادة الشيخ عمر موسى كانت الأطول ولخّصت كلّ ما حصل :”الكلّ يعرف أننا نعيش في بلد يحكمه “الحزب”، وقبل أن يتابع قاطعه القاضي القزّي قائلاً له: “أنا حريص على إجراء محاكمة قانونية وعادلة، والاستجواب محصور بالقضيّة، لا أريد الدخول بالأمور السياسية التي لا تقدّم ولا تؤخر في مسار القضية”. وهنا طلب منه رئيس المحكمة أن يفسّر ما ورد في القرار الاتهامي من أنه “كان يترأس الجماعات المسلحة ويوزّعها على النقاط الاستراتيجية المؤدية إلى فيللا علي شبلي، كما أنه أبلغ ضابط الجيش الذي كان يرأس دورية متواجدة هناك، أنه إذا دخل موكب التشييع إلى خلدة سيقع الدمّ وهو أصدر الأوامر إلى مسلحي عشائر خلدة بإطلاق النار على موكب تشييع شبلي”.

أربع ساعات متواصلة، استجوبت خلالها محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جوني القزي وحضور المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري ووكلاء الدفاع، المتهمون التسعة

فرد موسى:” في البداية، لو أخذ القانون مجراه وعاقبت الدولة علي شبلي على جريمة قتل حسن غصن لما أقدم أحمد غصن على الثأر لمقتل شقيقه”. وقال “على أثر انتشار خبر مقتل علي شبلي انتشر الجيش في خلدة، تحسباً لردّة فعل من “الحزب” لكون شبلي مسؤولاً في “الحزب”، ونصب حواجز بكل أحياء خلدة وعلى الأوتوستراد، وكان معززاً بالدبابات، وهذا الانتشار أشاع أجواء من الارتياح بين أبناء المنطقة، واستمر إلى الساعة الثالثة من بعد ظهر الأحد (يوم وقوع الأحداث)، لكن الذي أثار قلقنا واستغرابنا هو انسحاب الجيش من المنطقة بشكل مفاجئ”.
وكشف المتهم أنه خلال اجتماع وجهاء خلدة في ديوانية الشيخ أبو مشهور، تبلغوا من الأجهزة الأمنية بأنّ موكب تشييع علي شبلي سيأتي إلى خلدة ثم يتابع سيره إلى الجنوب، وأضاف “خلال النقاش بهذه المسألة وصلتني صور فيديو للموكب الذي يتألف من حوالي 300 سيارة ودراجة نارية محملة بالمسلحين، فقلت للمجتمعين (بدكن تجيبوا البنزين على النار؟ كان الأجدى ألّا تقبلوا بذلك”، فردوا بأن المسؤول الأمني أبلغهم بأن الموكب سيتوقّف لنحو نصف ساعة أمام ?يلا شبلي ثم يغادر إلى الجنوب”، مشيراً إلى أنه ترك ديوان الشيخ أبو مشهور واستقلّ سيارته ومعه ابنته وزوجته، وانتقل إلى ديوانية أبو سلطان، وفي الطريق شاهد دورية للجيش وقال للضابط آمر الدورية “لو سمحت اطلب من القيادة إرسال قوة كبيرة لتنتشر  حتى لا يقع احتكاك مع المشيّعين”، نافياً أن يكون هدّد بـ”سقوط الدمّ” إذا مرّ المشيّعون في خلدة. وقال “هذا ليس من ثقافتنا وأبناء خلدة لم يكونوا بحالة استنفار”.

إقرأ أيضاً: رئيس “التمييز” العسكريّة لموقوفي خلدة: لن يُظلم أحد عندي

واستدرك موسى ليقول: “جنازة علي شبلي وصلت إلى الجنوب عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأحد، أي قبل الأحداث بأكثر من أربع ساعات، وتبيّن لنا أنّ سيارتيّ الإسعاف اللتين كانتا ضمن الموكب ليس فيها جثمان علي شبلي، بل معبّأة بالأسلحة والمقاتلين، ولدينا صور فيديو أبرزناها أمام المحكمة العسكرية”.
بعدها استجوبت المحكمة المتّهم محمد غصن موسى فأكّد أنه “لم يكن مسلحاً وليس لديه سلاح”، نافياً استعارته بندقية من أحد الأشخاص وأطلاق النار على الموكب”.
واستكملت المحكمة استجواب باقي المتهمين الذين نفوا تسلّحهم أو مشاركتهم بأحداث خلدة أو قيامهم بقتل أو محاولة قتل مدنيين أو عسكريين.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…