البريطانيّون يسألون: ماذا سيفعل الحزب؟

مدة القراءة 6 د


ماذا سيفعل الحزب بعد الحرب الإسرائيلية على غزّة؟
سؤال طرحه من بيروت مستشار ومراسل وكالة “جينز” (Janes) البريطانية “للدفاع والأمن واستخبارات المصادر المفتوحة” نيكولاس بلانفورد، الذي عرض لتداعيات عملية “الطوفان الأقصى” على لبنان، واحتمال أن يؤدّي انضمام الحزب إلى الحرب ضدّ إسرائيل إلى اندلاع جبهة ثانية قد تفضي إلى حرب إقليمية شاملة.
حتى الآن يعتقد المستشار الاستخباراتي أنّ أيّاً من الجانبين (الحزب وإسرائيل) لا يريد التصعيد. لكنّ المخاطر مرتفعة في حال حدوث سوء تقدير كارثي. ويقول: “حتى الآن كان نمط العنف على طول الخط الأزرق، حدود الأمم المتحدة المقابلة للحدود الجنوبية للبنان، متوقّعاً نسبياً، وهو يتكوّن من قصف وتوغّلات طفيفة. في الأشهر الأخيرة، كان هناك حديث عن “توحيد الجبهات”، أي تنسيق أوثق بين الجماعات المناهضة لإسرائيل مثل الحزب في لبنان وحركتَي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيّتين وعدد لا يحصى من الجماعات الأخرى المدعومة من إيران في سوريا والعراق واليمن. كان من الصعب على الحزب أن يقف مكتوف الأيدي بينما تشنّ إسرائيل هجوماً هائلاً على “حماس” في غزّة”.
يعتبر الباحث في الوكالة، التي تزعم أنّ بياناتها تتميّز بـ”الاستقلالية والموثوقية”، أنّ الخطر يكمن في احتمال أن يشعر الحزب بأنّه مضطرّ إلى رفع وتيرة عملياته على الحدود مع اشتداد الحرب في غزّة. ويورد عدّة خيارات لدى الحزب للضغط على إسرائيل على طول الخطّ الأزرق:

يعتبر الباحث في الوكالة، التي تزعم أنّ بياناتها تتميّز بـ”الاستقلالية والموثوقية”، أنّ الخطر يكمن في احتمال أن يشعر الحزب بأنّه مضطرّ إلى رفع وتيرة عملياته على الحدود مع اشتداد الحرب في غزّة

– يمكن أن ينصب الحزب كميناً للإسرائيليين بالعبوات الناسفة أو يشنّ هجمات بقذائف الهاون أو الصواريخ في مزارع شبعا، وهي منحدر جبلي يمتدّ على طول الحدود الجنوبية الشرقية للبنان وتحتلّها إسرائيل منذ عام 1967 وتعتبرها بيروت أراضٍ لبنانية.
– يمكنه الشروع في عمليات لا يُعلنها ويمكن إنكارها، مثل شنّ هجمات صاروخية مجهولة على إسرائيل (كما رأينا في النزاعات السابقة بين “حماس” وإسرائيل في غزّة، وعادة ما يُلقى باللوم فيها على الجماعات الفلسطينية)، أو تنظيم محاولات تسلّل من قبل المسلّحين الفلسطينيين (مثل محاولة 9 تشرين الأول التي من شبه المؤكّد أنّ الحزب سهّلها).
– قد تواجه إسرائيل أيضاً هجمات من داخل سوريا في مناطق من مرتفعات الجولان، حيث يوجد الحزب وجماعات أخرى مدعومة من إيران.

لكن ما هي حدود الحرب؟
في هذه المرحلة المبكرة، يعتقد الباحث في مقال نشرته مجلة “أتلانتيك كاونسيل” (المجلس الأطلسي) أنّ “الحزب يريد إبقاء أفعاله تحت عتبة معيّنة حتى لا يجبر إسرائيل على الانتقام بقوّة أكبر، لأنّ تجاوز هذه العتبة قد يؤدّي إلى دورة من التصعيد غير الطوعي”.
لكن المعروف أنّ لإيران “الكلمة الأخيرة” بشأن دخول الحزب في الحرب ضدّ إسرائيل. فهي تعتبر الحزب أقوى أصولها الخارجية وعنصراً رئيسياً في هيكل الردع ضدّ هجوم محتمل من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة عليها.
وهو يستبعد أن ترغب طهران في إضاعة الحزب في حرب غير مجدية وواسعة النطاق مع إسرائيل لدعم “حماس” في غزّة. وبالمثل، يبدو من الواضح أنّ إسرائيل لا تسعى إلى فتح جبهة ثانية مع لبنان مع التركيز على مواصلة هجومها على “حماس”.
غير أنّ الخطر في رأيه يكمن في أنّ الحزب قد يشعر بأنّه مضطرّ إلى زيادة وتيرة عملياته للاقتراب من خطّ الحدود مع اشتداد الحرب في غزّة وزيادة الدمار والخسائر، لا سيما في حالة التوغّل البرّي الكبير من قبل الجيش الإسرائيلي. ويحذّر من أنّه كلّما اقترب الحزب من “العتبة”، أي مرحلة الخطر والاضطرار، زاد خطر سوء التقدير، وقد يؤدّي ذلك إلى حرب لا يبدو أنّ أيّاً من الجانبين يريدها الآن.
في الوقت نفسه، سيكون تنفيذ هجمات جوّية وبرّية كبيرة في غزّة ولبنان قراراً صعباً على الحكومة الإسرائيلية، خاصة أنّه لن يقتصر على لبنان وإسرائيل. ستصبح الحرب مع الحزب إقليمية مع فتح الجبهة السورية واحتمال شنّ هجمات من العراق واليمن وحتى إيران.

السيناريو المحتمل الأقوى والأخطر سيكون في حال تغيّرت حسابات إيران وأمَر قادتها عميلها اللبناني بمهاجمة إسرائيل وجهاً لوجه، وهو ما سيؤدّي بحسب المستشار الاستخباراتي إلى تقويض القدرة العسكرية للحزب، وسيغرق لبنان في بؤس أكبر

السيناريو الأقوى
السيناريو المحتمل الأقوى والأخطر سيكون في حال تغيّرت حسابات إيران وأمَر قادتها عميلها اللبناني بمهاجمة إسرائيل وجهاً لوجه، وهو ما سيؤدّي بحسب المستشار الاستخباراتي إلى “تقويض القدرة العسكرية للحزب، وسيغرق لبنان في بؤس أكبر”. ويضيف: “على سبيل المثال، بعد خمسة أيام من القتال، قد يشعر القادة العسكريون للحزب أنّ إسرائيل على وشك شنّ هجوم استباقي كبير ضدّ ترسانة المنظمة من الصواريخ البعيدة المدى والموجّهة بدقّة، وحينئذ يمكنهم أن يوصوا قادة المجموعة بشنّ هجوم صاروخي واسع النطاق على أهداف في إسرائيل قبل أن يتمّ تدمير الأسلحة، وفقاً لمبدأ “استخدامها أو فقدانها”.
قد يوصل مثل هذا القرار إلى الحرب الشاملة. وبالمثل، قد يستنتج الإسرائيليون أنّه بعد أيام من القتال، يوشك الحزب على إطلاق صواريخه باتجاه المدن الإسرائيلية وليس فقط على أطراف المستوطنات الحدودية، وأنّ إسرائيل يجب أن تشنّ هجوماً استباقياً، وهو ما سيؤدّي إلى حرباً شاملة لا يريدها أيّ من الجانبين.

إقرأ أيضاً: دنيس روس يتخلّى عن دبلوماسيّته: استئصال “حماس” ضروريّ لتحقيق السلام!

السيناريو الأكثر احتمالاً
لكن نظراً لإحجام الجانبين عن الحرب الشاملة، فمن الممكن أن تتصاعد الاشتباكات إلى عدّة أيام من القتال المستمرّ الذي يبقى محليّاً في جنوب لبنان وشمال إسرائيل، لكن لا يؤدّي إلى حرب شاملة. في مثل هذا السيناريو، يمكن لواء رضوان التابع للحزب تنظيم غارات خاصّة به عبر الحدود، فهو يتدرّب على مثل هذه العمليات منذ عام 2007 على الأقلّ. وردّاً على ذلك، يمكن لإسرائيل أن تشنّ غارات جوّية على أهداف ضمن البنية التحتية اللبنانية، وأن تنظّم غارات مدرّعة محدودة عبر الخطّ الأزرق. مثل هذا السيناريو ينقل خطر سوء التقدير إلى نقطة حرجة، كما يقول نيكولاس.
في رأيه أنّ عملية “الطوفان الأقصى” أدخلت الصراع العربي الإسرائيلي في منطقة مجهولة لا يمكن التنبّؤ بها وخطيرة للغاية، وأنّ الأيام المقبلة ستحدّد ما إذا كانت المنطقة تتّجه إلى حرب شاملة أم لا.

 

لقراءة النصّ الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من…

برنامج ترامب منذ 2023: الجمهورية الشعبية الأميركية

“سأحطّم الدولة العميقة، وأزيل الديمقراطيين المارقين… وأعيد السلطة إلى الشعب الأميركي“. هو صوت دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأميركية المنتخب يصدح من مقطع فيديو…

20 ك2: أوّل موعد لوقف إطلاق النّار

في حين أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أنّ إسرائيل تضع خططاً لتوسيع هجومها البرّي في جنوب لبنان، نقلت صحيفة “فايننشيل تايمز” البريطانية عن…

نصائح أوروبيّة وكوريّة… للتّعامل مع ترامب

تستعدّ الحكومات الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما العدوّة والمنافسة لها، لتحوّلات مقلقة وإدارة أكثر تقلّباً في واشنطن في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية الأميركية مع…