نزوح وتمديد: ماذا ستفعل “حكومة الطوفان”؟

مدة القراءة 7 د


في اليوم الخامس من “زلزال” غزّة والإبادة الجماعية التي يرتكبها العدوّ الإسرائيلي في القطاع المنكوب والأحاديث المتزايدة عن قرب تنفيذ اقتحام برّي وتحرّك جبهة الجنوب مع الشمال الإسرائيلي متجاوزة قواعد الاشتباك التقليدية، لم يكن أيّ مسؤول في الدولة اللبنانية قادراً على تحديد مدى انزلاق الحزب والتنظيمات الفلسطينية العسكرية الناشطة في لبنان صوب “مربّع الحرب” في غزّة.

وفق مصدر معنيّ في الجنوب “ما تزال الأحداث التي شهدتها الحدود الجنوبية منذ فجر السبت ودخول “العنصر” الفلسطيني على خطّها تحت السيطرة. يمكن الاستنتاج أنّ سيناريو 2006 قد لا يجد مكاناً له على المدى القريب في الحرب غير المسبوقة بين “حماس” وإسرائيل ما دام عنصر المباغتة أصلاً قد حُذِف من المعادلة العسكرية”.

لكنّ الجنوب، وفق المصدر، “سيبقى مسرحاً لكثير من الرسائل والاستنفار العسكري بحدّه الأقصى من المقلبين، إلّا إذا فرضت التطوّرات في قطاع غزّة والحسابات الإقليمية وصولاً إلى طهران وواشنطن مساراً قد يُفرَض على الحزب نفسه، على الرغم من جهوزيّته العسكرية، ويجرّه إلى قلب الإعصار الغَزِّيّ لعلمه علم اليقين أنّ تورّطه العسكري الشامل في المواجهة الكبرى الدائرة اليوم، من جهة شمال إسرائيل، ستكون له تأثيرات كارثية على الداخل اللبناني لن يكون قادراً، هو وجمهوره، على تحمّل تبعاتها”.

يستنتج مطّلعون “شراسة” المعركة التي يخوضها باسيل بوجه قائد الجيش إلى حدّ اتّهامه بالخيانة والتواطؤ والتماهي مع مخطّطات مشبوهة، في وقت يردّد قريبون من باسيل أنّ قائد الجيش “ذاهب إلى منزله في 10 كانون الثاني

لا يقلّل المصدر نفسه من أهميّة “الغموض في الأداء على الجبهة الجنوبية من ضمن الاستراتيجية العسكرية للحزب، وهو الواقع الذي عكسته بعض تصريحات المقرّبين من المقاومة”.

جلسة وزاريّة متأخّرة

من جهته، يُفضّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بلسان مصادر إعلام السراي، “المتابعة الصامتة” لمجرى الأحداث وإجراء الاتصالات الهاتفية مع مفاتيح القرار، متّكلاً، كما قال هو نفسه، على “حرص الدول الصديقة والشقيقة على بقاء لبنان بمنأى عن تداعيات الوضع المتفجّر في الأراضي الفلسطينية وحمايته”. ويُفضّل الاجتماعات الأمنيّة والسياسية المنفصلة بدلاً من تحويل السراي إلى “خليّة أزمة تعقد اجتماعات موسّعة ومفتوحة”.

ربّما يُراهن ميقاتي أيضاً، لمزيد من الاطمئنان، على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المضبوطة السقف تجاه لبنان والتي لا تروّج لـ “توسيع الجبهات”، بل الردّ المحدود، فيما التحذير الوحيد للحزب “من فتح جبهة جديدة مع إسرائيل” صدر من واشنطن.

في هذا السياق أتت الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء يوم غد الخميس متأخّرة ستّة أيام عن “الطوفان” بهدف “عرض المستجدّات الراهنة في ظلّ تطوّر الأوضاع، وعرض التقرير الدولي عن تنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء في 11 أيلول الماضي بموضوع النزوح السوري”. ولم يُعرف حتى الآن إذا كان الوزراء المقاطعون سيلبّون دعوة ميقاتي “التي وضعها بتصرّف جميع الوزراء تلبية لنداء الواجب في ظلّ الظروف الدقيقة”.

إلى ذلك سيكون على الحكومة تحديد موقفها من إعلان “حماس” النفير العامّ يوم الجمعة ودعوتها جماهير العالم العربي والإسلامي والشعب الفلسطيني في مخيّمات اللجوء والشتات إلى “الزحف نحو حدود فلسطين في حشود ضخمة لإعلان تضامنهم مع فلسطين”، مع ما يعني ذلك من احتمال حصول احتكاك مباشر مع قوات العدوّ الإسرائيلي جنوباً.

نزوح وتمديد

هذه المواكبة الحكومية الضعيفة والقاصرة عن الإحاطة بحجم “الحدث التاريخي الدموي” الذي ضَرب المنطقة والتي تضع علامات استفهام كبيرة عن مدى أهليّة الحكومة، بطاقمها الحالي، لإدارة مرحلة قد تضع لبنان على فوّهة بركان “الحرب الكبرى”، تجرّ إلى إثارة ملفّين أساسيّين على أجندة الحكومة:

– الأول: ملفّ النزوح السوري الذي كان حتى قبل ساعات من انطلاق عملية “طوفان الأقصى” من أهمّ وأخطر الملفّات ووصل إلى حدّ المواجهة المباشرة مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR بعدما هدّد المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري بتدابير إدارية ضدّ طاقمها في لبنان.

وفق مصدر معنيّ في الجنوب “ما تزال الأحداث التي شهدتها الحدود الجنوبية منذ فجر السبت ودخول “العنصر” الفلسطيني على خطّها تحت السيطرة

في هذا السياق تفيد معلومات “أساس” أنّ وتيرة الموجة الثانية من النزوح السوري في الأيام الماضية ما تزال على حالها بقاعاً وشمالاً، لكن من دون صدور بيانات من الجيش والأجهزة الأمنيّة تفيد بذلك، ويؤكّد مصدر عسكري لـ “أساس” أنّ “الجيش ما يزال يتصدّى لتسلّل النازحين ويطاردهم، لكنّ الأنظار كلّها تتّجه اليوم صوب الجنوب”.  

– الثاني: مصير قيادة الجيش مع قرب إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد في 10 كانون الثاني المقبل. بات هذا الملفّ  يكتسب اليوم أهميّة مُضاعَفة لناحية دور الجيش المُستجِدّ على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية منذ بدء هجوم “حماس” على مستوطنات غلاف غزّة وتطوّر الأحداث إلى حرب طاحنة وضعت الحكومة اللبنانية في موقف صعب والحزب في قمّة الاستنفار العسكري والأمني من الضاحية إلى الحدود الجنوبية.

وفق العارفين “ما يزال التمديد لقائد الجيش متقدّماً في الكواليس مع الاستبعاد حتى الآن لفرضية توقيع وزير الدفاع موريس سليم على قرار تأجيل تسريح قائد الجيش مهما كانت الظروف، فيما الإجراء القانوني الآخر لا يمكن أن يتمّ إلّا من خلال إقرار قانون التمديد للأسلاك العسكرية وموظّفي الإدارة العامّة الموجود في مجلس النواب، وهو مسار غامض حتى الآن”.

التعيين ممكن؟

لكنّ معلومات “أساس” تشير إلى “العمل في الكواليس على فتوى قانونية – دستورية تجيز لمجلس الوزراء تحت سقف الظروف الاستثنائية وحالة الطوارئ إقرار تعيينات عسكرية لملء الشغور في المجلس العسكري، يضغط النائب السابق وليد جنبلاط باتّجاهها، وهو ما يتيح تعيين رئيس أركان يتولّى مهامّ قائد الجيش بعد إحالته إلى التقاعد، وذلك لصعوبة إدارة المرحلة في ظلّ شغور أمنيّ يطال رأس القيادة العسكرية”.

مع ذلك، يسلّم قانونيون بصعوبة تجاوز توقيع وزير الدفاع على رفع الاقتراح بالأسماء لإقرارها في مجلس الوزراء. أمّا عسكرياً فتُطرح تساؤلات جدّية عن مدى صوابية وجود وكيل، أو ضابط بالإنابة، وليس قائد جيش بالأصالة على رأس قيادة الجيش في ظلّ أخطر مرحلة يمرّ بها لبنان على كلّ المستويات.

باسيل وعون: مواجهة مستمرّة

في الأيام الماضية رَبَط النائب جبران باسيل بشكل وثيق بين حرب غزّة والنزوح السوري من دون أن يستدرج أيّ ردّة فعل من أيّ جهة. قال باسيل ما حرفيّته: “ما يحصل في فلسطين جنّبنا مؤامرة كانت بدأت معالمها تتكشّف في المتن والدورة حيث شهدنا في ساعات قليلة أحداثاً مركّبة من أشخاص معروفي الانتماء الحزبي (قاصداً القوات اللبنانية والكتائب) يفتعلون المشاكل مع السوريين بقبّة باط من بعض الأجهزة (قاصداً الجيش بشكل أساس)”.

إقرأ أيضاً: بقرادوني لـ”أساس”: غزّة ستأتي بـ”الدولة الفلسطينية”

يستنتج مطّلعون “شراسة” المعركة التي يخوضها باسيل بوجه قائد الجيش إلى حدّ اتّهامه بالخيانة والتواطؤ والتماهي مع مخطّطات مشبوهة، في وقت يردّد قريبون من باسيل أنّ قائد الجيش “ذاهب إلى منزله في 10 كانون الثاني، فلا تمديد ولا انتخابات رئاسية تقوده إلى بعبدا”.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@ 

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…