صرخة دار الفتوى: ارتدادات لا تتوقف…

مدة القراءة 3 د


التحليلات والقراءات والمواقف السياسية طيلة الأيام الماضية يتمحور أغلبها حول الصرخة الوطنية التي أطلقها مفتي الجمهورية سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان في رأس السنة الهجرية…
وكان هناك موقف سابق للمفتي لا يقل أهمية عن موقفه في رأس السنة بل يعتبر لدى التدقيق أكثر أهمية أطلقه ارتجالا في العبادية في دارة المهندس عبد الله شاهين بحضور قيادات الطائفة الدينيين والبرلمانيين….
موقف المفتي كان واضحاً لا يحمل معاني متعددة بخلاف كلام كثير من أهل السياسة بل رسم خارطة طريق للخروج من انسداد الافق السياسي جعلت القريب والبعيد يشيد بها ويطالب باعتمادها….
تتمحور الخارطة حول ثلاثة ركائز:
أولاً: ضرورة تقديم تنازلات من الجميع لمصلحة لبنان..
ثانياً: التأكيد على المساواة بين المواطنين (لا تمييز بين لبناني وآخر الا بمقدار ما يقدمه الواحد لنفسه ولوطنه).
ثالثاً: رفض أي محاولة لتجاوز اتفاق الطائف..
وكان من تجليات الوطنية في خطابه عندما قال: “نرفض الافتئات على حقوقنا المشروعة ونتمسك بحقوقنا وحقوق غيرنا لنهوض الدولة”.

الأوطان لا تبنى بالاحقاد ولا بالتخوين. واللبنانيون ركاب سفينة واحدة وقد مثل مفتي الجمهورية فيها دور الربّان

وكان لافتاً تصريح وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق حيث زار المفتي في دار الفتوى مثمناً موقفه الوطني الذي عبّر عنه في رسالته ومذكراً بأنّ أهل السُنّة هم أهل الدولة وانه لا وطن بدون أهل السُنّة وان تعب أهل السُنّة هو تعب للبلد..
وهذه حقيقة صارت ظاهرة للعيان.. وإن حاول كثيرون اخفاءها
ولم يفوت المفتي الفرصة ليذكر بسبب مصائب اللبنانيين عندما قال للطبقة السياسية بلهجة حازمة: “لا نريد بعد اليوم خطابات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع بل نريد أفعالاً تنتشل المواطنين مما هم فيه”.
ثم ذكّر نواب الطائفة السُنيّة بأنهم يتحملون مسؤولية دينية ووطنية وأنّ عليهم أن يعلموا أنّ سبب فقد الوزن والتوازن هو التشرذم وأنّ عليهم أن يجتمعوا..
وقد كتب الدكتور رضوان السيد مقالة بعنوان: “يا نواب الطائفة استجيبوا لنداء المفتي..”.
كما انه لم يكن مصادفة تكريم السفارة السعودية للمفتي وتصريح سفيرها البخاري للنواب السُنّة بأنّ دار الفتوى هي المرجعية الدينية والوطنية في إشارة واضحة لتبني السعودية مفردات خطاب سماحة المفتي..
وقد قام النائبان كرامي ومراد بشكل منفصل بزيارة المفتي وأكدا دعمهما لمواقفه.. وغني عن الذكر ان للنائبين بعض المواقف المتماهية مع مشروع غير عربي يتمدّد في المنطقة ..
منذ كلمة المفتي وصوت الدار هو الأقوى وقد تحوّلت الدار قبل الكلمة وبعدها إلى محطة يحجّها المسؤولون السياسيون والدينيون والأمنيون والدبلوماسيون. مما أعاد الى الذاكرة  لقاء الأربعاء في عرمون أيام المفتي الشهيد وحيوية الدار ومركزيتها في ذلك الوقت..

إقرأ أيضاً: نداء إلى النواب السُنّة: استجيبوا لدعوة المفتي

ونحن نقول:
الأوطان لا تبنى بالاحقاد ولا بالتخوين. واللبنانيون ركاب سفينة واحدة وقد مثل مفتي الجمهورية فيها دور الربّان. والرائد لا يكذب أهله.. وصرخة المفتي أبرزت انه ليس مفتياً للسُنّة فحسب بل هي نابعة من انه يتبوأ منصب  مفتي الجمهورية، الضنين بالجمهورية كل الجمهورية، وباللبنانيين كل اللبنانيين…
فهل من مستمع ومستجيب.. ؟!

مواضيع ذات صلة

جنبلاط يقبض على اللّحظة الإقليميّة

كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في طليعة من قاربوا بالتعليقات الرمزية وبالمواقف، وبالخطوات العملية، مفاعيل الزلزال السوري على لبنان.   يتميّز جنبلاط…

سليمان فرنجيّة: رئاسة الحظّ العاثر

ـ عام 2004 سأل بشار الأسد سليمان فرنجية: “هل للرئاسة في لبنان عمر معيّن كما عندنا؟ لا يُنتخب رئيس الجمهورية قبل بلوغه الأربعين؟”. ـ مرّتين…

الشّرع وسوريا: الرّسم بالكلمات

لم نسمع من أحمد الشرع أو أيّ وزير من الحكومة المؤقّتة في سوريا أيّ رفع لشعار “الإسلام هو الحلّ” الذي درجت جماعة الإخوان المسلمين على…

مآلات الحرب على كلّ جبهاتها: سقوط المحور

لم تنتهِ بعد حرب الشرق الأوسط المتعدّدة الساحات والتسميات.. طوفان الأقصى والسيوف الحديدية والإسناد إلخ…. لذا لن تكون قراءة النتائج التي أسفرت عنها نهائية حاسمة،…