هل من “حميد إسكندر” آخر يقف بوجه التمديد؟

مدة القراءة 7 د


يُسجّل للنائب جبران باسيل نجاحه في تعطيل مساعي بتّ ملفّ الشغور في قيادة الجيش حتى اللحظة الأخيرة. فعليّاً، كان يُمكِن حَسم القرار باكراً، ولا سيّما عند تبلور الموقف المسيحي الداعم للتمديد بغطاء كنسي وموافقة الرئيس نبيه بري ومعظم الكتل النيابية، والتيقّن عددياً وسياسياً من إمكانية إقرار التمديد أو تأجيل التسريح في الحكومة أو في مجلس النواب، حتى في ظلّ مقاطعة مُفترَضة من الحزب دعماً لباسيل.

لقاء الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس تناول اجتماعات الأخير خلال قمّة المناخ العالمية في دبي واتصالاته الدولية والمسار الذي سيَحكم التمديد لقائد الجيش بعدما كان التقى صباحاً السفير السعودي وليد البخاري.

كان لافتاً في هذا السياق ربط ميقاتي الجلسة الحكومية المقبلة بالتوافق في اجتماعات السراي على إقرار الزيادة لرواتب موظّفي القطاع العامّ “لأنّني وَعَدتهم بإقرارها بدءاً من مطلع السنة”، في ظلّ تأكيد قريبين منه أنّ “سيناريو إقرار التمديد لقائد الجيش في الحكومة صحيح أنّه لم ينضج بعد، لكنّ هناك تنسيقاً ثلاثياً مستمرّاً على خطّ السراي وعين التينة والضاحية يبقي احتمال إقرار التمديد في الحكومة قائماً حتى هذه اللحظة، ويعطي الجلسة المقبلة للحكومة طابع “الأكشن”.

يُسجّل للنائب جبران باسيل نجاحه في تعطيل مساعي بتّ ملفّ الشغور في قيادة الجيش حتى اللحظة الأخيرة. فعليّاً، كان يُمكِن حَسم القرار باكراً، ولا سيّما عند تبلور الموقف المسيحي الداعم للتمديد بغطاء كنسي وموافقة الرئيس نبيه بري ومعظم الكتل النيابية

رسالة برّي

أمّا الرسالة الأكثر تعبيراً فجاءت من جانب الرئيس بري بعدم تحديد موعد لهيئة مكتب المجلس الذي يسبق انعقاد الهيئة العامّة المنتظرة، حيث دعا في المقابل اللجان النيابية المشتركة إلى جلسة الإثنين المقبل في 11 كانون الأول لدرس اقتراحات قوانين عادية.

أوحت هذه الخطوة بمَنح بري رئيس الحكومة المزيد من الوقت لحسم المسألة في مجلس الوزراء قبل أخذ البرلمان المُهمّة الصعبة على عاتقه في ظلّ تعدّد اقتراحات التمديد والمطالبة بأن تشمل كلّ الضبّاط.

لكنّ أوساطاً نيابية أوضحت لـ “أساس” أنّ “اجتماع اللجان النيابية المشتركة كان مقرّراً الخميس، لكن بسبب سفر رئيسها النائب الياس بو صعب تمّ تأجيله حتى يوم الإثنين، سيّما أنّ هناك قوانين يرغب بري بتمريرها في اللجان قبل الجلسة التشريعية”.

دراسة مكّيّة

على خطّ الحكومة تؤكّد مصادر مطّلعة لـ “أساس” أنّ “دراسة الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية التي كلّفه بها ميقاتي موجودة على طاولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ 11 تشرين الثاني الماضي، وهي تتضمّن عرض كلّ الاقتراحات لتفادي الشغور في قيادة الجيش ومدى مطابقتها للقوانين، بمعنى أنّ الدراسة تشمل ما هو قانوني وما هو غير قانوني ضمن سلّة الاقتراحات”.

تضيف المصادر: “إذا رسا القرار على الحسم في الحكومة فإنّ استناد مجلس الوزراء إلى اقتراح يُصنّف “قانونياً” ضمن الدراسة، يجعل من الصعب قبول الطعن به من قبل الفريق المتضرّر أمام مجلس شورى الدولة، خاصة في ظلّ الدراسة القانونية التي سبق أن أعدّها مكيّة بعد الجدل الذي أثير حول عمل حكومة تصريف الأعمال، ثمّ أتى قرار المجلس الدستوري وقرار مجلس الشورى ليوفّر الغطاء القانوني لكلّ اجتماعات الحكومة والمراسيم الصادرة عنها”. كما تشير المصادر إلى “أنّنا نتحدّث عن موظّف فئة أولى، وبتّ الشؤون الوظيفية هي صلاحية الحكومة وليس مجلس النواب”.

عدّة شغل” ميقاتي

لكن مع ذلك، ثمّة من يجزم أنّ الحسم يتقدّم أكثر باتّجاه مجلس النواب. فميقاتي صاحب مصلحة بمحاولة إيهام الجهات الخارجية الضاغِطة للتمديد بأنّ حكومته حاولت حتى اللحظة الأخيرة، وهذا من عدّة الشغل “الميقاتية”، لكنّ القرار الصادر عن حكومته بتجاوز وزير الدفاع قد يخلق إشكالية تؤدّي إلى مزيد من التأزّم بوجود قائد جيش ممدّد له ومطعون بتأجيل تسريحه في مجلس شورى الدولة. كما أنّ الكلفة السياسية للتمديد خارج ملعب الحكومة هي أقلّ على الحزب.

لقاء الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس تناول اجتماعات الأخير خلال قمّة المناخ العالمية في دبي واتصالاته الدولية والمسار الذي سيَحكم التمديد لقائد الجيش بعدما كان التقى صباحاً السفير السعودي وليد البخاري

الجدير ذكره أنّ من يتقدّم بالطعن أمام “الشورى” هو “صاحب صفة ومصلحة”، وهذا يعني ضابطاً متضرّراً لا وزيراً أو نائباً أو فريقاً سياسياً بعينه. والسؤال هنا: هل يكون هناك “حميد إسكندر آخر” يطعن بقرار الحكومة؟

يذكر أنّ العميد إسكندر تقدّم في أيلول 2015 بمراجعة طعن أمام ?مجلس شورى الدولة? بقرار وزير الدفاع الأسبق سمير مقبل تأجيل تسريح قائد الجيش السابق جان قهوجي، وهو كان لا يزال في الخدمة الفعلية. وبعد ثلاثة أعوام  صدر قرار الشورى بإبطال قرار تأجيل التسريح لكن بعدما أحيل قهوجي وإسكندر إلى التقاعد.

آلان عون: مصير التمديد تحدّده الأكثريّة

هكذا التريّث على خطّ مجلس النواب هو سيّد الموقف بوجود رغبة ضمنية لدى برّي بأن تتكفّل الحكومة بالأمر. في ظلّ تقاذف الكرة المستمرّ والمماطلة يبدو قائد الجيش الخاسر الأكبر، حيث أرغَمه تضارب الحسابات السياسية على الجلوس في مكتبه منتظراً تحديد مصير بقائه في موقعه القيادي.

يقول أمين سرّ مجلس النواب النائب آلان عون لـ “أساس”: “الجلسة المرتقبة، إذا حصلت، ستكون جلسة تشريعية عادية تتضمّن مشاريع القوانين واقتراحات القوانين التي تمّ إنجازها في اللجان النيابية، وستكون اقتراحات القوانين المعجّلة المُكرّرة من ضمنها. وكما جَرت العادة في حالة الشغور الرئاسي، يتعاطى التيار مع المشاركة في الجلسة انطلاقاً من مبدأ أهمية المواضيع التي يتضمّنها الجدول، وهو يوازن بين منطق تشريع الضرورة من جهة، ومنطق عدم السير في المؤسّسات بشكل عادي في ظلّ غياب رئيس الجمهورية”.

يضيف عون أنّ “موقف للتيار هذا غير مرتبط بقضية التمديد لقائد الجيش، فقد سبق أن شارك أو قاطع في جلسات سابقة بمعزل عن هذا الموضوع. وهو سيأخذ قراره وفق المعايير نفسها عندما تتّضح طبيعة القوانين الموضوعة على جدول الأعمال بمعزل عن وجود اقتراح قانون التمديد. ومصير هذا الاقتراح ستحدّده الأكثرية التي ستحضر الجلسة النيابية بمعزل عن رأي كلّ فريق على حدة”. مع العلم أنّ مبدأ المشاركة في الجلسة يثير أصلاً انقساماً داخل “تكتّل لبنان القوي” الذي عقد اجتماعاً أمس ملمّحاً إلى احتمال عدم المشاركة في جلسة الهيئة العامّة ومكرّراً موقفه من رفض التمديد “غير القانوني”  لقائد الجيش.

تسوية عون-عثمان

يؤكّد مطّلعون: “إذا رَسَت التسوية في مجلس النواب فستشمل تمديد تسريح السنّ الحكمي من الخدمة لقائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، حيث لا إمكانية لتعديل قانون الدفاع من أجل شخص واحد، مع العلم أنّ آلية ملء الشغور واضحة ومتاحة في مديرية قوى الأمن، لكنّ المزايدات الطائفية لعبت دورها”.

يشير هؤلاء إلى أنّ “قرار التمديد لقائد الجيش الأسبق إميل لحود عام 1995 من خلال تعديل أحكام المادة 56 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (تحديداً القانون رقم 329 تاريخ 18-5-1994) لم يشمله فقط، بل إنّ القانون نفسه، ومنعاً للتخصيص، أجاز تمديد تعيين الموظفين الفنّيين في ملاك المديرية العامّة لرئاسة الجمهورية (تعديل المادّة 68 من نظام الموظفين)، كما اعتبر فترة التمديد من أصل خدماتهم الفعلية”.

إقرأ أيضاً: باريس: ترشيح قائد الجيش عامل تأزيم!

انتصار لبرّي

أكثر من ذلك، إقرار التمديد في مجلس النواب إذا تمّ (بنصاب حضور 65 نائباً) في ظلّ حديث نواب عن مفاجآت قد تحصل داخل الجلسة، هو انتصار سياسي صافٍ للرئيس بري بوجه الكتل المسيحية التي شَيطنت جلسات مجلس النواب، كما أنّ وزير الدفاع موريس سليم اعترف مسبقاً بمشروعيّته عبر القول إنّ “تعديل قانون الدفاع هو الخيار الوحيد المتاح لإبقاء قائد الجيش في موقعه فترة إضافية. إلا إذا أُقرّ لمصلحة قائد الجيش فقط فحينئذ قد يتعرّض للطعن أمام المجلس الدستوري”.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…