خبران انتشرا أمس. واحد على لسان وفد نقابة المحرّرين الذي التقى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وآخر رسميّ صدر عن عين التينة بعد اللقاء:
– الأوّل يقول كلاماً بدا لمن سمعه أو قرأه أنّه “مستغرب”. إذ كشف نقيب المحرّرين جوزف القصيفي لـ”أساس” أنّ “الرئيس برّي بدا متساهلاً جدّاً ومتحدّثاً عن تسوية لأزمة الرئاسة. وحرص برّي في حديثه أمام أعضاء النقابة على الإيحاء أن لا فيتو ضدّ قائد الجيش، مركّزاً على أنّ الموقف من ترشيحه متعلّق بالمادّة 49 من الدستور، تاركاً التفاصيل للتسوية المقبلة”. وأضاف: “برّي كان تصالحيّاً. والتمسنا منه أنّه يرغب في حوار ينتج اتفاقاً على اسم رئيس للجمهورية”.
صاحبنا ومش قاتل بيّي..
أكّد نائب نقيب المحرّرين صلاح تقيّ الدين لـ”أساس” هذا الكلام: “كان واضحاً أنّه لا يريد أن يكون محور الحوار سوى التوافق على اسم رئيس الجمهورية، ودعا إلى التوافق على أيّ رئيس، وأعلن أنّه سيسير به، نافياً ما نُقل عنه أنّه يتمسّك بسليمان فرنجية حتى لو اتّجه الحزب إلى التسوية”. وتابع تقيّ الدين: “أكّد لنا الرئيس برّي أنّه لا يمانع وصول قائد الجيش العماد جوزف عون إلى الرئاسة، إلا أنّ الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، وأشار إلى أنّه إذا حصل توافق عليه فعندها لن يمانع. وختم: الزلمي صاحبنا، ومش قاتل بيّي”.
الخبر الثاني هو ما صدر عن عين التينة من تأكيد أنّ الرئيس برّي شدّد على التمسّك باتفاق الطائف مقفلاً كلّ حديث عن الحوار في صيغة جديدة، وأنّه يتمسّك بالحوار مدخلاً إلى حلّ أزمة رئاسة الجمهورية.
ليست المرّة الأولى التي يدعو فيها برّي إلى الحوار، لكنّه هذه المرّة وضع أطراً جدّيّة تعلن أنّه مستعدّ للتسوية أكثر منه راغباً بالتمسّك بمرشّحه
برّي مفتاح الحوار والتسوية؟
ليست المرّة الأولى التي يدعو فيها برّي إلى الحوار، لكنّه هذه المرّة وضع أطراً جدّيّة تعلن أنّه مستعدّ للتسوية أكثر منه راغباً بالتمسّك بمرشّحه.
يأتي الكلام المنقول عنه تزامناً مع معطيَين:
– الأوّل محلّي، وهو سقوط فرضية التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتردّد نائبه الأول تسلّم مسؤولية الحاكمية.
– الثاني دولي وإقليمي يتّصل بدعوة قطر إلى اجتماع اللجنة الخماسية حول لبنان في الدوحة (أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر). فهل يكون برّي مفتاح الحوار والتسوية بعد عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان؟
لا بدّ من بعض الملاحظات الضروريّة:
1- الرئيس برّي اختار أن يقول هذا الكلام أمام وفد نقابة المحرّرين، التي طالما اختارها لنقل مواقفه السياسية. والكلام أمام الصحافيين “بيوصل”.
2- برّي وجد نفسه أمام تقاطع داخلي وخارجي يقود إلى تسوية لا يريد أن يواجهها. أوّلاً في حاكمية مصرف لبنان: بعد عودة نائب الحاكم الأوّل وسيم منصوري من الولايات المتحدة الأميركية وتعبيره عن عدم رغبته بتولّي مسؤولية الحاكمية في بيان مشترك مع نواب الحاكم الثلاثة الباقين، دعا إلى تعيين حاكم جديد، فطرح الرئيس برّي والرئيس نجيب ميقاتي فكرة التعيين. إلا أنّها سرعان ما سقطت مع اعتراض الحزب أوّلاً، والمسيحيين وفي مقدَّمهم بكركي ثانياً. وبعد تأكيد الفريقين ضرورة تنفيذ قانون النقد والتسليف بتولّي نائب الحاكم المسؤولية، رفض برّي أن تنفجر الأزمة في عين التينة بعد نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان نهاية تموز الجاري.
قرأت مصادر سياسية في كلام برّي أمام نقابة المحرّرين استعداداً واضحاً للوصول إلى منتصف الطريق في تسوية وطنية برعاية إقليمية ودولية، وبالتالي عدم التمسّك بمرشّح الثنائي مقابل الترحيب بأيّ تسوية مقبلة.
3- يأتي كلامه قبل عودة لودريان إلى بيروت بعد مشاوراته مع الدول المعنيّة بلبنان، وبالتزامن مع دعوة قطر إلى اجتماع اللجنة الخماسية. وهذا يعني أنّ لودريان عائد بدعوة إلى الحوار من أجل التسوية، فاستبقها برّي بمواقف مرحّبة وممهّدة لما سيحمله معه لودريان إلى بيروت من اقتناعٍ بات لدى كلّ الدول المعنية بالشأن الرئاسي اللبناني بضرورة الذهاب إلى توافق وتسوية.
إقرأ أيضاً: هل يغطّي الحزب التعيينات العسكريّة؟
في الخلاصة، يعود الموفد الفرنسي جان إيف لودريان مطلع الأسبوع المقبل متسلّحاً بمفاوضات أجراها مع مستشار الديوان الملكي نزار العلولا، ويعود على وقع دعوة قطرية بعد الكلام عن جولات قام بها الوفد القطري في بيروت طارحاً حلّاً رئاسياً تسووياً بين القوى اللبنانية. وعليه، بدأ التمهيد للوصول إلى تسوية تحت سقف الميثاق والطائف والدستور، وهي مسلّمات تحدّث عنها الرئيس برّي أمام زوّاره.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@