تكاد جولة النائب جبران باسيل السياسية تُختَصر بمُعطيين أساسيّين كشف عنهما غريمه الزغرتاوي سليمان فرنجية بعد لقاء كسر الجليد الذي جمعهما في بنشعي:
– تبلور موقف هو الأوّل من نوعه بمساندة فرنجية لباسيل في وقوفه بوجه التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون إن كان في مجلس النواب أو مجلس الوزراء. وقد جاء هذا الموقف مباشرة عقب فتح رئاسة الحكومة رسمياً لملفّ ملء الشغور في المؤسسة العسكرية من قائد الجيش ونزولاً.
– كشف فرنجية عن تمسّك التيار الوطني الحر بموقفه من رئاسة الجمهورية، لكن مع “إبداء باسيل نيّة للتعاون” مع رئيس تيار المردة في حال انتخابه رئيساً للجمهورية.
في هذا السياق، تفيد معطيات “أساس” أنّ لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس تطرّق إلى “المَشكَل” مع وزير الدفاع موريس سليم الذي دفعه إلى مقاطعة اجتماع اللقاء الوزاري التشاوري في السراي على خلفيّة الكتاب الذي وصل إليه حول ملء الشغور، فيما كان لافتاً الخبر الرسمي الذي صَدَر عن اللقاء حول ضرورة “مقاربة موضوع المؤسسة العسكرية بهدوء ورويّة، حيث يمكن الوصول إلى النتائج المرجوّة”.
تكاد جولة النائب جبران باسيل السياسية تُختَصر بمُعطيين أساسيّين كشف عنهما غريمه الزغرتاوي سليمان فرنجية بعد لقاء كسر الجليد الذي جمعهما في بنشعي
لكنّ أوساط رئاسة الحكومة تجزم لـ “أساس” أنّ “غاية اللقاء الأساسية التداول في الوضع الأمني في الجنوب ربطاً بأحداث غزّة ونتيجة زيارة ميقاتي للحدود ولقائه قائد الجيش وقيادة اليونيفيل و”ما تطلبه” دول الخارج من لبنان بغية عدم انجرار لبنان إلى الحرب”.
أمّا لناحية التعيينات العسكرية والتمديد فتقول الأوساط: “لا شيء واضحاً حتى الآن. هناك آليّة يتمّ العمل عليها في الأمانة العامّة لمجلس الوزراء، خصوصاً بعد ما حدث في اللقاء التشاوري يوم الأربعاء، وهناك اتصالات واجتماعات بكلّ الاتّجاهات لبتّ هذا الموضوع”، مشيرة إلى أنّ “الملفّ قيد المعالجة الهادئة بين الرئيس ميقاتي والوزراء المعنيين به التي ستصل حتماً إلى حلّ”.
طرح موقف فرنجية من التمديد لقائد الجيش علامات استفهام حول كيفية ترجمته في مجلس الوزراء الباحث عن صيغة قانونية لتعيين رئيس أركان وإبقاء العماد عون في موقعه أقلّه عاماً واحداً في ظلّ المشاركة الدائمة لوزيرَي “المردة” زياد مكاري وجوني القرم في جلسات الحكومة، وأثبت توافق الرجلين على الرغم من الهوّة السياسية الفاصلة بينهما والخصومة الشرسة على إزاحة قائد الجيش من الحلبة الرئاسية من خلال أوّلاً عرقلة مشروع التمديد له على رأس المؤسّسة العسكرية.
الرئاسة: تمديد مفتوح للفراغ
لكنّ لقاء الخصمين أثار التكهّنات حول مدى تأثيره على المَسار الرئاسي “المُكربَج” أكثر من أيّ وقت مضى بفعل تداعيات حرب غزّة واحتمال وصول شظاياها إلى داخل العمق اللبناني.
أوساط رئاسة الحكومة تجزم لـ “أساس”: غاية اللقاء الأساسية التداول في الوضع الأمني في الجنوب ربطاً بأحداث غزّة ونتيجة زيارة ميقاتي للحدود ولقائه قائد الجيش وقيادة اليونيفيل و”ما تطلبه” دول الخارج من لبنان بغية عدم انجرار لبنان إلى الحرب
المؤكّد، وفق المعطيات، أنّه على الرغم من مطالبة باسيل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تتولّى إقرار التعيينات وتحمّل مسؤوليات المرحلة المقبلة، فإنّ المحادثات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط وفرنجية لم تتطرّق إلى مفاتيح الحلّ الرئاسي وتعقيداته باستثناء إعادة التذكير بصوابية الخيار الثالث الرئاسي، ولم يُظهِر باسيل في مداولاته مع حلقته الضيّقة أيّ تنازل في ما يتعلّق بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.
تقول أوساطٌ قريبة من رئيس التيار لـ “أساس” إنّ الحديث الهاتفي بين باسيل والأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله تطرّق أيضاً إلى الملفّ الرئاسي حيث طرح رئيس التيار فكرة انتخاب رئيس للجمهورية “فوراً” من زاوية تحصين الجبهة الداخلية على قاعدة “المرشّح الثالث”، وهو الأمر الذي كرّره خلال لقاءاته مع من التقاهم أخيراً لكن من دون التطرّق إلى آليّة إزالة الألغام أمام الرئاسة.
في المقابل يؤكّد مصدر مطّلع لـ “أساس” أنّ “الحزب الذي كان يربط تجاوبه المشروط مع المبادرة القطرية ومن خلفها الدول الخمس ببحث الخيار الثالث شرط اقتناع أو إقناع سليمان فرنجية بالانسحاب، بات اليوم ربطاً بما يجري في غزّة والإقليم متمسّكاً أكثر بعدم انسحاب فرنجية، حتى لو أراد الأخير ذلك”، فيما يخوض استحقاق التمديد لقائد الجيش بأقلّ حدّية تاركاً الباب مفتوحاً أمام احتمال إبقاء العماد عون في اليرزة لضرورات المرحلة، ولا سيّما في ظلّ التنسيق القائم راهناً على الجبهة الجنوبية والموصول بالنشاط العسكري للفصائل الفلسطينية على الحدود.
وَصَل موقف الحزب، وفق المصدر نفسه، إلى المعنيّين في الداخل والخارج. وهذا يعني أنّ ملفّ الرئاسة مؤجّل ربّما لفترة طويلة، إذ لا مبادرة حقيقية تستطيع سحب سليمان فرنجية من السباق، ولا خرق يُذكر في حسابات الأصوات والكتل النيابية يمكّنه من الوصول إلى قصر بعبدا.
إقرأ أيضاً: قائد الجيش لبرّي: حَذار فَرط الجيش!
الأهمّ أنّ الحزب نفسه يدير معركة أكثر مصيرية بالنسبة إليه من حرب تموز 2006، وقياداته مُنغمِسة بالكامل بحماية نفسها وبيئتها ومقاتليها أولاً، ووَصْل ما يجري على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية مع قطاع غزة ثانياً، والدليل الرسالة التي وجّهها السيّد نصرالله بتسمية شهداء الحزب بـ “الشهداء على طريق القدس”.
إلى ذلك لم ينجح فرنجية الذي رَبَط، كما قال، “حصول اتفاق رئاسي” (على اسم آخر) “بالاحتكام لطلب النواب الـ 51 الذين أيّدوني لأنّهم وحدهم بمونوا”، في استثمار زيارة بنشعي، إذ إنّ رهانه الأكبر هو على تبدّل موقف باسيل وليس استمالة الكتل المستقلّة والمعارضة التي لا تمانع، أو تحبّذ، تأجيل تسريح قائد الجيش، وهو ما يبقي حظوظ عون الرئاسية مرتفعة.
لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@