يؤكد الإجتماع الوزاري المشترك للشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتّحدة – الذي عُقد في الرياض في السابع من الشهر الجاري – وشمولية المسائل والأزمات التي أُدرجت على جدول أعماله، على الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في تثبيت الإستقرار الإقليمي والدولي، وعلى شراكة ملتزمة وملزمة مع الولايات المتّحدة صاغتها دبلوماسية عصرية ومسؤولة، نجحت في الإعلان عن نفسها كما نجحت في تخطي كلّ المسلّمات التي قامت عليها العلاقات بين القوى الكبرى ودول المنطقة.
وإذ أكدت خلاصات الإجتماع على إيجاد إطار دولي/ عربي قادر على التماهي مع كل الإتّفاقات والتفاهمات السابقة بما فيها العلاقات الخليجية المستجدة مع روسيا والصين، فإن عناوين عديدة في متنها أتت في موقع التقاطع والتكامل مع بنود الإتفاق السعودي الإيراني الذي تمّ التوصل إليه في 10 آذار المنصرم، لا سيما ما يتعلّق بحرية الملاحة ومواجهة ما من شأنه تهديد الممرات الملاحية والتجارة الدولية والمنشآت النفطية في دول المجلس.
لم ينجح أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في تهدئة مخاوف الدول الغربية من استمرار تقدم برنامج إيران النووي بشكل كبير وتكديسها اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة إلى مستويات غير مسبوقة، قدّر غروسي حجمها بـ114 كيلوغراماً
كذلك تقاطعت عناوين أخرى مع بيان القمّة العربية التي عقدت في الرياض في 19 أيار وما سبقها، لا سيما اللقاء التشاوري في عمان في الأوّل من أيار، بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والعراق وسوريا لجهة التزام التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، وبما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015).
البيان الخليجي الأميركي المشترك دعم القوات الأميركية وقوات التحالف التي تعمل على تحقيق الهزيمة لـ”داعش” في سوريا، وأدان جميع الأعمال التي تهدد سلامة وأمن هذه القوات، وقدّم غطاءً خليجياً تحتاجه الولايات المتّحدة لتحقيق توازن يحظى بدعم عربي لمواجهة المواقف المستقبلية لكل من سوريا وتركيا وإيران وروسيا وما تخرج به اللقاءات الرباعية في موسكو وإجتماعات آستانا حيال الأزمة السورية.
“إيران أصبحت مشكلة”
بالتوازي مع تأكيد الجانبين دعمهما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ودعوة إيران للتعاون الكامل مع “وكالة الدولية للطاقة الذرية”، برز موقفان متلازمان أميركي وأوروبي يتعلقان بالمفاوضات النووية مع إيران. المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض نفى تقارير عن اقتراب إيران والولايات المتّحدة من التوصل لإتفاق مؤقت تلتزم بموجبه طهران بوقف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم التي تزيد نسبتها عن 60 بالمئة، والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة برنامجها النووي مقابل إلغاء بعض العقوبات.
أكثر مظاهر التعبير عن السقوط في السياسة هو سلطة خرجت من وجدان مواطنيها وافتقدت ثقتهم واحترامهم، ولم يعد تجديدها يعني شيئاً للبنانيين
لم ينجح أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في تهدئة مخاوف الدول الغربية من استمرار تقدم برنامج إيران النووي بشكل كبير وتكديسها اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة إلى مستويات غير مسبوقة، قدّر غروسي حجمها بـ114 كيلوغراماً. كما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن دبلوماسي أوروبي رفيع بأن إيران “أصبحت مشكلة” وأن التصعيد لا يطال فقط برنامجها النووي، بل أيضاً الصاروخي، وأن العودة للإتفاق بشكله الذي كان مطروحاً قبل عام “لم يعد ممكناً” بسبب تغير المعطيات” منذ ذلك الحين.
أين لبنان من خارطة الطريق العربية التي تتضح معالمها يوماً بعد يوم وتستند الى نقطتين أساسيتين، أولهما تبلور مرجعية عربية، تقودها المملكة العربية السعودية، انتزعت المبادرة في مقاربة الأزمات الإقليمية والدولية وأحدثت تبدلاً في أساليب المعالجة وأقصت أسلوب الصراعات المذهبية لصالح مسارات دبلوماسية /إقتصادية في ظل أزمة خانقة تعيشها دول العالم الصناعي. والنقطة الثانية، تشكيل نقطة جذب وتثبيت شراكات دولية خارج الإصطفافات المعهودة بعد الإخفاق الكبير الذي واجهته المقاربات الغربية وعلى رأسها الولايات المتّحدة؟
لقد أكدت المرجعيات الدولية، لا سيما الفرنسية والأميركية، المعنية بالأزمة اللبنانية المتشعبة ومدخل حلها إنهاء الشغور الرئاسي، أنّ ليس لدى أي منها أي مرشّح وأنّ الخروج من الأزمة “يتطلّب أكثر من اتّفاق على إسم… وأنّ المرشّح الأنسب هو الشخص الذي سيتمكّن من الإلتزام بالإصلاحات الضرورية”. كما أكدت المقاربات الإقليمية وفي مقدّمتها المقاربة السعودية وآخرها المقاربة السورية التي عبّر عنها البيان الرئاسي بعد زيارة الرئيس اللبناني السابق ميشال عون لدمشق أن على اللبنانيين الإتّفاق فيما بينهم على الخروج من الأزمة.
إقرأ أيضاً: لبنان: كيف نشفي مريضاً بعد الانتحار؟
وفيما يمعن الحزب وحلفاؤه في محاولاتهم لاستنساخ تسويات سابقة على مكتسبات أضحت خارج الصلاحية، ستقدّم ساحة النجمة في الرابع عشر من الشهر الحالي مشهداً متجدداً لتخلّف سياسي في لبنان، عاجز عن فهم ومواكبة ما يجري في الإقليم القريب والعالم.
أكثر مظاهر التعبير عن السقوط في السياسة هو سلطة خرجت من وجدان مواطنيها وافتقدت ثقتهم واحترامهم، ولم يعد تجديدها يعني شيئاً للبنانيين.