إسرائيل تهتزّ والسعودية تلتزم حل الدولتين..

مدة القراءة 5 د


بدا “التّيه” السّياسي الإسرائيلي واضحاً وجليّاً على امتداد نهار المعركة في مستوطنات غلاف غزة أمس في تضارب تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بين عمليّة ردّ سريعة وبين دعوة الحكومة إلى الاجتماع واتّخاذ القرار.
ترافق هذا المشهد مع تكتّمٍ أصاب كلّ القيادات السّياسيّة الإسرائيليّة. لم يعدُ في تل أبيب من يتحدّث السّياسة غير المُعلّقين والمُحلّلين على شاشات التلفزة. أمّا قادة أحزابها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فكانوا بين غائب ومُغيَّب ومُتغيِّب.

مسيّرة إسرائيلية قصفت حمص..
ينقل مصدر أمني سوري لـ”أساس” أنّ ما حصلَ في غزّة مُتّصل بما حصلَ في سوريا قبل أيّام، إذ أشارت التحقيقات التي أجرتها سوريا وإيران إلى أنّ استهداف الكليّة الحربيّة في حمص كانَ عملاً أمنيّاً إسرائيليّاً. وقد أكّد هذا الكلام ما قاله القائد العامّ لكتائب القسّام، الجناح العسكريّ لحركة “حماس”، محمد الضيف في كلمته مع بدء عمليّة “طوفان الأقصى” من أنّه لم يعد باستطاعة إسرائيل أن تضربَ في غزّة والعراق وسوريا من دون أن تلقى ردّاً.
ليسَ خفيّاً أنّ تطوّر القدرات العسكريّة والأمنيّة لحركتَيْ “حماس” و”الجهاد” هو نِتاج جهد مشترَك يمتدّ من الحزب في لبنان إلى الحرس الثّوريّ في إيران. وقد تكلّلَ بالإعلان السّياسي عمّا باتَ يُعرف بـ”وحدة السّاحات”. هذا لا يحتاج إلى جهدٍ عميق منذ إقامة مجالس العزاء لقاسم سليماني في غزّة، وصولاً إلى تسلّم نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري القيادة الأمنيّة وإدارة الجبهات.
يدخل في هذا الإطار التحذير المُتكرّر للأمين العامّ للحزب حسن نصرالله في إطلالاته الأخيرة من أنّ أيّ استهداف لمسؤول فلسطيني في لبنان، سيُقابل بردّ من الحزب. كان نصرالله يعني في هذا حماية مُسبقة لصالح العاروري، الذي يُمسك بالقرار العسكريّ والأمنيّ في الحركة، على ما قال مصدر فلسطينيّ رفيع في بيروت لـ”أساس”.

ينقل مصدر أمني سوري لـ”أساس” أنّ ما حصلَ في غزّة مُتّصل بما حصلَ في سوريا قبل أيّام، إذ أشارت التحقيقات التي أجرتها سوريا وإيران إلى أنّ استهداف الكليّة الحربيّة في حمص كانَ عملاً أمنيّاً إسرائيليّاً

يشير المصدر إلى أنّ نأي حركة حماس عن نفسها في الدّخول في الجولات الأخيرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي في غزّة، كان في إطار التّضليل الاستخباريّ لتل أبيب وإيهامها بأنّ “حماس” تُفضّل التهدئة ولا تُريد الدّخول في مواجهة واسعة.

لا حلّ دون دولة فلسطينية مستقلة..
في المبدأ، كلّ حربٍ هي لتحقيق أهداف سياسيّة. وعمليّة “طوفان الأقصى” حتماً لن تخرج عن هذا السّياق.
لكن ما كان ينبغي على الدّولة العبريّة أخذه في الحسبان، ولم تفعل، هو الموقف الخليجيّ عموماً والسّعوديّ خصوصاً، وذلكَ عبر تنصّل الحكومة الإسرائيليّة من المُضيّ بالمبادرة العربيّة للسّلام. انفردَت المملكة العربيّة السّعوديّة بقراءة معنى الانسداد السّياسيّ والبدائل التي تتولّد عنه: فكان “طوفان الأقصى”.
صحيحٌ أنّ الرّؤى السّياسيّة الاستراتيجيّة لكلّ من إيران وسوريا هي غير الرّؤية السّعوديّة، لكنّ التطوّر المُذهل في غزّة جاءَ ليُعيد للسّياسة معناها الحقيقي، ويبيّن أنّ العنف الإسرائيليّ لن يستجرّ سوى عنف مضادّ يجعل الصّلة بين منطقة الشّرق الأوسط والاستقرار مبتورة على الدّوام.
أكّد هذا ما جاءَ في البيانين الصّادريْن عن وزارة الخارجيّة السّعوديّة ومجلس التّعاون لدول الخليج العربيّ واللذين حمّلا الحكومة الإسرائيليّة مسؤوليّة ما آلت إليه الأوضاع في غزّة، بسبب استمرار الانتهاكات بحقّ الشّعب الفلسطيني والمُقدّسات والأهم في النصيّن التأكيد على حل الدولتين إذ لا نهاية لهذا الصراع من دون الإقرار بحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة.

ليسَ خفيّاً أنّ تطوّر القدرات العسكريّة والأمنيّة لحركتَيْ “حماس” و”الجهاد” هو نِتاج جهد مشترَك يمتدّ من الحزب في لبنان إلى الحرس الثّوريّ في إيران

هذا المشهد المُتشعّب الأضلاع من السّعوديّة إلى سوريا فإيران، معطوفاً على حقّ الشّعب الفلسطينيّ، أعطى لعمليّة “طوفان الأقصى” مشروعيّة سياسيّة ودينيّة بلغت حدّ إعلان حركة “طالبان” الأفغانيّة استعدادها للعبور نحو تحرير القدس، في حال أذنَت لها دول الجوار بذلك.
إذا كان كلام “طالبان” يقع الآن في ظلّ الخيال السّياسيّ، فقراءة بيانات الحزب والحشد الشّعبي والحوثيين ومجلس التعاون الخليجي والدّول العربيّة تقول إنّ الأمور في طور “العود على بدء”.
جاءَ “طوفان الأقصى” في وقت تُعدّ الإدارة الأميركيّة لزيارة وزير خارجيّتها أنتوني بلينكن لكلّ من الرّياض وتل أبيب لاستكمال مفاوضات التطبيع بينهما. واضحةٌ هي بصمات إيران ورسائلها في عمليّة “حماس” و”الجهاد” التي جاءَت عقب تصريحات ضدّ هذا التطبيع بدأت مع المرشد الإيرانيّ علي خامنئي وإبراهيم رئيسي وحسن نصرالله.

إقرأ أيضاً: قراءة أوّليّة.. لأكتوبر غزّة!

تُريد طهران وقف مسار التطبيع السّعوديّ – الإسرائيلي، الذي باتَ اليوم أمام مساريْن:
– الأوّل: أن تكون العملية عابرة ولا تُستثمر في السياسة وهذا غير ممكن.
– الثّاني، وهو الأقرب إلى الواقع: أن يُستكمَل مع تطوير شروط التفاوض السعودي – الإسرائيلي بعد بيان وزارة الخارجيّة الذي ثبّتَ الموقف السّعوديّ من القضية الفلسطينية وحقوق الشّعب الفلسطيني على أساس المبادرة العربية للسلام وحل الدولتين.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: IbrahimRihan2@

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…