باريس: التسوية آتية… ونحن في مرحلة “رفع السقوف”

مدة القراءة 5 د


تعكس عناوين الصحف المتشائمة التي ترى انسداد الأفق الرئاسي، مواقف قوى سياسية أدركت أنّ الطبخة على مشارف استوائها. وما هي المواقف المتشائمة إلا رفع سقوف خلال الفصل الأخير، لا سيما أنّ اللجنة الخماسية اتّخذت قرارها بالضغط لانتخاب رئيس تحت وقع التهديد باستخدام سيف العقوبات على معرقلي الاستحقاق الرئاسي.

آخر اللقاءات المفصلية كانت في الرياض، حيث استقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والتقى الأخير مستشار الديوان الملكي نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد بخاري. هذه اللقاءات ما هي سوى إعلان لتوحيد مقاربة اللجنة الخماسية في الملفّ الرئاسي اللبناني بعد سيل الكلام عن اختلافات بينها.

لودريان عائد في الجزء الثاني من شهر تشرين الأول، مع إمكانية لأن يزور دولاً أعضاء في الخماسية، منها قطر ومصر، قبل عودته إلى لبنان، للتأكيد على وحدة الصف بين أعضاء الخماسية

فرنسا: لا خلاف “خماسيّاً” واللبنانيون “منفصلون عن الواقع”

شكّلت مقابلة لودريان الصحافية في جريدة “لوريان لو جور” اللبنانية، مفصلاً في تحديد الموقف الفرنسي. بعدها حرصت السفارة الفرنسية في بيروت على التأكيد لوسائل الإعلام اللبنانية، ومنها للقوى السياسية، على مجموعة نقاط من شأنها أن تُفهم السياسيين في لبنان حجم الملل والاستياء لدى الإدارة الفرنسية من “قوى لبنانية منفصلة عن الواقع لا تأبه إلا لمصالحها”. ووزّعت أجواء عن استياء من محاولة هذه القوى تلفيق تهمة التعطيل للّجنة الخماسية بحجّة “اختلافات” بينها تعيق الاتفاق على رئيس. وعليه حرصت مصادر السفارة الفرنسية في لبنان على تأكيد الآتي:

– لودريان عائد في الجزء الثاني من شهر تشرين الأول، مع إمكانية لأن يزور دولاً أعضاء في الخماسية، منها قطر ومصر، قبل عودته إلى لبنان، للتأكيد على وحدة الصف بين أعضاء الخماسية.

– المبادرة الفرنسية والمبادرة القطرية تتكاملان ولا تتعارضان، وبالتالي كلّ جهود أعضاء الخماسية تصبّ في الخانة نفسها، وأيّ طرح قطري هو طرح “الخماسية” كلّها، بما فيها الدولة الفرنسية.

– يتناول النقاش الجدّي إمكانية وضع مدى زمني لانتخاب الرئيس. والإشكالية المطروحة تتّصل بالسؤال التالي: ماذا لو لم تلتزم الطبقة السياسية بالمدّة الزمنية؟

من هنا يجري نقاش جدّي في إمكانية فرض عقوبات أوروبية وأميركية على معرقلي الانتخابات الرئاسية. إلا أنّ هذا الأمر لم يُحسم بعد. وهذا سبب عدم صدور أيّ بيان عن اللجنة الخماسية التي انعقدت في نيويورك في أيلول الجاري.

– سيعود لودريان إلى لبنان حاملاً أفكاراً جديدة أبرزها أن يُستبدل الحوار بتشاور بين القوى السياسية، يليه انعقاد جلسة انتخابية بدورات مفتوحة، وذلك حرصاً على عدم خرق الدستور أو تكريس أعراف جديدة .

سيعود لودريان إلى لبنان حاملاً أفكاراً جديدة أبرزها أن يُستبدل الحوار بتشاور بين القوى السياسية، يليه انعقاد جلسة انتخابية بدورات مفتوحة، وذلك حرصاً على عدم خرق الدستور أو تكريس أعراف جديدة

عودة إلى بيان نيويورك والخماسيّة تسمّي رئيساً

يُقرأ هذا الكلام الصادر عن الفرنسيين بشكل واضح باعتباره رسالة إلى المملكة العربية السعودية مفادها أوّلاً أنّ فرنسا لا تعارضها في مقاربتها. وبالتالي بعد أشهر من الصولات والجولات الفرنسية بحثاً عن تسوية لبنانية على رأسها مرشّح الثنائي سليمان فرنجية، ها هي تعود إلى ما جرى الاتفاق عليه في البداية في نيويورك من العام الماضي.

لا تقتصر الإشارات الفرنسية على الخارج بل تتّجه إلى الداخل أيضاً في موضوع الحوار. فموقف لودريان أوّلاً ومصادر السفارة الفرنسية ثانياً تحرص على توضيح الموقف تجاه الحوار، وطلب تحويله إلى تشاور لا يكرّس أعرافاً جديدة. يتناغم هذا الموقف مع الخطوط الحمر التي وضعتها المملكة العربية السعودية، وأخذ علماً بها أصدقاؤها وحلفاؤها في لبنان، وتحديداً حزب القوات اللبنانية.

إلى حين عودة لودريان، ما يزال الموفد القطري يهيّئ أرضيّة مشتركة وسط كثير من الكتمان. ولكن على الرغم من الكلام عن لائحة من أربعة أسماء، سيُطرح في المقبل من الأيام ما يدور من كلام في الكواليس عن أنّ اللجنة الخماسية ستجد تقاطعاً دولياً محلّياً على اسم واحد للرئاسة. وحتى ذلك الحين، ليست المواقف التصعيدية في الداخل سوى محاولات لرفع سقوف وأثمان لقاء الدخول في التسوية.

يكشف مصدر دبلوماسي لـ”أساس” أنّ “مختلف القوى تدرك للأسف أنّ دخولها في تسوية بغطاء دولي له أثمان، وبالفعل دخلت سوق العرض والطلب. لكنّ ما لا تعرفه هذه القوى أنّها لا تملك هامش تحديد سعرها، لأنّ التسوية الدولية آتية وأقوى منها وأكبر. وستذهب عاجلاً أو آجلاً إلى التوقيع”.

إشارات المملكة وقرارات منصوري

في الساعات الماضية، قرأ اللبنانيون عنواناً صدر في يوم السياحة العالمي في الرياض على لسان وزير السياحة السعودي الذي قال إنّ “لبنان يتمتّع بكلّ مقوّمات السياحة بما فيها شعبه الرائع”.

إقرأ أيضاً: لودريان العائد: “الخُماسيّة” غاضبة منكم!

في المقابل، قال حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري خلال لقاء مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي إنّه “لن يتمّ طبع ليرة لتمويل الدولة ولا استكتاب سندات خزينة، وتمويل الدولة بالدولار أمر غير وارد. وأموال المودعين لا يمكن أن تُستردّ إلا بعد إعادة هيكلة المصارف”.

ليس الطرحان منفصلين، وهما مرتبطان بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت وبحسب شروط الخماسية المتعلّقة بالاسم والمواصفات.

من جهته، قال النائب ملحم الرياشي إنّ الخماسية ستنجح في تحقيق تقاطع محلّي على اسم، وإنّ التسوية مقبلة قريباً، ولن تكون إلا اتفاق الخاسرين.

لذلك لا بدّ للسقوف أن تنخفض في وقت الجدّ لأنّ ما هو آتٍ على لبنان أكبر من مكابرة زعمائه.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…