وصيّة سجعان القزّي

سجعان القزّي الماروني حتى النخاع، الوطني حتى الشهادة، يرحل عن اليوميّات بقضاء الله وقدره، لكنّه باقٍ في الرؤى الوطنية الاستراتيجية من خلال تراث من الأفكار والمبادرات. وما السياسة في معناها الحقيقي إلا مبادرات لا تنتهي، يقف خلفها هوامير السياسة لا صعاليكها، وسجعان القزّي كان من طينة هؤلاء الهوامير.

سنفتقد مقالته الأسبوعية في جريدة “النهار”، وسنفتقد بلاغته العربية، التي تذكّرنا بأنّ المسيحيين حفظوا اللغة العربية، كما حفظوا لبنان. وستفتقده بكركي، التي اعتادت على الاستماع إلى رأيه، وعلى أن يكون واحداً من جنودها المجهولين، ومن عقولها العاقلة.

مع “أساس” كان لسجعان القزّي شبه اتصال هاتفي يوميّ من كلّ الزملاء للوقوف على رأيه والاطّلاع على ما في جعبته من أسرار. أمّا في التصريح فكانت له محطّتان. الأولى في شهر أيار 2021 تحت عنوان “المتمرّد”، والثانية في شهر تشرين الثاني في احتفال الاستقلال الثاني الذي أقامه “أساس” بفندق “الريفييرا” حيث كانت له كلمة طرح فيها ثلاث أفكار قد تصلح لتكون وصيّته.

سجعان القزّي الماروني حتى النخاع، الوطني حتى الشهادة، يرحل عن اليوميّات بقضاء الله وقدره، لكنّه باقٍ في الرؤى الوطنية الاستراتيجية من خلال تراث من الأفكار والمبادرات

الوصيّة

-الفكرة الأولى: أنّه عندما طرح غبطة البطريرك بشارة الراعي مشروع الحياد، لم يطرحه من أجل إنقاذ لبنان تحديداً، إنّما من أجل إنقاذ الشراكة المسيحية-الإسلامية، لأنّها هي التي يمكن أن تنقذ لبنان، وكلّ مشروع يُطرح خارج إنقاذ هذه الشراكة لا يؤدّي إلا إلى أزمات جديدة. لهذا السبب أنا إذا فيني شاطر هيدا التكريم، تكريمي أيضاً، أحبّ أن أشاطر معي وتقديمه للشراكة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.

-الفكرة الثانية: وردت في الكلمة القيّمة التي قالها الوزير نهاد، وجاء فيها أنّ هناك استطلاعاً لمؤسّسة “ايدناو” أظهر أنّ أكثرية لبنانية تطالب بنزع سلاح حزب الله. نزع سلاح حزب الله لا يتعلّق باستطلاعات رأي، بل يتعلّق بالدستور اللبناني. يمكن أن يكون هناك أقلّية فقط ومش أكثريّة مع نزع السلاح، لكنّ الدستور هو الذي يؤكّد ضرورة نزع السلاح غير الشرعي من لبنان، وليس استطلاعات الرأي.

-الفكرة الثالثة: هي أنّه اليوم نشوء جبهة وطنية ضروري، ويا ما حكينا أنا ونهاد في هذا الموضوع ومع زملاء، ولكنّ هذه الجبهة الوطنية يجب أن لا تكون جبهة برنامجها مثل برامج الجبهات السابقة، يجب أن تكون جبهة ببند واحد المواجهة خارج المواجهة، لا حلّ اليوم للوضع اللبناني، ما في حكي بالدستور، ما في حكي بالإصلاحات الدستورية، اليوم نريد دولة حرّة بقرارها، بعيداً عن هيمنة السلاح غير الشرعي، وعندما نحكي بالقضايا السياسية الأخرى وما لازم نغلط.

إقرأ أيضاً: 

الأولويّات أنا أعتقد لازم اليوم يصير عنّا حركة وطنية جامعة من كلّ الطوائف المؤمنة بلبنان السيّد الحرّ لكي نستعيد الاستقلال، واليوم أتأسّف أنّ الذين يختلفون بعيد الاستقلال لا أعرف إلى أيّ مدى يحقّ لهم الاحتفال بعيد الاستقلال؟ فمن يحقّ له الاحتفال بالعيد هم الذين عندهم خيارات مستقلّة واستقلاليّة، وليس خيارات بعيدة عن استقلال وسيادة لبنان. نحن هنا نستحقّ أن نحتفل بالاستقلال، كما أنّ الجيش اللبناني يستحقّ أن يحتفل بالاستقلال، لأنّه يبقى الجيش الرهان على وحدة لبنان.

مواضيع ذات صلة

غابت الأسطورة… “الإطار” باقٍ!!

في سيرة الأسطورة ثمّة لحظة واحدة هي لحظة كافية لولادتها، لحظة يصير فيها صاحبها أسطورة. في سيرة السيّد حسن نصرالله لحظاتٌ كثيرة. البعضُ يحدّدها في…

خمس حقائق في اغتيال السيّد

الجمعة 27 أيلول 2024 محطّة مفصليّة في تاريخ لبنان. تحاكي بأهمّيتها الثلاثاء 14 أيلول 1982 (اغتيال بشير الجميّل) والإثنين 14 شباط 2005 (اغتيال رفيق الحريري)….

الوهم الإيرانيّ “القاتل”

تعتري المواقف الايرانية ازدواجية لا مثيل لها. تصرّح بالشيء وتفعل نقيضه. ما يهمّها هو مواصلة إيهام جمهورها الداخلي كما أتباعها في الخارج بأنّها تمتلك الإمكانيات….

إسرائيل… من التفوق إلى الجنون

دعونا نبدأ الحكاية من حزيران 1967، مع أن ما قبلها كان يشبهها، حيث عقدة التفوّق والقدرة العسكرية، استحكمت في نفوس الإسرائيليين وعقولهم لدرجة اليقين بأنهم…