يبدو أنّ إسرائيل على وشك استنساخ تجربة “الحرس الثوري” الإيراني، وإسقاطها على المشروع الصهيوني، من خلال “الحرس الوطني” الذي فاز وزير الأمن إيتمار بن غفير بصفقة إنشائه، بموافقة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، وذلك في إطار صفقة سحب بن غفير بموجبها اعتراضه على “الانقلاب القضائي” الذي يقوده نتانياهو لأسباب شخصية هرباً من تهم الفساد.
إنّ “الحرس الوطني” الذي يستهدف الفلسطينيين مباشرة على جانبَي الخط الأخضر، ويتبع بن غفير مباشرة ويخضع لتعليماته، هو الذي يؤمن أنّ: “العرب في إسرائيل ساكنون مؤقّتون، والضفة الغربية ستصبح مستوطنات يهودية داخل حدود إسرائيل”.
هو مشروع هدفه إضفاء الشرعية الرسمية الإسرائيلية على الجماعات الإرهابية الصهيونية. ومهمّة هذه الميليشيا قمع فلسطينيّي الخطّ الأخضر وحماية قطعان المستوطنين في الضفة الغربية. ويتلقّى بن غفير المساندة من زميله في الائتلاف الحكومي بتسلئيل سموتريتش، الذي يتقاطع معه في برنامجه الذي يتضمّن ترحيل الشعب الفلسطيني.
يبدو أنّ إسرائيل على وشك استنساخ تجربة “الحرس الثوري” الإيراني، وإسقاطها على المشروع الصهيوني، من خلال “الحرس الوطني” الذي فاز وزير الأمن إيتمار بن غفير بصفقة إنشائه
مع مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إنشاء “الحرس الوطني” يكون بن غفير قد نجح في تشكيل ميليشيا خاصّة به لتنفيذ أجندته العنصرية ضدّ الفلسطينيين. وحسب قرار الحكومة الإسرائيلية، سيتشكّل “الحرس الوطني”، صاحب الميزانية المكوّنة من مليار شيكل، أي ربع مليار دولار سنوياً، من قوات نظامية تابعة لسلاح “حرس الحدود” ومن “متطوّعين”.
شبيه الحرس الثوريّ
ما يزال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يعترض على القرار باعتباره شكّل “جيشاً خاصاً تابعاً لبن غفير على حساب بقيّة الوزارات وعلى حساب دافعي الضرائب، ويقلّص ميزانية الصحّة والتعليم والرفاه والمواصلات والأمن لأجل إقامة جيش خاصّ من المنفلتين يرأسه المهرّج على التيك توك عرّاب خبز البيتا”.
من جهته، اعتبر مفوّض الشرطة السابق موشي كرادي أنّ إنشاء الحرس الوطني برئاسة شخصية سياسية لا يقلّ عن إنشاء الحرس الثوري الإيراني. وحسب اقتراح بن غفير سيكون “الحرس القومي” من خمسة ألوية نظامية تضمّ 2,500 عنصر من حرس الحدود، إضافة إلى 46 سريّة احتياط، ويحصل أفراد هذا “الحرس” على صلاحيات تنفيذ اعتقالات.
وكان بن غفير قد سارع إلى دعوة عناصر جماعات العنف اليهودية التي تنفّذ اعتداءات إرهابية على الفلسطينيين إلى التطوّع في صفوف “الحرس الوطني”. ففي مقابلة أجرتها معه قناة “13” العبرية حثّ بن غفير أعضاء تنظيم “لافيمليا”، الذي يمثّل رابطة مشجّعي فريق “بيتار يروشليم” لكرة القدم، على الانضمام إلى الذراع الأمنيّة الجديدة. وقد طالبت قيادات أمنيّة إسرائيلية باعتبار “لافيمليا” خارجاً عن إطار “القانون” بسبب الاعتداءات التي ينفّذها عناصره ضدّ الفلسطينيين، في المدن المختلطة التي يقطنها الفلسطينيون واليهود.
تشي قائمة الأشخاص الذين يرشّحهم بن غفير لقيادة “الحرس الوطني” بطبيعة أهداف هذه الميليشيا. فقد ذكرت صحيفة “هآرتس” أنّ أحد المرشّحين لقيادته هو أفينوعام أمونا الذي سبق أن قاد وحدة “ماجيلان” الخاصّة ودعاها إلى قتل الفلسطينيين حتى عندما يفرّون من القصف الإسرائيلي على قطاع غزّة.
مع مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إنشاء “الحرس الوطني” يكون بن غفير قد نجح في تشكيل ميليشيا خاصّة به لتنفيذ أجندته العنصرية ضدّ الفلسطينيين
عصابة وزير عنصريّ
في هذه الأثناء يتعاظم القلق في أوساط الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الضفّة الغربية. فبن غفير هو ابن “حركة كاخ” الإرهابية، وقد أسّسها الحاخام مئير كهانا الذي طالب بطرد الفلسطينيين إلى الدول العربية. ولبن غفير سوابق جنائية، وهو يتبنّى أيديولوجية عنصرية. ومن “إنجازاته” الإرهابية:
– تحريض زعران التلال في يتسهار وغيرها على الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين في المدن المختلطة.
– التباهي بصورة الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي استباح دم المصلّين في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل في شهر رمضان وهم سجود.
– التطوّع كمحامٍ للدفاع عن الذين قاموا بحرق الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير وعائلة دوابشه.
لهذا يحذّر فلسطينيّو الخطّ الأخضر ممّا وصفته النائبة العربية في الكنيست عايدة توما سليمان بـ”العصابة المسلّحة المموّلة التي تخضع لوزير عنصري”. فيما اعتبر عضو لجنة المتابعة في أراضي 48 محمد بركة أنّ “الاتفاق بين نتانياهو وبن غفير يضفي شرعية رسمية على عصابات مسلّحة (نيو – فاشية). وهو نوع من “باسيج” إسرائيلي يقوده قاطعُ طريقٍ برتبة وزير، خدمة للنظام اليميني الحاكم في تل أبيب”.
عنف على الإسرائيليّين
كانت فكرة “الحرس الوطني” قد اختمرت في أعقاب معركة “سيف القدس”، التي مثّلت هبّة جماهيريّة فلسطينيّة واسعة في الداخل، على وقع أحداث القدس والهجوم على غزّة. حينها خرجت أصوات صهيونية تطالب بتشكيلٍ جديدٍ قادرٍ على ردع الفلسطينيين على خلفيّة اتّهام الشرطة الإسرائيلية بالعجز. وكانت أوّل بروفة لذلك جلب حرس الحدود وعصابات المستوطنين إلى مدينة اللّد لقمع الانتفاضة الفلسطينية.
إقرأ أيضاً: هل تتعايش إسرائيل مع إيران نوويّة؟
أمّا ما يعلنه بعض الإسرائيليين من مخاوف من تشكيل هذه العصابات، فليس مردّه معارضتهم ارتكاب أعمال عنف ضدّ الفلسطينيين، بل خشية من عنفها في داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. وإذا كان هدف حرس بن غفير هو ممارسة العنف ضدّ الفلسطينيين، فإنّه لن يطول الوقت حتى يمارس ذلك الحرس الإرهاب ضدّ خصومه السياسيين الإسرائيليين. ويمكن استعماله في أيّ مواجهة مقبلة بين اليمين الإسرائيلي والمعارضة… تماماً كما انقلب الحرس الثوري وباتت له كلمة في السياستين الداخلية والخارجية للنظام الإيراني.