نتانياهو “يصفع” بايدن… بكشف “التطبيع” مع ليبيا

مدة القراءة 4 د


هل قرّرت إسرائيل – بنيامين نتانياهو أن “تقصف” إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن؟

هذا ما يبدو واضحاً في “الضربة” التي وجّهها وزير خارجيّة إسرائيل إيلي كوهين، وكانت قاسية، على أبواب افتتاح المعركة الرئاسية في واشنطن خلال أشهر، بأن كشف عن لقائه وزيرة الخارجية الليبية في العاصمة الإيطالية روما، لبحث إمكانية التطبيع بين البلدين، وهو ما أثار عاصفة تظاهرات في ليبيا اضطرّت رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة إلى التنصّل من اللقاء وإقالة وزيرة الخارجية نجلا المنقوش، التي غادرت البلاد إلى لندن عن طريق تركيا..

كوهين هو مُهندس التطبيع العربيّ مع إسرائيل، وليس غبيّاً ليعلن خبر اللقاء لو كان يريد إتمام المهمّة. لكنّه تعمّد توجيه هذه الصفعة لبايدن وإدارته، لئلّا تُقدّم حكومة الائتلاف اليمينيّ المُتطرّف، برئاسة نتانياهو، أيّ “هديّة” دبلوماسيّة يستخدمها بايدن في انتخاباته الرّئاسيّة بعد عامٍ وشهريْن من اليوم.

تتّخذُ الأزمة بين بايدن وحكومة نتانياهو منحى تصاعديّاً منذ وصول الأوّل إلى البيت الأبيض. إذ يتّهم نتانياهو بايدن بإسقاط حكومته في ربيع 2021 والمجيء بائتلافٍ هجينٍ جمع الأحزاب اليساريّة وبعض اليمين المُتطرّف والأحزاب العربيّة لإخراجه من السّلطة قبل أن يعودَ إثر فوزه بالانتخابات التشريعيّة في تشرين الثّاني الماضي.

أمّا اليوم فيتّهم نتانياهو الإدارة الأميركيّة بدعم مُعارضيه والتّظاهرات التي تُطالب بإسقاطه، إضافة إلى أنّ الرأيّ الغالب في تل أبيب يقول إنّ الإدارة الأميركيّة تتساهل مع تطوير إيران لبرنامجها النّوويّ وتوسّعها في المنطقة من دون أيّ خطوات رادعة جدّيّة، بل إنّ إدارة بايدن أبرمت أخيراً اتّفاقاً لتبادل السّجناء مع إيران أفرجت فيه عن مليارات مُجمّدة لطهران في كوريا الجنوبيّة واليابان وتركيا والعراق.

لا يخفى النّفوذ الإيطالي أو الأطماع الإيطاليّة التّاريخيّة في ليبيا، منذ كانت مُستعمرة إيطاليّة، وصولاً إلى علاقة رئيس الوزراء الإيطاليّ الرّاحل سيلفيو برلسكوني بالزّعيم الليبي السّابق معمّر القذّافي

حكاية اللقاء الإيطاليّ

في كانون الثاني الماضي حطّت طائرة مدير وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة وليام بيرنز في ليبيا. وصل من أجل بدء “طبخ” محاولة توقيع اتفاق تطبيع بين ليبيا وإسرائيل، عبر الوسيط الإيطالي. لكنّه أحاط زيارته بدخانٍ سياسيّ، وأعلن يومها أنّه ذهب لبحث توسّع نفوذ مُقاتلي “فاغنر” الرّوسيّة وسيطرتها على موارد النّفط في شرق ليبيا، علماً أنّ القوّات الرّوسيّة كانت بحكم الأمر الواقع هُناك منذ زمنٍ بعيد.

مع هبوط طائرته في مطار طرابلس الغرب، التقى الدبيبة، وأبلغه أنّ إدارة بايدن تريد من بلاده ركوب قطار التطبيع العربيّ مع إسرائيل. وقدّم له مجموعة مغريات، تبدأ في الأمن والاقتصاد، ولا تنتهي في حماية مصالح ليبيا في البحر المُتوسّط وتشجيع خطوط الاستثمار والتّبادل الاقتصاديّ مع الغرب.

هكذا كان. فقد اجتمعت وزيرة الخارجية الليبية نجلا المنقوش، بعلم الدبيبة، في العاصمة الإيطالية روما، بكوهين. لكنّ المُفاجأة جاءت من تل أبيب التي سرّبت خبر اللقاء. شعرت الحكومة الليبية بالإحراج “الشعبي”، فتنصّل الدبيبة من الملفّ وأقال المنقوش.

محاصرة روسيا… والانتخابات

هناك هدف آخر لواشنطن غير “الورقة الانتخابية”، وهو أن تضمَن نفوذ حلف شمال الأطلسيّ (النّاتو) في منطقة حوض البحر الأبيض المُتوسّط لتقطع الطّريق أمام مُحاولات روسيا التي وجدَت لنفسها موطئَ قدمٍ على ساحل المُتوسّط في سوريا وشرق ليبيا والجزائر، خصوصاً أنّ ليبيا تتوسّط 4 دولٍ استطاعَت روسيا خلال الأعوام الماضية أن تُثبّت نفوذها فيها، وهي: السّودان، وتشاد، والجزائر والنّيجر. لهذا أوكلَت واشنطن هذه المهمّة لإيطاليا، “الجار البحريّ” الأوروبيّ – الأطلسيّ لليبيا.

إقرأ أيضاً: واشنطن وطهران.. تفاوض بالنّار لاتّفاق نوويّ غير مكتوب؟

من جهة أخرى، لا يخفى النّفوذ الإيطالي أو الأطماع الإيطاليّة التّاريخيّة في ليبيا، منذ كانت مُستعمرة إيطاليّة، وصولاً إلى علاقة رئيس الوزراء الإيطاليّ الرّاحل سيلفيو برلسكوني بالزّعيم الليبي السّابق معمّر القذّافي. وفرصة إيطاليا أنّها وجَدَت مدخلاً جديداً إلى ليبيا عنوانه التفويض الأميركيّ بفتح قنوات اتصال إسرائيلي – ليبيّ وصولاً إلى عقد لقاء بين وزيرَيْ الخارجيّة على أراضيها.

بحسب موقع “أكسيوس“، فإنّ الإدارة الأميركيّة احتجّت لدى الحكومة الإسرائيليّة على تصرّف كوهين. وكشف مصدر في مكتب الأمن القوميّ الأميركيّ أنّ إدارة بايدن تعتبر أنّ تصرّف كوهين “سيقتل كلّ الجهود المبذولة للتطبيع بين إسرائيل وليبيا، وسيؤذي كلّ الجهود الرّامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربيّة أخرى”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…