سبيلمان.. عندما يخرق قواعد “اللياقة” البدنيّة..

2023-08-31

سبيلمان.. عندما يخرق قواعد “اللياقة” البدنيّة..


استبشر عشّاق كرة السلّة واللبنانيون عموماً خيراً قبل انطلاقة بطولة كأس العالم لكرة السلّة التي يشارك فيها منتخب “الأرز” للمرّة الرابعة في تاريخه، وسبق له أن حقّق نتائج طيّبة في المشاركات الماضية وترك انطباعاً جيّداً عن بلد “ينزف” ويتألّم من ويلات الحروب والنكسات الاجتماعية.

سبق لمنتخب لبنان أن ضمّ لاعبين مجنّسين للدعم والإسناد في بطولة عالمية لا مجال للرحمة فيها أو الشفقة. فعندما تقارع منتخبات تملك نجوماً وعمالقة لا بدّ من الاستعانة بعنصر أجنبي لتخفيف الضرر قدر الإمكان، والتصويب على منتخب قد تستطيع النيل منه وهزيمته بعدما دوّن اسمه بأحرف من ذهب كما حصل عندما فاز منتخب لبنان على نظيره الفرنسي في مونديال 2006، وكان حينذاك بقيادة الأميركي المجنّس جو فوغل، وكانت كتيبته تضمّ يومها أبرز العباقرة أمثال فادي الخطيب وروني فهد وسواهما.

استبشر عشّاق كرة السلّة واللبنانيون عموماً خيراً قبل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة السلّة التي يشارك فيها منتخب “الأرز” للمرّة الرابعة في تاريخه، وسبق له أن حقّق نتائج طيّبة في المشاركات الماضية

بالعودة إلى تفاصيل استقدام المجنّس الأميركي أوماري سبيلمان قبل رحلة كأس العالم 2023 التي تجرى في اليابان والفلبين وإندونيسيا، كان لزاماً على الجهاز الفنّي للمنتخب اللبناني أن يبحث عن لاعب مميّز وكامل الأوصاف، لكن ليس فقط من “الكاتالوغ”، ولذا كان الوقوع في “الفخّ” وأتت الصفعة التي أطاشت العقول والرؤوس.

وقع الاختيار بعد “أخذ وردّ” على الأميركي أوماري رسول سبيلمان الذي يلعب في الدوري الكوري الجنوبي مع فريق أنيانغ، وسبق له أن أبدع في الدوري الأميركي للمحترفين مع فريقَي أتلانتا هوكس وغولدن ستايت ووريرز. وكان سبيلمان المولود عام 1997 وصاحب القامة التي تبلغ 2.07 سم بدأ مسيرته في جامعة فيلانوفا ولفت الأنظار وانخرط في دوري المحترفين، لكنّ ما لم يتنبّه له القيّمون في الاتحاد اللبناني لكرة السلّة أنّ اللاعب المذكور سبق أن وقع في فخّ زيادة الوزن، وعلى إثرها أُصيب بانتكاسة “نفسية” حادّة واضطرّ إلى إنقاص وزنه من 142 كلغ إلى 116 قبل انتقاله إلى فريق غولدن ستايت بعدما تصدّع أداؤه في فريق أتلانتا.

للوقوف على حيثيّات وتفاصيل استقدام سبيلمان إلى لبنان ومن يتحمّل المسؤولية، كان لموقع “أساس” حديث مع المدرّب المخضرم رزق الله زلعوم الذي قال: “لا أدري كيف يتمّ انتقاء لاعب ومنحه الجنسية وهو لم يصعد الطائرة في بلاده بعد ويحطّ في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. لو كنت مسؤولاً عن الملفّ وشاهدته ينزل من سلّم الطائرة وهو بهذا الشكل والوزن لأمرته أن يصعد مجدّداً إلى الطائرة ويعود أدراجه من حيث أتى”.

أضاف: “المسؤول عن كلّ هذه “الشوشرة”، حتى ألطّف كلامي ولا أقول “الفضيحة” لأنّها بالفعل فضيحة، هو المدرّب جاد الحاج والجهاز الفنّي للمنتخب. إذ كيف له أن يطلب لاعباً قبل أن يختبره على أرض الملعب ويتابع حالته الطبّية، ومسألة زيادة الوزن في لعبة كرة السلّة مسألة جدّ حسّاسة. فاللاعب الرشيق مطلوب لأنّ حركة الانتقال من سلّة الخصم والارتداد للدفاع ولم “الريباوند” تحتاج إلى أجزاء من الثانية. وهذا للأسف ما أضرّ بالمنتخب بشكل مباشر وأصاب مشواره بمقتل. فسبيلمان ثقيل جدّاً بتحرّكاته (وصل وزنه إلى قرابة 145 كلغ)، وهذا أمر كارثي. فهو لم يقدر على إكمال 30 دقيقة كاملة داخل الملعب. تاريخياً لم يكن هذا اللاعب سيّئاً، وكان مستواه مقبولاً، لكن منذ شهرين حتى اليوم هو شخص آخر”.

ختم زلعوم حديثه بالقول: “لا أريد أن أتحدّث عن “سمسرة”. فهذا أكيد أمر مرفوض وغير صحيح، ومن المعيب أن نتّهم فلاناً أو علّاناً أنّه استفاد مادّياً من تجنيس سبيلمان. كان بالإمكان تجنيس غيره، وخصوصاً من اللاعبين الذين يلعبون في الدوري المحلّي. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر الأميركي ألكسندر كليف الذي يلعب في صفوف الحكمة”.

يُذكر أنّ عقد سبيلمان يُلزم الاتحاد اللبناني لكرة السلّة برئاسة أكرم حلبي أن يدفع 5,000 دولار أميركي يومياً، أي مع كلّ شروق شمس. وهو بالمجمل سيقضي 40 يوماً ما بين مباريات ودّية وتدريب ومباريات موندياليّة، فيكون إجمالي ما سيتقاضاه 200 ألف دولار.

في نظرة سريعة إلى المسيرة الموندياليّة لسبيلمان يتبيّن أنّه سجّل 44 نقطة في ثلاث مباريات نظامية في الدور الأول (بمعدّل 15 نقطة للمباراة الواحدة)، وتوزّعت كما يلي: 18 في سلّة لاتفيا، و16 في سلّة كندا، و10 في سلّة فرنسا. وبعدها خرج منتخب لبنان من العرس العالمي رسمياً وفقد أمله في المنافسة وتحوّل إلى اللعب على تحديد المراكز.

لم يسلم سبيلمان من بعض التعليقات الساخرة التي أطلقها اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من شبّهه بالدبّابة اللبنانية، ومنهم من كتب “لبنان حالياً يعاني من أزمة نقص حادّة في الموادّ الغذائية”. وربط البعض الآخر اسمه وصورته بأشهر مطاعم الشاورما والطاووق والفلافل: “المطعم من الباب الثاني يا سبيلمان”.

إقرأ أيضاً: باربي: لا “ثقافة” إلّا خلافاً للطبيعة فقط؟

جماهير “الباسكت بول” نامت تحلم بنجم رشيق أنيق واستيقظت على “كابوس” الدبّابة البشرية سبيلمان الذي خرق قواعد “اللياقة البدنية” وزاد من وزنه قبل قدومه إلى لبنان والتهى بما لذّ وطاب من وجبات الطعام الشهيّة.

كلّ ما سلف ذكره لا بدّ أن يكون عبرة للأيام المقبلة. فما هكذا يتمّ انتقاء لاعب كان ثقلاً على زملائه بدلاً من أن يكون عوناً لهم فأصابهم الإحباط وتراجعت معنويّاتهم بعد “الضرب” الذي أكلوه بسبب خطأ شخصي للمدير الفنّي.

مواضيع ذات صلة

سلامة والمظلّة السّياسيّة: الكلمة للقضاء

تتّجه كلّ الأنظار غداً الإثنين إلى قصر العدل حيث يُساق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول أمام قاضي التحقيق الأوّل بلال حلاوي لاستجوابه واتّخاذ قرار…

العمامة الوطنيّة والعمامة التّكفيريّة

تسود الشارع السنّي حالة من الاستقطاب الديني النزعة على خلفيّة حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وما يعرف بحرب الإسناد في جنوب لبنان، ويمكن اختصار…

تعويم الجماعة في ذكرى “الطّوفان”: الأيّوبيّ منسّقاً للمؤتمر القوميّ الإسلاميّ

في خطوة بالغة الأهمّية بتوقيتها ومضمونها تستضيف بيروت في الأول من شهر تشرين الأول المقبل الدورة الجديدة للمؤتمر القومي – الإسلامي، وستكون معركة طوفان الأقصى…

ثلاث سوابق مارونيّة “تنتخب” الرّئيس المقبل

ثلاث سوابق لم يشهدها لبنان في تاريخه السياسي الحديث تكمن أهميّتها ليس فقط في حصولها بل في تزامن بعضها مع بعض مع قاسم مشترك وحيد…