تقرير دولي و”هآرتس”: المستوطنون “يطهّرون عرقياً” الضفة

مدة القراءة 6 د


كشف تقرير دولي جديد صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في الأراضي الفلسطينية  المحتلة “أوتشا” إنّ عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا على يد قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 2023 بلغ 167 شهيداً، وهو أعلى عدد من الضحايا منذ عام 2005.
التقرير الذي أصدره مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية في الأراضي المحتلّة “أوتشا” كشف أنّ “الهجمات التي شنّتها جماعات المستوطنين ضدّ الفلسطينيين خلال العام الحالي، أسفرت عن مقتل سبعة فلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، علاوة على عمليات التهجير القسري للتجمّعات البدويّة”.
هذا ليس رأي التقارير الدولية فقط. حتّى صحيفة هآرتس العبرية  “نريد القول لأنفسنا إنّ المستوطنين هم المشكلة، لكنّ الدعم المباشر وغير المباشر الذي يحصلون عليه من الحكومة الإسرائيلية يكشف حقيقة أنّهم يساعدون السلطات الرسمية في الدولة على تحقيق هدفها، وهو إبعاد الفلسطينيين وإجراء تطهير عرقي في الضفة الغربية. بكلمات أخرى، المشاغبون اليهود هم الذراع العسكرية لدولة إسرائيل في الضفة الغربية”.
تحظى هذه العملية بدعم حكومي رسمي. إذ يعمل وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بالتعاون مع وزيرة “المهمّات القوميّة” والاستيطان، أوريت ستورك، على تخصيص ميزانية تقدّر بـ700 مليون شيكل بهدف تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلّة، بما في ذلك البؤر الاستيطانية العشوائية، ودعم جرائم المستوطنين.
في المقابل، يرفض سموتريتش تحويل أموال الميزانية المخصّصة للسلطات المحلية العربية، بزعم منع “وصول هذه الأموال لأيدي مجرمين وإرهابيين”. وهذا ما دفع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلّية إلى إعلان عدم افتتاح السنة الدراسية في الأوّل من أيلول المقبل، وتنفيذ إضراب مفتوح في جميع السلطات المحلية.

ما حدث في قرية برقة هو ضمن سياسة واضحة للمستوطنين لاستفزاز الفلسطينيين وجرّهم إلى احتكاك عنيف

الخبير في الشأن الإسرائيلي عبد الغني سلامة يقول في حديث لـ”أساس” إنّ ما يجري في الضفة الغربية من استفزازات يقوم بها المستوطنون هو “تظهير للفاشية الإسرائيلية التي تمارَس بغطاء من حكومة الاحتلال، وهو جزء من الصراع على الأرض الذي يستهدف تهجير الفلسطينيين في إطار سعي الجماعات المتطرّفة إلى السيطرة على المشهد الإسرائيلي وصناعة مركّباته”.

“ميداليات” لقاتلي المدنيين
حتّى أنّ الدولة باتت ترعى سياسة “الميداليات الذهبية” لتشجيع المستوطنين على ارتكاب جرائم القتل بحقّ المدنيين الفلسطينيين. هذا ما يحدّثنا عنه الباحث المتخصّص في الشأن الإسرائيلي توفيق شومر. ويعدّد لنا بعض شروط “محو كلّ التهم الجنائية عن الحاخامات وعن المتطرّفين والمستوطنين المدانين بتهم جنائية” للحصول على “الميدالية الذهبية”، وهي ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية، سفّاح الحرم الإبراهيمي عام 1994: أحد الشروط أن ينضمّ الراغب في نيل الميدالية الذهبية إلى فرق الإجرام والعنصرية مثل:
– فرقة دفع فاتورة الثمن.
– زعران المستوطنات.
– شبيبة التلال الاستيطانية.
– عصابة لافاميليا.
من أبرز جنود هذه العصابات:
أليئور عزاريا: قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف أمام عدسات الكاميرات وهو أعزل. عزاريا اليوم يجوب إسرائيل كبطلٍ تاريخي.
يحيائيل إندور: قاتل الشابّ البريء قصي جمال معطان في برقة. وقد اعتقلته الشرطة، غير أنّ أنصاره تجمّعوا أمام المستشفى والسجن وهتفوا: “حرروا البطل”!
إليشا يارد: وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن المستوطن إليشا يارد، أحد المتّهمين الرئيسيين بقتل معطان، وقرّرت تحويله إلى “الحبس المنزلي”. أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فقد دعا إلى تكريمه يارد ومنحه “وسام الشرف”.
ويقيم المستوطنون اليهود مئات “مزارع الرعاة” في جميع أنحاء الضفة الغربية، ومنها في قرية برقة، حيث سقط الشاب قصي معطان بنيران المستوطنين.

الخبير في الشأن الإسرائيلي عبد الغني سلامة يقول في حديث لـ”أساس” إنّ ما يجري في الضفة الغربية من استفزازات يقوم بها المستوطنون هو تظهير للفاشية الإسرائيلية التي تمارَس بغطاء من حكومة الاحتلال

دعوة علنية لقتل الفلسطينيين
الناطق باسم حركة فتح في غزّة منذر الحايك يرفع الصوت عبر “أساس” بأنّ “دعوة بن غفير إلى منح وسام تقدير للمستوطن الذي قتل الشهيد قصي معطان، هي دعوة صريحة وعلنية إلى ارتكاب المستوطنين مزيداً من عمليات القتل والاغتيالات بحقّ المدنيين الفلسطينيين، بتشجيع وحماية من الحكومة التلمودية، وهي دعوة إلى المزيد من عمليات الحرق والنهب بحقّ القرى الفلسطينية”.
ما حدث في قرية برقة هو ضمن سياسة واضحة للمستوطنين لاستفزاز الفلسطينيين وجرّهم إلى احتكاك عنيف. فقد وصلت مجموعة من المستوطنين المسلّحين، من شباب التلال، إلى قرية برقة تحت ذريعة رعي الأغنام، وعندما قام الفلسطينيون بطردهم كما كان سيفعل أيّ إنسان اقتحم مسلّحون أرضهم الخاصّة وأطلقوا النار، وقُتل الشابّ قصي. وفي منطقة غور الأردن وقعت أيضاً عشرات الحالات من المواجهات الجسدية بين المستوطنين والفلسطينيين من أجل أراضي الرعي، وهكذا أيضاً في جبل الخليل وفي كلّ منطقة بالضفّة الغربية.
لكن ثمة في الداخل الإسرائيلي أصوات عاقلة، منها الكاتب الإسرائيلي نوعام تيفون، الذي خاطب المجتمع الإسرائيلي بما يلي: “تعالوا نتخيّل للحظة الحالة التالية: مجموعة من الفلسطينيين المسلّحين و”المتطرّفين”، بصورة خاصة، يقتربون من بلدة يهودية. يحاول السكان إبعاد المسلّحين المتطرّفين عن البلدة، وتندلع مواجهات بين الطرفين يتمّ خلالها إطلاق نار على يهودي فيموت. كيف كنّا سنصف حادثة كهذه في إعلامنا؟ عملية؟ محاولة تنفيذ إعدام جماعي؟ مذبحة تمّ منعها في اللحظة الأخيرة؟ هذا ما جرى، بالقرب من القرية الفلسطينية برقة، لكنّنا نصرّ على وصف الفلسطيني بالإرهابي، بينما نبرّئ أنفسنا”.

إقرأ أيضاً: 

حتّى أنّ المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، اعترض على قتل الفلسطينيين لأنّ “تصعيد تصعيد المستوطنين الجرائم القومية هي التي تدفع الفلسطينيين إلى شنّ عمليات عسكرية ضدّنا”، وأضاف: “هذا إرهاب مستوطنين، ولا توجد طريقة أخرى لوصف ذلك”.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…