أميركا تقصف فرنسا ومبادرتها… من بشرّي

مدة القراءة 5 د

على الرغم من الكلام الأميركي عن أنّ العقوبات على الأخوين رحمة لم تكن مرتبطة بأيّ توقيت سياسي، إلا أنّ هذا الكلام جاء ضمن إطار دبلوماسية الردّ على أسئلة الصحافيين، لأنّ خلفه رسائل لا تطال فقط الداخل اللبناني، بل تطال الدور الفرنسي الذي يسير عكس تيار الإجماع الدولي حول لبنان. فجاءت الرسالة عبر بشرّي في عقوبات طالت المقرّبين من مرشّح الثنائي وباريس على حدّ سواء وسط معلومات عن عشرات العقوبات الجاهزة لإصدارها تباعاً.

وفق مصادر دبلوماسية، قرأت باريس جيّداً الرسالة فذهبت إلى ترميم مبادرتها باتجاه أكثر موضوعية مع التمسّك بمحاولة أخيرة من أجل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. أمّا حزب الله فهو متفهّم جداً لمتغيّرات المنطقة، لكنّه في المقابل متمسّك برئيس لا يطعن المقاومة بظهرها.

يعبّر الحزب عن استعداده للمضيّ في كلّ الإصلاحات المطلوبة من أجل تحسين الوضع اللبناني الداخلي، لكن من يضمن له عدم المسّ بسلاحه؟ هذا هو السؤال الأساس الذي تُتوقَّع الإجابة عليه في المقبل من الأيام

باريس ترمّم مقاربتها

قبل حصول الاتّفاق السعودي الإيراني كان الفريقان يحتاجان إلى وسيط، وكان هذا الوسيط هو الفرنسي الذي اعتاد لعب دور المحاوِر في المنطقة. تربط مصادر دبلوماسية بين هذا الدور ورغبة الفرنسي بإحداث خرق في مكان ما قبل انتهاء دوره مع عودة الحوار المباشر بين البلدين. وربّما كانت الساحة اللبنانية من أكثر الساحات إمكانية لحصول الاختراق انطلاقاً من حوار فرنسي مع المكوّنات اللبنانية وانطباعه بأنّه كان بإمكانه إحداث خرق عبر مرشّح الثنائي سليمان فرنجية.

يكاد الدور الفرنسي اليوم أن يتقلّص إلى حدوده الدنيا مع عودة العلاقات السعودية الإيرانية وسعي الطرفين إلى ترتيب الملفّات العالقة بينهما. لبنان ملفّ عالق، لكنّه ذاهب إلى ترتيب لم يحن وقته بعد. في هذه الأثناء، فرملت العقوبات على الأخوين رحمة الملف الرئاسي باتجاه مختلف. باريس تعرب عن انفتاحها على كلّ الاحتمالات بعدما كانت قد استقبلت عدداً من الشخصيات المطروحة للرئاسة، ومن بينهم فرنجية صاحب الوضعية الخاصة لأنّه مرشّح الثنائي، وناقشتهم في مقاربتهم الرئاسية. باريس تتعاطى مع الملف الرئاسي انطلاقاً من سلّة متكاملة تضمّ رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وبرنامج الإصلاحات من دون أن تشمل السلّة بالضرورة سليمان فرنجية ونواف سلام. لا بل ذهبت مصادر دبلوماسية فرنسية إلى التحدّث عن أنّ الجوّ الإعلامي في لبنان الذي يرافق الملف الرئاسي غير مريح لما فيه من إسقاطات عليهم. في التحليل بدأت باريس تفرمل مبادرتها مع ظهور المستجدّات السياسية، خصوصاً أنّ موقف المملكة العربية السعودية ما يزال كما هو.

بانتظار حصول أيّ مستجدّ يراوح الملف الرئاسي مكانه بانتظار زيارة ثانية سيقوم بها الموفد القطري بعد تبلور تفاصيل الملف اللبناني، ودائماً بالتنسيق مع السعودية على قاعدة “رئيس لا غالب ولا مغلوب لأيّ من القوى اللبنانية”. وفي المعلومات أنّ الدور القطري سيأخذ مساحة أكبر في لبنان من الدور الفرنسي بعد تقلّص الأخير بفعل الإخفاقات المتتالية من عشيّة الرابع من آب حتى يومنا هذا. وما تقارب الزيارة القطرية والرسالة الأميركية المباشرة في التوقيت إلا دليل على ذلك.

الموفد القطري سيعود إلى لبنان بعد عيد الفطر حاملاً معه طرحاً أكثر وضوحاً عسى أن تكون الطريق قد تعبّدت للتغيرات المقبلة.

وفق مصادر دبلوماسية، قرأت باريس جيّداً الرسالة فذهبت إلى ترميم مبادرتها باتجاه أكثر موضوعية مع التمسّك بمحاولة أخيرة من أجل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية

حزب الله يريد ضمانته في السلاح

في المقابل يشير مقرّبون من الحزب إلى أنّ الوقت لم يحِن بعد للوصول إلى الخطة “ب”، لا سيما مع المراوغة في الموقف الفرنسي. فالحزب يقف خلف فرنجية وليس أمامه. وما لم يعلن الأخير انسحابه من الرئاسة فلن ينتقل الحزب إلى النقاش في اسم آخر.

كان لافتاً كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي الأخير عن أنّ فرنجية ينطلق من 54 صوتاً. ماذا حصل للكلام السابق عن امتلاكه 65 صوتاً؟ يدرك الجميع أنّ الانتقال من اسم فرنجية إلى اسم آخر يحتاج إلى سياق ليس موجوداً بعد، وقد يحتاج السياق الجديد الذهاب إلى دمشق.

واحد من الهواجس التي يعبّر عنها الحزب هو ما سبق أن أعلنه الأمين العام السيد حسن نصرالله. من يضمن حماية ظهر المقاومة؟ ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني من يضمن وصول رئيس لا يطرح سلاح حزب الله على الطاولة؟ لا نتحدّث هنا عن الاستراتيجية الدفاعية بل عن السلاح. الكلام هنا يفوق قدرة الداخل اللبناني على المعالجة. بل إنّ هذه الإشكالية تحتاج إلى حوار أميركي مع الحزب لم يبدأ بعد. وبالتالي لم يحِن الوقت بعد لحصول التسوية اللبنانية وربطها بالتسوية الإقليمية.

يعبّر الحزب عن استعداده للمضيّ في كلّ الإصلاحات المطلوبة من أجل تحسين الوضع اللبناني الداخلي، لكن من يضمن له عدم المسّ بسلاحه؟ هذا هو السؤال الأساس الذي تُتوقَّع الإجابة عليه في المقبل من الأيام.

إقرأ أيضاً: عقوبات الأخوين رحمة: رسالة للثلاثيّ المسيحيّ

يقول البعض إنّ الحزب سيذهب إلى خيار اسم للرئاسة سبق أن اختبره جيّداً. هذا بعد سقوط احتمالات وصول مرشّحه سليمان فرنجية إلى الرئاسة. أسابيع مفصليّة يعيشها لبنان المقبل على حركة دبلوماسية دولية تطال ملفّاته الأساسية في التسويات المقبلة على المنطقة.

لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@

مواضيع ذات صلة

بعد 100 عام: الشيعة “يعودون”… إلى سايكس بيكو

في 1982، حين سقط بشير الجميّل في وسط الأشرفية التي دافع عنها، اكتشف المسيحيون أنّ العمق الإسرائيلي “كذبة” وأنّ لبنان وطنهم النهائي. وفي 2005 حين…

حرّية حركة إسرائيل بدأت: قصف قرى الجنوب خلال الهدنة

في الرابع عشر من هذا الشهر (تشرين الثاني) نشر “أساس” مسوّدة الاتّفاق الذي أصبح أمراً واقعاً منذ أيام، لوقف الأعمال العدائية ضمن مهلة 60 يوماً،…

لودريان في بيروت: رئاسة و1701 واستقرار

أُدرِجت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان في خانة الأكثر الأهمّية سياسياً والأشدّ حزماً رئاسياً، ولو أنّها في نفس إطار مهمّته الأساسية، فمحورها…

اختبار اليوم الأوّل: الرّئاسة تضغط!

لم يعد مضمون اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده الـ13 و”ألغامه” مُهمّاً بقدر الحاضنة الميدانية – السياسية التي ستواكب تنفيذه منذ دخوله حيّز التطبيق فجر الأربعاء،…