هل تغيِّر مصالحة النظام السوريّ من الأمر شيئاً؟

مدة القراءة 5 د

يشكو الجميع من مشكلات اللاجئين السوريين بمن في ذلك مصر وليبيا والجزائر. بيد أنّ المشكلات الكبرى لهذه الجهة هي لدى الأتراك واللبنانيين والأردنيين. ومع أنّ أكبر الأعداد (أكثر من ثلاثة ملايين) تقطن في تركيا، فإنّ اللجوء السوري عندها إحدى المشكلات، ولديها مع سورية الأسد أو الأسدين أربع مشكلات أُخرى:

1- حزب العمال الكردستاني الذي أتت ميليشياته من تركيا قبل عام 2011 وبعده وسيطرت في المناطق الكردية شبه المستقلّة بعد عام 2014.

2- حزب العمال الكردستاني/التركي ليس موجوداً مع الأكراد السوريين في مناطقهم وحسْب، بل هو موجودٌ بتنظيماته العسكرية على الحدود التركية/العراقية: جبال قنديل، وبداخل العراق في منطقة سنجار. ولذلك فإنّ الطائرات التركية والمسيَّرات لا تغير عليه في سورية فقط، بل وفي العراق أيضاً.

3- المشكلة الثالثة لتركيا مع سورية المقسَّمة أنّ الولايات المتحدة بعسكرها موجودة في المناطق الكردية، وهي التي تعطي حزب العمال والإدارة الكردية السلاح والغذاء. ولذلك تركيا محتاجة ليس إلى التفاوض مع النظام السوري فقط، بل ومع الأميركيين أيضاً.

يشكو الجميع من مشكلات اللاجئين السوريين بمن في ذلك مصر وليبيا والجزائر. بيد أنّ المشكلات الكبرى لهذه الجهة هي لدى الأتراك واللبنانيين والأردنيين

4- مشكلة تركيا الرابعة أنّها بدلاً من التمسّك تجاه النظام السوري بالقرار الدولي رقم 2254، دخلت مع إيران وروسيا في آليّة آستانة. وقبل أيام اجتمعت الأطراف الأربعة بروسيا وما حصل تقدُّم، لأنّ إيران طرفٌ حاضرٌ ويريد البقاء، ولذلك يقول التركي سرّاً: |يسواني ما يسوى إيران، فلماذا لا نخرج جميعاً أو نبقى جميعاً؟!”. وبالطبع لا أمل للنظام السوري بابتزاز تركيا.

ما هي مشكلات الأردن؟

للأردن مشكلة لجوء سوري أيضاً. واللاجئون سبعمئة ألف، يتقاضون مساعدات دولية:

1- هناك ثلاثمئة ألف ونيّف لديهم أعمال بالأردن وإقامات.

2- لكنّ مشكلات الأردن مع النظام السوري خارج اللجوء وإضافةً إليه أكبر وأعظم. فالإيرانيون، يمثّلهم الحزب، يتمدّدون من سنوات في الجنوب على الحدود مع الأردنّ ومع إسرائيل، ويأمل الأردن، إذا صالح النظام السوري، أن يحلّوا عنه لأنّه لا يريد أن تصبح مشكلته جزءاً من المشكلة الإسرائيلية – الإيرانية – السورية.

3- وهناك المشكلة الثالثة المتمثّلة بالعصابات الحزب اللاهية والسورية (جماعة ماهر الأسد) المسلّحة التي تحترف تهريب المخدّرات والسلاح وتشتبك مع الجيش الأردني على الدوام. وما أمكن للجيش الأردني ردّها أو الإغارة عليها بالداخل السوري. يقول الأردنيون إنّ المسألة ليست مسألة كسب مادّي فقط، بل يريدون الضغط على الأردنّ وعلى السعودية بهذه الطريقة. لن يستفيد الأردنّ قريباً في مسألة إعادة اللاجئين، ولا في وجود الحزب والحرس الثوري على الحدود المشتركة مع إسرائيل ومع الأردن، لكنّه ربّما يستفيد من وقف العصابات تهريب المخدّرات والسلاح إذا عُوّض النظام الأسدي عن ذلك.

زاد تدويل المشكلة السورية بالوجود الروسي والإيراني والتركي والأميركي والعراقي والأفغاني والباكستاني، وكلّهم جلبتهم إيران. أمّا تركيا فأخذت سوريين كمرتزقة للقتال في ليبيا وفي أذربيجان

ماذا عن لبنان؟

أمّا مشكلة لبنان مع النازحين السوريين فلا أمل في حلّها، لأنّ النظام هو الذي طرد معظمهم، وهؤلاء هم أفقر فئات الشعب السوري. وقد كان يأمُلُ أن يستطيع الإفادة مادّياً من أوهام إعادتهم إذا رضيت أميركا والأوروبيون، وهم أعلنوا سخطهم وعدم رضاهم إلاّ إذا حصل الحلّ السياسي. وهكذا لا يبقى في الميدان غير حديدان، أي السعودية والدول الخليجية الأُخرى إذا شاءت المساعدة، وقبلت ابتزازات إعادة الإعمار.

الجميع متضرّرون من اللجوء السوري وبالذات الدول الثلاث. لكنّ المتضرّر الأكبر هو الشعب السوري. فالمناطق تتوزّع على الشكل الآتي:

1- مناطق النظام.

2- مناطق الإيرانيين وميليشياتهم.

3- مناطق خالصة للحزب على الحدود مع لبنان، وفي الجولان أو الجنوب.

4- المناطق الكردية وفيها البترول والزراعة، وفيها الأميركيون.

5- تنظيم النصرة في إدلب.

6- المناطق المشتركة بين الأتراك والمعارضة السورية، وفيها ثلاثة ملايين لاجئ إضافةً إلى سكّانها الأصليين.

أمّا ضحايا النظام فيتوزّعون على الشكل الآتي:

1- قتل نظام الأسد من السوريين نصف مليون.

2- ربع مليون في المعتقلات أو مفقودون.

3- وهناك نزاعات على ملايين الهكتارات من الأراضي والمباني التي هرب منها الناس واستولى عليها الأسديون أو الإيرانيون وميليشياتهم الفاطمية والزينبيّة، إضافةً إلى الميليشيات العراقية المتأيرنة.

4- نصف مليون سوري تشيَّعوا.

5- يقدّر خبراء الأُمم المتحدة والمنظمات الدولية أنّ السوريين السُّنّة الذين كان عددهم 80% من الشعب السوري، ما عاد عددهم بالداخل السوري يزيد على 55% بما في ذلك المهجَّرون الداخليون.

زاد تدويل المشكلة السورية بالوجود الروسي والإيراني والتركي والأميركي والعراقي والأفغاني والباكستاني، وكلّهم جلبتهم إيران. أمّا تركيا فأخذت سوريين كمرتزقة للقتال في ليبيا وفي أذربيجان.

إقرأ أيضاً: النارحون السوريّون: قرار العودة بيد النظام

ماذا يستفيد النظام من العودة العربية؟

كما كان يستفيد حافظ الأسد: الابتزاز المالي، وقد بدأت بعض الدول بالمساعدة بحجّة الزلزال. وقد ثم جاء الرئيس الإيراني إلى دمشق وبقي ثلاثة أيام للتأكّد من عدم الإضرار بمصالح إيران نتيجة الإقبال العربي الجديد عليها. وسمعنا فيديو لاحتفال أُقيم له بالسيّدة زينب يغنّي فيه شبّان بالعربية والفارسية ويذكرون الاستيلاء الإيراني على العراق وسورية ولبنان واليمن.

لماذا أقبل العرب على سورية الأسديّة؟

هناك دول عربية ما قطعت علاقاتها مع النظام بالمرّة. أمّا السعودية فالغالب أنّها لا تأمُلُ شيئاً كثيراً، لكنّها تراهنُ على تخفيف الأضرار.

الضياع السوري، يكاد يضاهي الضياع الفلسطيني. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…