مرّ الأسبوع الحالي هادئاً من دون أن ينعقد مجلس القضاء الأعلى، الذي هو المرجعية الوحيدة “الشغّالة” قضائياً المُفترض أن تبُتّ مصير المحقّق العدلي والستاتيكو السلبي الذي يَطبع “حرب الدعاوى” في تحقيقات انفجار المرفأ.
لكنّ الأسبوع المقبل بدءاً من يوم الإثنين تاريخ أوّل الاستدعاءات أمام القاضي المدّعى عليه طارق البيطار لن يكون عاديّاً، وربّما يكون صاخباً ربطاً بالجبهات القضائية التي لا تزال مفتوحة داخل قصر العدل واحتمال تحرّك أهالي ضحايا الانفجار، إضافة إلى حراك الشارع بعناوين مطلبيّة الذي يمكن أن يتحوّل إلى “قنبلة” متنقّلة بين المناطق.
آخر الدعاوى بحقّ البيطار تقدَّم بها الوزير والنائب السابق نهاد المشنوق بواسطة محاميه نعوم فرح، وهي طلب نقل دعوى للارتياب المشروع مع طلب وقف السير بها أمام الغرفة الجزائية في محكمة التمييز.
الأسبوع المقبل بدءاً من يوم الإثنين تاريخ أوّل الاستدعاءات أمام القاضي المدّعى عليه طارق البيطار لن يكون عاديّاً، وربّما يكون صاخباً ربطاً بالجبهات القضائية
على قاعدة تغليف البيطار تسييس القضية بإطار قانوني بَرَز في دعوى المشنوق الأخيرة الطابعُ القانونيُّ الغالب على قاعدة: “صاحب الحجّة القويّة قانوناً ليس مضطرّاً للتسييس الذي قد يُضعِف القضيّة”.
وبعد تفنيد المحامي فرح النقاط القانونية التي تكشف تجاوز البيطار لصلاحيّاته وتجاهل ما يقدَّم أمامه من دفوع، وهو “ما يُشكّل قرينة واضحة على استهداف الموكّل”، طلب رفع يده فوراً عن الدعوى ونقلها إلى مرجع آخر.
مذكّرات توقيف مسبقة!
في الساعات الثلاث التي قضاها البيطار في قصر العدل يوم الأربعاء التقى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود الذي عادة لا يحضر يوم الأربعاء، واستدعى الكاتبة لديه وطلب منها التوقيع مسبقاً على مذكّرات توقيف غيابية بحقّ المُستدعين في 6 و8 شباط تجنّباً لصدور قرار بوقف عملها من جانب مدّعي عامّ التمييز، وكإجراء استباقي لعلم البيطار أنّ المُدّعى عليهم لن يمثلوا أمامه.
الجدير ذكره أنّ الكاتبة لدى المحقّق العدلي تتبع للنيابة العامّة التمييزية، وكما أصدر عويدات قراراً طلب فيه من قلم النيابة العامّة التمييزية وأمانة سرّ النائب العامّ لدى محكمة التمييز عدم تسلّم أيّ تكليف أو تبليغ أو استنابة أو مراسلة من المحقّق العدلي، ويستطيع بحكم صلاحيّاته إصدار قرار بكفّ يدها.
فضيحة!
يقول مصدر قضائي بارز لـ “أساس”: “إن صحّ هذا الأمر نكون أمام فضيحة كبيرة مكمّلة لمسلسل فضائح البيطار. فمذكّرة التوقيف تصدر بعد الاستجواب (إن حضر أو لم يحضر المُستدعى) وليس قبل ذلك، ولا تُخَطّ على ورقة بيضاء لا اسم عليها”.
يضيف المصدر: “من منظار قضائي صرف، وبغضّ النظر عن البُعد السياسي للمسألة، كيف يُسمَح للمحقّق العدلي الاجتماع في منزله مع السفير الألماني أندرياس كيندل لساعات بعد استئناف مهامّه وإصدار ادّعاءاته؟ وأين دور مجلس القضاء الأعلى أمام تجاوزات كهذه؟ وما هو تبرير تدخّل السفير الألماني فيما لا ضحايا ألمان في انفجار المرفأ؟”.
في مطلق الأحوال، سيكون المُحقّق العدلي الذي بات مَحميّاً بـ”ثكنة” عسكرية تتنقّل معه مُلزماً في حال إصداره مذكّرات توقيف غيابية بمخاطبة النيابة العامّة التمييزية لإبلاغ الضابطة العدلية بالتنفيذ، إلا إذا أعطى نفسه أيضاً صلاحيّة الطلب من جهاز أمنيّ تنفيذ مذكّرة توقيف.
والحال هذه فإنّنا نواجه واقعاً قضائياً غير مسبوق يقوم على وجود دعاوى متبادلة بين مدّعي عامّ التمييز والمحقّق العدلي. لذلك قد لا تتعدّى نتائج مذكّرات التوقيف حدود مكتب البيطار، وقد يُقابلها إصدار عويدات مذكّرة إحضار بحقّه للمثول أمامه تمهيداً لإصدار مذكّرة توقيف بحقّه.
آخر الدعاوى بحقّ البيطار تقدَّم بها الوزير والنائب السابق نهاد المشنوق بواسطة محاميه نعوم فرح، وهي طلب نقل دعوى للارتياب المشروع مع طلب وقف السير بها أمام الغرفة الجزائية في محكمة التمييز
مجلس القضاء الأعلى 0ff
وفق معلومات “أساس” وبخلاف التسريبات التي تتحدّث عن تكويعة لدى القضاة المسيحيين الثلاثة في مجلس القضاء الأعلى دفعتهم إلى الاصطفاف إلى جانب القاضي عبود في رفض انعقاد الجلسة تحسّباً لضغط بكركي وحركة الشارع، فإنّ هؤلاء لا يزالون ضمن الفريق المؤيّد لمدّعي عامّ التمييز ويدعمون خيار انعقاد المجلس لمناقشة الدراسة القانونية التي أعدّها البيطار وإجراءات عويدات بحقّه، إضافة إلى طرح فكرة تعيين محقّق عدليّ آخر.
يوم الخميس الماضي غابَ القاضي عفيف الحكيم عن السمع ولم يَحضر إلى العدلية بخلاف المعتاد، ولو حَضر لاكتمل نصاب الجلسة من دون القاضي سهيل عبود الذي لا يزال يتصدّى لأيّ إجراء بحقّ البيطار مدعوماً من القاضي حكيم.
إلى ذلك تفيد معلومات بأنّ العدلية شهدت في الأيام الماضية اجتماعات ثنائية بين وزير العدل هنري خوري وعويدات وبين الوزير والقاضي عبود، لكنّها لم تفضِ إلى مكان.
لكنّ المعطيات تشير إلى تحرّك داخل وزارة العدل ونقاشات مفتوحة للتوصّل إلى سلّة اقتراحات لتفادي “الارتطام الكبير” في العدلية على خلفيّة إصرار البيطار، في ظلّ وَضعه غير القانوني، على إكمال مهامّه وإصدار مذكّرات توقيف غيابية.
حتى الآن، ليس من مؤشّرات إلى قيام وزير العدل، عملاً بمبدأ موازاة الصيغ (لأنّه من يرفع الاقتراح باسم المحقّق العدلي)، بطرح اسم محقّق عدلي آخر، أو إعادة طرح اسم القاضية سمرندا نصار لتعيينها محقّقاً عدلياً في القضية إلى حين بتّ وضع البيطار.
البيطار مُحاصَر بالدعاوى
يأتي طلَب ردّ القاضي البيطار من قبل الوزير المشنوق ليُكمّل سلسلة الدعاوى التي بلغت العشرات والتي تُحاصر البيطار منذ توقّف التحقيقات منذ أكثر من عام ورُفِع رصيدها بعد استئناف المحقّق العدلي عمله وفق فتوى قانونية نصّب فيها نفسه “قاضي القضاة”.
هكذا قوبلت ادّعاءات البيطار على سياسيين وموظّفين وأربعة قضاة، بينهم القاضي عويدات، بادّعاء الأخير على المحقّق العدلي أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز بجرم “اغتصاب السلطة”، وإصدار قرار يمنع البيطار من السفر بعدما أوفد النائبُ العامّ التمييزي رئيسَ قسم المباحث المركزية إلى منزل البيطار لطلب حضوره أمامه فرفض الحضور، ثمّ إصدار قرار إلى النيابات العامة حول التبليغات يمكن اختصاره بعبارة: “لا وجود لمحقّق عدلي اسمه طارق البيطار”.
استُكمِل حَبل الدعاوى بتقدّم النائبين المدّعى عليهما في القضية علي حسن خليل وغازي زعيتر بطلب نقل دعوى للارتياب المشروع أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، وتقدّم خليل بشكويَيْن ضدّ البيطار أمام النيابة العامّة التمييزية والتفتيش القضائي، بتهم “إساءة استعمال السلطة، وإثارة النعرات الطائفية، واغتصاب السلطة، وانتحال صفة مدّعي عامّ التمييز وصفة محقّق عدلي غير مكفوف اليد، والإخلال بالواجبات الوظيفية، ومخالفة القرارات القضائية…”.
إقرأ أيضاً: هل يُصدِر عويدات بلاغ إحضار للبيطار من مكتبه؟
“التفتيش” لم يستدعِ البيطار
وفق معلومات “أساس” لم يُبادِر رئيس التفتيش القضائي بالوكالة مالك صعيبي حتى الآن إلى استدعاء البيطار للاستماع إليه، والأرجح أنّه لن يفعل، مع العلم أنّ رئيس التفتيش يستطيع أن يُصدر عقوبة حدّها الأدنى توجيه اللوم والتأنيب وصولاً إلى الطرد من السلك.
يُذكر أنّ البيطار سيستمع إلى المشنوق والنائب غازي زعيتر يوم 6 شباط، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب في 8 شباط، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا في 10 شباط، وباقي المدّعى عليهم في 13 و15 و17 و20 (القاضيان غسان عويدات وغسان خوري) و22 شباط.