جهاد أزعور.. “العروبيّ” الذي يحبّه ميشال عون

مدة القراءة 7 د

قرأ الوزير السابق جهاد أزعور مثل غيره في وسائل الإعلام أخباراً عن تداول جهات في الداخل والخارج مسألة ترشيحه لرئاسة الجمهورية.

يقول إنّه لم يطرح نفسه مرشّحاً، ولم يتداول في الأمر مع أيّ جهة. لا يوافق على أنّ مشكلة لبنان في الرئاسة، بل يراها في السياسة والاقتصاد، في حين يرى في الرئاسة والحكومة ومجلس النواب “معابر” يجري الانطلاق منها لتطبيق الخطط التي تحتاج إليها البلاد.

رجل لحلّ الأزمة

هو حالياً رئيس دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي. يُصنّف “شخصيّة وسطية على علاقة جيّدة بالجميع في الداخل والخارج”. ويتمتّع بخبرات تجعله في موقع القادر على وضع أسس عامّة لخطة مالية واقتصادية تحاول أن تخرج لبنان من أزمته.

قرأ الوزير السابق جهاد أزعور مثل غيره في وسائل الإعلام أخباراً عن تداول جهات في الداخل والخارج مسألة ترشيحه لرئاسة الجمهورية

يتردّد الرجل إلى بيروت باستمرار، ويعقد لقاءات مع شخصيات سياسية من مشارب مختلفة. مثّل صندوق النقد الدولي في زيارات متعدّدة للبنان التقى فيها الرؤساء الثلاثة ميشال عون، نبيه بري، ونجيب ميقاتي، إضافة إلى مسؤولين آخرين، وبحث معهم في ما يتوجّب فعله لتوقيع الاتفاق مع الصندوق.

طُرح اسمه للرئاسة في سياق حاجة لبنان إلى تجربة تشبه تجربة الياس سركيس التي يقدِّرها أزعور عالياً والتي كانت مرحلة “إدارة أزمة” لا إيجاد حلّ لها. لكنّ لبنان اليوم يحتاج إلى معالجة جذرية للخروج من أزمة عميقة وليس إلى إدارتها.

أزعور والحزب

تقدِّر مصادر دبلوماسية غربية أنّ الحديث الجدّي عن رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة يرتكز على مرشّحَيْن أساسيَّيْن هما قائد الجيش جوزف عون أوّلاً، وجهاد أزعور ثانياً، وذلك على قاعدة التوافق بين القوى في الداخل والخارج. ليس بالضرورة ألّا يبرز مرشّح آخر غيرهما، لكنّ الأوضاع تشير إليهما حتى الآن.

يتقدّم أزعور على غيره لأنّه لا مشكلة سياسية لديه مع أيّ طرف سياسي في الداخل أو الخارج.

لدى سؤال القوى السياسية أو الشخصيات الوازنة عن رأيها في الرجل، لا أحد منها يقول شيئاً مباشرة، وأكثر عبارة تسمعها: “لا فيتو على أحد”. تعتبر بعض الجهات أنّ مشكلة أزعور هي مع حزب الله. فيما ينفي آخرون ذلك، معتبرين أن لا فيتو عليه من أحد.

قد يقتصر تحفّظ حزب الله من ترشيحه على اعتباره كان مقرّباً من الرئيس فؤاد السنيورة. لكنّ هذا يمكن حلّه بسهولة، لأنّ الرجل ليس محسوباً على السنيورة كما يصوّر البعض، بل تفيد مصادر بأنّ جهات وازنة تعمل على توضيح هذا الأمر، فأزعور ذو خلفيّة سياسية عربية ويعرف البلاد وظروفها جيّداً.

يتردّد الرجل إلى بيروت باستمرار، ويعقد لقاءات مع شخصيات سياسية من مشارب مختلفة. مثّل صندوق النقد الدولي في زيارات متعدّدة للبنان التقى فيها الرؤساء الثلاثة ميشال عون، نبيه بري، ونجيب ميقاتي، إضافة إلى مسؤولين آخرين

علاقات وقرابات

خلال زيارته الأخيرة لبيروت التقى أزعور البطريرك الماروني بشارة الراعي. في هذا السياق تقول مصادر سياسية متابعة إنّ البطريرك تداول اسمه كأحد المرشّحين البارزين للرئاسة. وتنقل مصادر عن لسان البطريرك قوله: “لبنان بحاجة إلى شخصية اقتصادية مالية سياسية قادرة على استعادة ثقة المجتمع الدولي ووضع خطة جدّية للخروج من الأزمة”.

تجمع أزعور برئيس مجلس النواب نبيه برّي ووليد جنبلاط علاقة جيّدة، وهما ينظران إليه انطلاقاً من علاقته بجان عبيد، النائب الراحل الذي كان مرشّحاً دائماً لرئاسة الجمهورية. ومن يعرف جان عبيد يعرف العلاقة القويّة التي ربطته بالرئيس ميشال عون على الرغم من التنافس بينهما.

أزعور العربيّ

في أسابيع ماضية زار أزعور عدداً من العواصم العربية والخليجية. ضمن وفد من صندوق النقد الدولي. عقد الوفد لقاءات مع أرفع المسؤولين السعوديين، ومع وزراء المال في دول مجلس التعاون الخليجي، للبحث في مسائل ماليّة واتفاقيات مع الصندوق تهمّ مجلس التعاون ودولاً أخرى.

سيكون لأزعور في المرحلة المقبلة جولة جديدة تشمل عدداً من العواصم العربية، ولا سيّما القاهرة ودول الخليج، في إطار عمله بالصندوق الدولي، لكنّه يسعى إلى طرح الأزمة اللبنانية من بوّابة حاجة البلاد إلى المساعدة وتوقيع الاتفاق مع الصندوق.

الخيار المثاليّ

يرى البعض أزعور خياراً جديّاً لرئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، إذا توافرت إرادة سياسية جامعة تبحث عن فرصة للإنقاذ وتتجنّب الاشتباك السياسي وتسجيل النقاط.

من خارج سياق المرشّحين المعلنين لرئاسة الجمهورية، يتكاثر الحديث في الكواليس اللبنانية عن ضرورة تبنّي خيار ترشيح شخصيّة ثالثة تجتمع فيها الصفات السياسية والمالية والاقتصادية. وهذا ما يستعدّ له جبران باسيل أيضاً، كما قال في حواره مع موقع “أساس” قبل أيام.

اللافت أنّ قوى سياسية عديدة تتقاطع عند هذا الطرح، ومن بينها البطريرك الراعي وجنبلاط وجهات أخرى داخلية وخارجية، ويحضر اسم جهاد أزعور لدى كلّ هذه الأطراف.

خلال زيارته الأخيرة لبيروت التقى أزعور البطريرك الماروني بشارة الراعي. في هذا السياق تقول مصادر سياسية متابعة إنّ البطريرك تداول اسمه كأحد المرشّحين البارزين للرئاسة

صاحب الهويّة المختلطة

يقطن جهاد أزعور في بناية من طبقات ثلاث ذات طراز معماري لبناني يعود إلى العشرينيات في منطقة وادي أبو جميل بوسط بيروت. على مدخل المنزل تمثالان ينتميان إلى حضارة الهند، وإلى اليمين من البهو تستقبلك على الجدار كلمة “العربي” على لافتة كبيرة كانت سابقاً لافتة المركز الرئيسي للبنك العربي في وسط بيروت، وعلى اليسار صورة للزعيم المصري العربي جمال عبد الناصر يؤدّي التحيّة للجماهير في ميدان الإسكندرية حيث ألقى خطابه الشهير وتعرّض خلاله لمحاولة اغتيال. وإلى جانب هذه الصورة لوحة ترتسم فيها ملامح كوكب الشرق أمّ كلثوم، وكأنّه يقول للزائر ما يجب قوله.

ترسم المقتنيات المنزلية لأزعور صورة ما لهوية أزعور الثقافية: فهو من منطقة سير الضنّية التي تعتبر جزءاً من المناطق المنسيّة أو مناطق الأطراف، وهذا ما يجعل صعباً على أبنائها، ولا سيّما المسيحيين الموارنة، أن يتولّوا مراكز أساسية في الدولة اللبنانية مخصّصة لأبناء مناطق المركز.

يؤمن بالعروبة وينظر إليها نفس نظرة خاله جان عبيد، وهو ماروني طرابلسي صاحب علاقات جيّدة مع القوى السياسية في الداخل ومع الدول العربية.

عرف بيته توجّهاً سورياً قومياً اجتماعياً، فكان في مطلع شبابه مؤيّداً لقيادة أنطون سعادة، لكن تأثّر فيما بعد بالعروبة وبخاله جان عبيد. أمّا في مجالات العمل فكان ليبرالياً في الرؤية المالية والاقتصادية، أو بالأحرى تبنّى النيوليبرالية التي تحفظ دور الدولة في الرعاية بحيث تكون شريكة في القرارات التي توفّر رعاية اجتماعية للمواطنين.

إقرأ أيضاً: سماح إدريس: حارس فلسطين والرواية واللغة العربية

على الصعيد الأوسع، هو صاحب ثقافتين فرنسية وأميركية. تخرّج من جامعات فرنسا في الحقوق وعلوم المال. وتخرّج من جامعة هارفرد الأميركية في الاقتصاد. عمل في شركة ماكنزي العالمية في لبنان، وكان أستاذاً محاضراً في الجامعة الأميركية في بيروت. وعمل أيضاً في شركة بوز آلن الأميركية في لبنان. وفي الفترة الممتدّة بين 1999 و2005 عمل مديراً لمشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي. وفي وزارة المال اللبنانية أشرف على البرنامج الإصلاحي والتطويري في الوزارة. ساهم في إعداد مؤتمرَيْ باريس 1 وباريس 2 في تلك الحقبة.

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…