كوتا سياسية محجوزة في حكومة “الاختصاصيين”

مدة القراءة 3 د


إمتحانان ينتظران حكومة الرئيس المكلّف حسّان دياب: الشارع والثقة في مجلس النواب. “لُغمان” غير مسهليّن لعمل حكومة يفترض بكافة المقاييس أن تكون إنقاذية واستثنائية في سلّة أولوياتها وبيانها الوزاري وفريق عملها.

بين حكومة تكنوسياسية وحكومة إختصاصيين لعبٌ على الكلام لا يُلغي واقع محاولة الفريق السياسي الذي مَنَح ورقة التكليف لحسّان دياب أن يأتيَ بممثليه، سياسياً وطائفياً، إلى الحكومة. ثمّة كوتا محجوزة، إن كان بعنوان وزراء تكنوقراط وإختصاصيين، للقوى السياسية الداعمة لخيار دياب. هذه الكوتا لا شارع ولا انتفاضة قادرة على إلغائها، وربما العيّنة المسرّبة من أسماء بعض الوزراء تؤكّد هذا المنحى.

وتحت سقف مقاطعة تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي للحكومة المقبلة ورفض المشاركة فيها، يسعى رعاة حكومة العهد الثالثة إلى منحها مقّومات “الحيادية” الكافية لتجاوز اختبار الشارع وجلسات مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب.

حكومة مواجهة الإنهيار ستكون خالية من وزراء الدولة، أحد أسباب “الهدر الوقح”، على مستوى السلطة

لكن منذ اليوم بدأت تُفتح دفاتر العديد من الأسماء التي يتمّ الترويج لها من ضمن الحكومة المقبلة لتبيان خلفية انتماءاتها السياسية، في ظلّ معلومات تحدّثت عن وجود أسماء جاهزة من جانب التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل عُرضت على الرئيس المكلف للتوزير مرفقة بنوع الحقيبة، وهو الأمر الذي لا يزال محطّ نقاش وأخذ وردّ مع الأخير.

حكومة مواجهة الإنهيار ستكون خالية من وزراء الدولة، أحد أسباب “الهدر الوقح”، على مستوى السلطة. مزراب لم يجد أولياء العهد حاجة لسدّه فاستحدثت وزارات إضافية، في حكومتي العهد الأولى والثانية، أثبتت عدم جدواها وفضحت أكثر انجرار الإصلاحيين إلى قواعد لعبة المحاصصة الطائفية لإرضاء الأحجام وتكبير حجم العضلات ونفخها.

لكن رغم توجّه الرئيس المكلّف إلى اعتماد معايير إصلاحية  في الحكومة المقبلة، إن لناحية تطبيق مبدأ فصل النيابة عن الوزارة، أو لناحية تصغير الحكومة واستبعاد أيّ وجه سياسي منها، فإنّ تساؤلات جديّة بدأت تطرح في كواليس السائلين عن مصير اللبنانيين، العالق بين يديّ الحكومة المقبلة، عن مدى تحرّر رئيسها من سطوة الفريق السياسي الذي أوصله إلى السرايا الحكومية.

ويبدو وفق المعطيات أن لا توافق حتّى الآن بين دياب والرموز السياسية التي ستتمثل في الحكومة حول مسائل عدّة توازي بأهميتها الملف المالي وملف المصارف وقيودها الآيلة إلى مزيد من التشدّد، وعلى رأسها مسألة النازحين والعلاقة مع سوريا وفتح المعابر.

يتخوّف الفريق المعارض لتكليف دياب من أن تأتي الحكومة معلّبة بقرارات سياسية جاهزة بشأن هذه الملفات، في وقت تجزم أوساط الرئيس المكلّف بأنّ المرحلة الآن هي لاختيار الأسماء وتحديد توزيع الحقائب مع التأكيد على أنّ الأخير سيبذل قصارى جهده لتأمين أوسع مشاركة في الحكومة تحسّباً للإختبار السياسي الأصعب في مجلس النواب.

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…