دولة الرئيس… بلا “تكليف” سني

مدة القراءة 3 د


وسط الأسلاك الشائكة التي زنّرت محيط القصر الجمهوري وامتدت على مسافة أوسع بكثير من الفترة الماضية، شقّت مواكب النواب طريقها نحو بعبدا للمشاركة في تسمية رئيس حكومة إدارة أكبر أزمة في مرحلة ما بعد “الطائف”.

لم يَحجب عدّاد الأصوات لحسان دياب ونواف سلام  وأصوات “لا تسمية”، ما هو أهمّ بكثير من نتيجة التصويت على مرشحي اللحظة الأخيرة لرئاسة  الحكومة. سعد الحريري بات خارج مدار السلطة التنفيذية رئيساً وكتلة وزارية.

انتهت مناورات بيت الوسط بمشهد مأساوي من خلال تجاوز حكم دار الفتوى

الأن سيجلس الخارج من الحكم، على مقاعد المعارضة وفق تلميحات العديد من قيادات “تيار المستقبل”. فيما خصوم الحريري يعايرونه بمحاولته السابقة “ركوب موجة الحراك الشعبي بفرض نفسه رئيساً للحكومة على رأس فريق غير سياسي بعد التخلّص من شركائه في السلطة”. هم الذين قالوا له: “بعد تنحّيه قد يلجأ إلى الأسلوب نفسه في محاربة الحكومة المقبلة لكن من خارج السلطة في محاولة جديدة للتماهي مع الشارع الذي عارض أصلاً تسميته رئيساً للحكومة”.

بتأكيد متابعين لمسار التفاوض منذ لحظة تقديم استقالة الحريري في 29 تشرين الأول الفائت، فاوض سعد الحريري على سعد الحريري نفسه، ليرأس “حكومة اختصاصيين” مستعينًا بمرشّحين سنّة كبالون اختبار لإثبات معادلة: “لا رئيس حكومة إلا سعد”. في وقت كان “الهَوى” السعودي والاميركي يشي بتخلٍّ واضح عن الحريري كقائد للمرحلة.

وانتهت مناورات بيت الوسط بمشهد مأساوي من خلال تجاوز حكم دار الفتوى “بالتوافق مع أبناء الطائفة الاسلامية على تسمية سعد الحريري”، وبتسمية رئيس حكومة بدعم رئاسة الجمهورية والثنائي الشيعي ومنزوع الغطاء السني و”الحريري”، وبخروج الوزير السابق حسان دياب في منافسته مع السفير نواف سلام بـ”سكور Score” أصوات هزيل لم يسبقه إليه أيّ رئيس حكومة آخر منذ 2005 متجاوزاً بصوت واحد الرئيس نجيب ميقاتي الذي تمّ تسميته عام 2011 بـ 68 صوتاً لحكومة سمّاها فريق 14 آنذاك بحكومة “القمصان السود”.

الميثاقية التي طيّرت احتمال تكليف الحريري غابت تمامًا في يوم الاستشارات لتسمية دياب

ورغم السيرة النظيفة لدياب كوجه تكنوقراطي عُيّن وزيراً في حكومة ميقاتي بعد الإطاحة بحكومة الحريري عام 2011  فإن “تشوهات” عدّة رافقت تسمية دياب أوحَت بأنّ كاسحة ألغام مهّدت له ليدخل نادي رؤساء الحكومات عقب إعلان الحريري عزوفه عن الترشيح وقبل ساعات قليلة من بدء الاستشارات النيابية.

فبدا في نظر العديد من النواب حاجبي التسمية إما مرشّح محور ومواجهة، أو مرشّحاً من دون رؤية وبرنامج اقتصادي إنقاذيين، أو مرشّحاً سيعيّن فريقه الوزاري “الاختصاصي” من قبل رموز الطبقة السياسية الحاكمة، أو منزوع الميثاقية، أو غير مطابق لمواصفات الانتفاضة الشعبية…

والميثاقية التي طيّرت احتمال تكليف الحريري غابت تمامًا في يوم الاستشارات لتسمية دياب. حتّى بيان قبول التكليف بدا مُعدًّا سلفًا. ستة أصوات من أصل 27 نائباً سنيًا، واجهها الرئيس المكلّف من موقعه كـ”مستقلّ” لتدشين ورشة الإنقاذ معتبرًا أن لا نصّ دستوريًا يلزم بالميثاقية “وإلا لم نصل الى هنا”، مراهنًا على “فرص ستتاح لي في الاعلام لأتحدّث أكثر، والوقت للعمل وليس الكلام”.

مواضيع ذات صلة

هل يستميل لبنان فرنسا وأميركا في التّفاوض؟

تتوالى الاستحقاقات على لبنان وما سينجم عنها في الأسابيع المقبلة. بين ثناياها وتواريخها  يختبر اللبنانيّون مراهنتَين على: – أن تصرّ واشنطن على تل أبيب كي…

ترامب “يستدعي” نتنياهو لفرض المرحلة الثّانية

لا يبدو أنّ المرحلة الثانية من خطّة دونالد ترامب ستنطلق قبل زيارة بنيامين نتنياهو لواشنطن، المتوقّعة في نهاية الشهر الحالي. من السذاجة الاعتقاد أنّ التأخير…

أجواء برّي: تعديل اتّفاق الهدنة… وقف النّار أوّلاً

أفسح تعيين مفاوض مدنيّ هو السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد العسكريّ إلى اجتماعات لجنة “الميكانيزم” في المجال أمام البحث في حلول سياسيّة ممّا كان…

بهشلي – بارزاني: خطّان متوازيان… يلتقيان؟

شهدت العلاقات بين أنقرة وإربيل خلال الأعوام الأخيرة تقدّماً ملموساً تجاوز الكثير من العقبات، مدفوعةً بتقاطع المصالح وبناء قنوات ثقة متدرّجة. لكنّ  “حادثة شرناق” وضعت…