في الميثاقيّة: “إبادة” السنّة سياسياً

مدة القراءة 3 د


صارت الميثاقية مادة أولى وأساسيّة في الجدل السياسيّ القائم في لبنان اليوم: من التزم بها، ومن خرج عليها. فهي معيار أساسيّ، بل الأساسيّ، لدى الكثيرين في الحكم على ممارسات القوى السياسية ومواقفها من معظم الأمور والقضايا المطروحة على اللبنانييّن في مرحلة دقيقة ومصيرية من حياتهم الوطنية.

ما هي الميثاقية؟ وكيف يتم الالتزام بها أوالخروج عليها؟

1: في الميثاقيّة

1- في معجم مقاييس اللغة العربية لأحمد بن فارس: وثق: الواو والثاء والقاف كلمة تدل على عقد وإحكام. والميثاق: العهد المُحكم. وهو ثقة. وقد وثقت به. إذن في الميثاق هناك ثلاثة عناصر: العهد أو وثيقة التفاهم بين جهتين أو أكثر، والالتزام بها وعدم الخروج عليها. إنها عهد مُحكم غير قابل للتأويل والنقض. لأنّ الالتزام أخلاقي وجودي أكثر ممّا هو اتفاق سياسيّ مرحليّ. وفي هذا المجال يطرح السؤال: ميثاق من أجل  ماذا؟ وبين من ومن؟

2-  هو ميثاق بين اللبنانيين، وتحديدًا بين العائلات اللبنانية من أجل قضيّة وهي قضية لبنان الوطن – الرسالة . فالميثاق في لبنان هو فعل إرادة وفعل حرّية في آن، «إنه ليس ميثاقًا ثنائيًا بين مسيحيين ومسلمين بل ميثاق أقليات حضاريّة تقمصّت في طوائف بشريّة» (الأب ميشال الحايك) تأكيدًا لوجودنا المميز والذي لا شبيه له في صيغ العالم. فالميثاق قائم في ضمائر الجماعات منذ اللحظة التي قدمت إلى لبنان، لأنّها كانت تعرف ضمنيًا ومسبقًا أنّها، لكي تحفظ ايمانها وهويتها، كانت ستقيم الى جانب عائلات شبيهة بها، وعلى الجميع العيش ضمن ميثاق حكم يحدّد الحقوق والواجبات والأدوار بدقّة ووضوح.

2: في الممارسة:

الميثاق الوطني اللبناني، قبل أن يصبح نصًأ مكتوبًا، في العام 1943، كان معطىً إيمانيًا في عقول اللبنانيين وضمائرهم. وكان الهدف الأساسي منه، كما يقول ميشال شيحا، ليس توزيع السلطة بينهم بشكل عادل، بل أهم من ذلك هو الاستقرار .

ذلك ان كل جهة تحاول ان تسيطر على السلطة وتنتهك حقوق الآخرين إنما تؤدي الى خراب الدولة وإضطراب الأمن وخلل في الحياة العامة.

ما يحدث الآن في موضوع تأليف الحكومة جزء صغير من صراع محلي – إقليمي – عالمي شرحناه في كتابنا بعنوان “استهداف أهل السنّة” ويتناول المخطط الجيو- استراتيجي لإسرائيل وإيران والغرب للسيطرة على الشرق الأوسط وثرواته واقتلاع النفوذ العربو – سنيّ منه.

يتجلى ذلك في العمل على إضعاف الدور السنّي في لبنان، ببعثرة التيارات السنيّة من جانب، والسطو على دورها في المعادلة السياسية وتشكيل الحكومة ضمن الأصول والمعايير التي ينظمّها الميثاق ليس في التوقيت بل في المضمون.

ينبغي الاعتراف بأنّ هذا التوجّه لدى بعض القوى في السلطة والأحزاب، لديه موقف سلبيّ من أهل السنّة، وقد استفاد من عدم وجود استراتيجية جيو – سياسية لدى المكوّن السنيّ، وبأسف، قادرة على مواجهة هذا الاستهداف، في ظلّ الانتفاضة التي يشهدها لبنان حاليًا.

 بين الخلل في الميثاق – والانتفاضة، لبنان على المفترق.

مواضيع ذات صلة

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…

كنّا نخاف منه وصرنا نخاف عليه

قبل عام 1969 كان العالم العربي والإسلامي يتدافع نحو أخذ صورة مع جمال عبدالناصر، ثمّ بعد العام نفسه صار العرب والمسلمون ومعهم عبدالناصر يتدافعون للوقوف…

دعاية “الحزب” الرّديئة: قصور على الرّمال

لا تكفي الحجج التي يسوقها “الحزب” عن الفارق بين جنوب الليطاني وشماله للتخفيف من آثار انتشار سلاحه على لبنان. سيل الحجج المتدفّق عبر تصريحات نوّاب…

معايير أميركا: ملاك في أوكرانيا.. شيطان في غزّة

تدور حرب ساخنة في كلّ من أوروبا (أوكرانيا)، والشرق الأوسط (غزة – لبنان). “بطل” الحرب الأولى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، و”بطل” الحرب الثانية رئيس الوزراء…