خفض الفوائد ينعش سوق العقارات؟

مدة القراءة 3 د


أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعديلين يتعلقان بدفع الفوائد على شهادات الايداع والودائع الآجلة بالدولار والمودعة لديه، وتعديل ثالث يخصّ نسبة الفائدة على الودائع لدى المصارف العاملة في لبنان ليصبح سقفها 5 بالمئة فقط على الوادئع بالدولار و5،8 على الودائع بالليرة اللبنانية التي تتلقاها المصارف أو تقوم بتجديدها بعد الخامس من الشهر الحالي، يُتوقّع أن يقلب هذا التعديل الأخير نمط الاقتصاد السائد في لبنان منذ سنوات قليلة، ويؤثر في سوق العقارات وبالتالي في حياة الكثير من اللبنانيين.

من البديهيات الاقتصادية أن انخفاض معدل الفائدة يحضّ المودعين في كل دول العالم على الاستثمار، لكن كما هو معروف، فإن الأزمة الحالية تمنع المودعين من الحصول على أموالهم من المصارف. وهذا الأمر يجبرهم على سحب إيداعاتهم بواسطة التحايل والالتفاف على الاجراءات. واحدة من تلك الأساليب هي إصدار الشيكات المصرفية. أشخاص كثر بدأوا يلوذون بأموالهم إلى السوق العقاري بغية شراء الأراضي أو الشقق سكنية بواسطة هذه الشيكات المصرفية، وتأجيرها. لأنها الطريقة شبه الوحيدة التي تسمح لهم بسحب الايداعات من المصرف، وبالتالي استثمارها بما هو أفضل من معدلات الفائدة المنخفضة.

 في المقابل، بدأ تجار البناء يتساهلون في البيع، لسداد دفعات القروض التي حصلوا عليها من المصارف، عشية استفحال الشحّ في السيولة. وهذا التهافت على شراء العقارات يُفترض أن يخلق عرضاً يسيراً في الإيجارات، وقد يدفع بدلاتها إلى الانخفاض!

الخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يقول في اتصال هاتفي مع “أساس”: “إن الفوائد، مع أو من دون التعميم، بدأت بأن تأخذ منحى انحدارياً لأن الناس تعمد بسبب خوفها إلى استبدال آجال إيداعاتها بشهر واحد بدلاً من سنة كاملة، وذلك ليكون لها القدرة على التحكم بأموالها أو ربما سحبها متى تسمح الفرصة”، واضعاً التعديلات في إطار “تنظيم المنحى الانحداري لمعدّل الفائدة”.

 وعن  السبب الرئيسي خلف هذه الخطوة، يقول فحيلي إنها جاءت بناء لتوصيات صندوق النقد الدولي، وهي تنسجم مع تطلعات المصرف المركزي لـ”كبح تمادي المصارف في استقطاب الودائع في ما بينها”، وبالتالي للحد من تنافسها في هذه المرحلة، لان “المنافسة خطيرة خصوصاً إذا تعثّر أي مصرف بسبب الأزمة، إذ سيكون مصرف لبنان ملزماً بانقاذه أولاً والدفاع عن القطاع المصرفي وسمعته ثانياً”.

 وعن التعميمين الأولين اللذين يخصّان المصرف المركزي، اعتبر فحيلي أن “لمصرف لبنان مصلحة في التعامل بالعملة اللبنانية لأن قدرته على التعامل بالليرة اللبنانية تكون أقوى من عملة الدولار الأميركي، وبالتالي هذا الأمر يجعل الضغط على احتياطاته بالعملة الصعبة، أقلّ. كما أن هذا التدبير يجعل حاجته للعملات الصعبة أقل نسبياً ومحصورة بالتعاطي مع الجهات الخارجية فقط”.

 

 

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…