حزب الله مزارعاً: سنخوص القمح معك

مدة القراءة 3 د


 

قرّر حزب الله دعوة مناصريه في جنوب لبنان للعودة إلى الزراعة. هذه خلاصة دعوات وجهتها بلديات جنوبية إلى الأهالي والسكان، وليس غريباً أنّها تأتمر من حزب الله منها: رب ثلاثين والطيبة (قضاء مرجعيون)، بنت جبيل وعيناتا (قضاء بنت جبيل)، ولحقت بها بلدية بني حيّان  التي يرأسها حزبي من حركة أمل.

الدعوات إلى العودة لزراعة القمح والعدس والحمص والحديث عن الأمن الغذائي، سبّبا حالة من هلع “مكتوم” في الجنوب، وأعادا إلى الذاكرة المجاعة التي ضربت البطون خلال الحرب العالمية الأولى في العام 1914.

“الناس مخنوقة ومتخوفة”، بهذه العبارة أجاب رئيس بلدية عيناتا، الدكتور رياض فضل الله، عندما سأله موقع “أساس” عن دواعي هذه الدعوة في هذا التوقيت. وهو بالطبع قريب من النائب حسن فضل الله باعتبارهما من العائلة نفسها والبلدة نفسها وانتخب رئيساً للبلدية على لوائح حزب الله.

لا يخفي فضل الله أنّ هذه الخطوة أعّد لها “في مواجهة الخطر في المستقبل”، وكأنّه يخالف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي قال 1 تشرين الثاني: “المقاومة ستبقى قادرة على دفع رواتب أعضائها”.

“إذا ما زرعنا رايحين عالمهوار” هذا ما كشفه رئيس بلدية بنت جبيل عفيف بزّي. لا يجد بزّي سبيلاً لحل المعضلات التي تواجه البيئة الشيعية غير: “العود إلى الزراعة والصناعة المحلية”.

حزب الله العالق اليوم بين الشح الإيراني والضغط الأميركي، لم يعد قادراً على طمأنة محازبيه بالخطابات المتتالية

“إذا صار شي بالمستقبل الناس بتكون زارعة”، هو الجواب الذي اكتفى به رئيس بلدية “رب ثلاثين” الحاج علي بركات، فالوضع الاقتصادي الحالي فرصة مؤاتية لهذه الحملة على حد قوله. وعلى الوتيرة نفسها، لا يخفي رئيس بلدية الطيبة عباس دياب، أنّ هناك هدفاً من التشجيع على الزراعة، فسيهب بالحديث عن سوء الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار وتناقص فرص العمل.

بعد 20 عاماً على التحرير، وعلى استثمار حزب الله شباب الجنوب والبقاع والضاحية في الحروب من سوريا إلى العراق واليمن والبحرين… ها هو يكتشف الزراعة. 20 عاماً بين تحرير الأرض وزراعتها. ربما ننتظر 20 عاماً أخرى قبل أن يكتشف الصناعة.

“الحزب لم يكن يهتم بالمجتمع كلّ همه المقاومة والدفاع عنها وعن إيران”، هذا ما شددت عليه الباحثة والدكتورة منى فياض عند سؤالها عن سبب إهمال القطاع الزراعي جنوباً. أما في ما يتعلق بالصحوة الحالية، تقول فياض أنّ الأمر يرتبط بمجموعة من النقاط من بينها:

“- اتهام الأميركان بالتجويع عبر العقوبات، وبالتالي إعفاء الحزب نفسه والطبقة السياسية من أيّ دور في الأزمة

– تحصين بيئته كي لا تلومه عندما تشتد الأزمة، وكي تقول أنّها لولاه لكانت جاعت”.

الحزب يتحمّل مسؤولية الزراعة أما إهمال تأسيس المصانع في الجنوب فيتحمّل مسؤوليته “الثنائي الشيعي ولاسيما الرئيس نبيه برّي وزوجته”، على حد تعبير فياض، التي تتحدث عن “الخوّة” وخاصة ما يتردد عن نسبة الـ51%.

بناءً على سبق، فإنّ حزب الله العالق اليوم بين الشح الإيراني والضغط الأميركي، لم يعد قادراً على طمأنة محازبيه بالخطابات المتتالية. فالخوف من الجوع بدأ يضرب البيئة الشيعية. ويبدو أنّ رصيد حزب الله ما عاد يكفي لأكثر من زراعة القمح والحمص والعدس.

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…