الشّرع في عامه الأوّل: 80% من السّوريّين يثقون به

مدة القراءة 7 د

يريد السوريّون الكثير والكثير في الاقتصاد والأمن والديمقراطيّة، لكنّهم يثقون بشكل كبير وغير مسبوق برئيسهم أحمد الشرع لدرجة ستجعل كثراً من قادة العالم يحسدونه على موقعه ومكانته لدى السوريّين، وفقاً لما انتهى إليه استطلاع منظّمة البارومتر العربيّ”.

 

كشف الاستطلاع أنّ السوريّين اليوم أكثر تفاؤلاً بمستقبل بلادهم، وأكثر دعماً للديمقراطيّة، ومنفتحون على المساعدات الخارجيّة، مع مستوى مرتفع من الثقة بالحكومة الجديدة والرئيس أحمد الشرع. في المقابل، يبرز قلق واسع من الوضع الاقتصاديّ وتراجع الخدمات العامّة وتحدّيات الأمن الداخليّ، إضافة إلى الانقسام حول العدالة الانتقاليّة وكيفيّة التعامل مع إرث الصراع.

أُجري المسح بين29  تشرين الأوّل و17 تشرين الثاني، بالتعاون مع RMTeam International، عبر مقابلات مباشرة مع عيّنة عشوائيّة من1,229  بالغاً في أماكن سكنهم، وباللغتين العربيّة والكرديّة. تركّزت الأسئلة على تصوّر السوريّين لمسار إعادة بناء البلد بعد عام على سقوط نظام بشّار الأسد.

تفاؤل وثقة مرتفعة بالحكومة

يؤكّد التقرير الذي أعدّته سلمى الشامي ومايكل روبنز أنّ المزاج العامّ في سوريا يتّسم بالتفاؤل. إذ أظهر السوريّون دعماً واسعاً للديمقراطيّة، وترحيباً بالمساعدات الخارجيّة، بما فيها الأميركيّة والأوروبيّة، إضافة إلى مستويات تأييد لافتة للسلطة الحاليّة:

– 81%  يثقون بالرئيس أحمد الشرع.

– 71%  يثقون بالحكومة.

– 62%  يثقون بالقضاء.

–  71%  يدعمون الجيش.

يرى معدّو التقرير أنّ هذه النسب لا تبدو نتيجة ترهيب سياسيّ، إذ لم يتردّد كثير من المعارضين في إبداء انتقاداتهم أثناء المقابلات. وفي الوقت نفسه، تؤكّد أغلبيّة واسعة وجود حرّية التعبير (73%) وحرّية الصحافة (73%) وحرّية الاحتجاج السلميّ (65%).

أظهر السوريّون دعماً واسعاً للديمقراطيّة، وترحيباً بالمساعدات الخارجيّة، بما فيها الأميركيّة والأوروبيّة

أمّا مجلس الشعب فيثق53%  بأنّه يمثّلهم، بينما يرى40%  فقط أنّ العمليّة الانتخابيّة كانت واضحة ومتساوية الفرص. على الرغم من ذلك، يعتقد67%  أنّ الحكومة تستجيب لرغبات الناس. تُفسّر هذا التأييدَ الكبير المقارنةُ بين الفترة الحاليّة وفترة الأسد، إذ أفاد78%  منهم بأنّهم عانوا بين 2011 و2024 نزوحاً أو خسارة ممتلكات أو تعرّضوا للعنف أو فقدوا معيلاً. بينما قال14%  فقط إنّهم واجهوا ظروفاً مماثلة منذ بداية 2025.

إلى ذلك يرى70%  أنّ الفساد تراجع مقارنة بعهد الأسد، ويعتقد76%  أنّ أحوال أطفالهم ستكون أفضل.

الاقتصاد… الخطر الأكبر

على الرغم من الشعبيّة المرتفعة للحكومة الحاليّة، تبدو التوقّعات المستقبليّة مشروطة بالأداء الاقتصاديّ. إذ يُعدّ الاقتصاد الشغل الشاغل للسوريّين اليوم:

– 17%  فقط راضون عن الأداء الاقتصاديّ.

– يعتبرون التضخّم (31%) والبطالة (24%) والفقر (23%)  أبرز التحدّيات.

– 56%  يجدون صعوبة في الحصول على الاحتياجات الأساسيّة.

– 86%  يؤكّدون أنّ دخل الأسرة لا يغطّي النفقات.

– 77%  غير راضين عن توفير فرص العمل.

– 65%  يعانون من انعدام الأمن الغذائيّ، وترتفع النسبة إلى73%  بين النازحين.

أمّا الخدمات العامّة فلا تزال في وضع سيّئ:

– 41%  فقط راضون عن الكهرباء.

– 32%  عن المياه.

– 35%  عن السكن الميسور.

– 36%  عن الرعاية الصحّيّة.

على الرغم من أنّ94%  يشعرون بالأمان في أحيائهم، يعتبر السوريّون حصر السلاح بيد الدولة تحدّياً مركزيّاً. إذ يريد74%  جمع السلاح من الجماعات المسلّحة، فيما 78%  يريدون جمعه من الأفراد غير المرخّص لهم، بينما يرى63%  أنّ الخطف تهديد خطير.

انقسام مناطقيّ واضح

يُظهر الاستطلاع فروقات جغرافيّة كبيرة من حيث الثقة بالحكومة. ففي حين تتمتّع دمشق وشمال البلاد وجنوبها بتأييد واسع، تشكّل اللاذقيّة والسويداء وطرطوس استثناءً لافتاً:

– الثقة بالحكومة 36% فقط.

– الثقة بالقضاء 33%.

– الثقة بالجيش 22%.

– الثقة بالرئيس 36%.

يعتقد أقلّ من نصف سكّان هذه المناطق أنّ حرّيّة التعبير والصحافة والتجمّع مكفولة. يرى 35% فقط أنّ الحكومة تستجيب لاحتياجاتهم.

على الرغم من الشعبيّة المرتفعة للحكومة الحاليّة، تبدو التوقّعات المستقبليّة مشروطة بالأداء الاقتصاديّ

يفسّر التقرير هذه الهوّة بإرث الانقسامات الطائفيّة التي عمّقها نظام الأسد. لكنّ السوريّين يدركون خطورتها: 78%  يعتقدون أنّ عدم التسامح مشكلة وطنيّة، و41% يعتبرون أنّ أهمّ درس من 2011 إلى 2024 هو قبول الآخر.

لدى سؤالهم عمّن يحتاج إلى ضمانات سياسيّة وأمنيّة، كانت الإجابات كما يلي:

– 53%  قالوا: الأغلبيّة والأقلّيّات معاً.

– 51%  قالوا: احترام تفضيلات الجميع.

– 55%  قالوا: تمثيل متساوٍ في الحكومة.

الانقسام حول العدالة الانتقاليّة

يُظهر الاستطلاع أنّ السوريّين منقسمون على كيفيّة الاعتراف بالمعاناة:

– 40%  يرون ضرورة الاعتراف بمعاناة الأغلبيّة والأقليّات قبل 2024.

– 31%  يرونه ضروريّاً لما بعد 2024.

– 38%  يرون أنّ معاناة الأغلبيّة قبل 2024 تستحقّ اهتماماً أكبر.

يخلص التقرير إلى أنّ سوريا بحاجة إلى نظام عدالة انتقاليّة شامل لا يقتصر على جرائم نظام الأسد فقط، كما هو حال اللجنة الوطنيّة الحاليّة. يُبدي السوريّون تأييداً واسعاً لتوسيع صلاحيّاتها:

السوريون

– 70%  يؤيّدون شمول الجرائم التي ارتكبتها كلّ الأطراف.

– 9%  فقط يرون أنّ العدالة خارج القضاء تُنتج حلولاً أفضل.

– 19%  يرون أنّها أسرع.

يؤمن معظم السوريّين بأنّ الديمقراطيّة، مع عيوبها، هي الطريق الفضلى:

– 71%  يرون أنّها أفضل من أيّ بديل.

– 43%  فقط يقبلون فكرة القائد الذي يتجاوز القواعد لإنجاز الأمور.

يُظهر السوريّون استعداداً واسعاً لتلقّي المساعدة الاقتصاديّة:

– 45%  يريدون دعماً تنموياًّ.

– 36%  يريدون إعادة إعمار البنية التحتيّة.

– 4%  فقط لا يريدون أيّ مساعدات.

يريد السوريّون الكثير والكثير في الاقتصاد والأمن والديمقراطيّة، لكنّهم يثقون بشكل كبير وغير مسبوق برئيسهم أحمد الشرع

السّعوديّة أكثر الدّول شعبيّة

أمّا الدول الأكثر شعبيّة:

– السعوديّة 87%.

– قطر 83%.

– تركيا 73%.

– أوروبا 70%.

– الولايات المتّحدة 66%.

يبدي61%  رأياً إيجابيّاً في ترامب بسبب رفعه العقوبات بسرعة. لكنّ هذا لا يعني تأييد التطبيع مع إسرائيل، إذ:

– 14%  فقط يدعمون التطبيع.

– 92%  يعتبرون الاحتلال والضربات الإسرائيليّة تهديدات حرجة.

– 4%  فقط لديهم نظرة إيجابيّة لإسرائيل.

في المقابل، لا تحظى إيران وروسيا بشعبيّة تُذكر (5% و16% على التوالي)، فيما لا تتجاوز الصين 0.37%.

إقرأ أيضاً: حين أعلنت الرّياض “نهائيّة” سقوط الأسد

يؤكّد تقرير “البارومتر العربيّ” أنّ سوريا أمام فرصة تاريخيّة لإعادة بناء دولة أكثر استقراراً وعدلاً، لكنّها فرصة لن تبقى مفتوحة طويلاً. إذ ستُقاس شرعيّة الحكومة بأدائها الاقتصاديّ والاجتماعيّ وبنجاحها في معالجة الانقسامات الداخليّة وبناء نظام ديمقراطيّ وتأسيس عدالة انتقاليّة شاملة. وقد يكون الدعم الدوليّ، خصوصاً من الولايات المتّحدة وحلفائها، حاسماً لمساعدة البلاد على النهوض مجدّداً والتحوّل إلى شريك مستقرّ في منطقة شديدة الحساسيّة.

مواضيع ذات صلة

سوريا: سنة أولى حرية

عام انطوى على دولة وشعب وأمة استعادوا فيه الحياة، وعلى طاغية فارٍ يعيش بين الثلوج ولا يتكلم بل يكتفي فقط بالنحيب. عام على عودة دمشق…

سورية الشّرع: صعوبات استقبال الجديد

من سوء حظّ بشّار الأسد في منفاه أنّهم عندما كانوا ينشرون حديثاً طويلاً له في سيّارته مع مساعدته السابقة لونا الشبل فيه الكثير ممّا يدلّ…

سوريا الجديدة: عام على هزيمة إيران

لم تخسر إيران سوريا فجأة مع دخول قوّات هيئة تحرير الشام بقيادة أبي محمّد الجولاني إلى مدينة حلب مطلع كانون الأوّل 2024، ولا مع الانهيار…

سوريا الجديدة: مخاطر الأمن وبشائر الاقتصاد

سورية منشغلة بالذكرى السنويّة الأولى لانطلاق عمليّة “ردع العدوان” التي انتهت بإسقاط نظام بشّار الأسد، بعد حرب أهليّة دامت قرابة أربع عشرة سنة. يختصر الخطاب…