البيت العراقي وتحديات المكوّنات المتعدّدة

مدة القراءة 4 د

وسط تحولات سياسية متسارعة في العراق، يسعى المكوّن السنّي لتوحيد صفوفه عبر تشكيل المجلس السياسيّ الوطنيّ، في خطوة قد تغيّر موازين القوى داخل العملية السياسية. لكن التحديات الداخلية والخلافات التقليدية، إضافة إلى الضغوط الخارجية والإقليمية، تجعل مصير هذا المجلس مرتبطًا بقدرة قادته على تجاوز الانقسامات القديمة والتنسيق مع باقي المكوّنات، خصوصًا الكردية والشيعية.

 

 

في خطوة قد تُعدّ الأولى من نوعها على طريق توحيد الموقف السنّي داخل العملية السياسية العراقية، أعلنت الأحزاب السنّيّة الكبرى عن تشكيل المجلس السياسيّ الوطنيّ. ويضمّ هذا المجلس:

  • حزب “تقدّم” بقيادة محمد الحلبوسي
  • حزب “سيادة” بقيادة خميس الخنجر
  • حزب “عزم” برئاسة مثنّى السامرائي
  • حزب “حسم” برئاسة وزير الدفاع الحالي ثابت العبّاسي
  • حزب “الجماهير” بقيادة أحمد الجبوري

اجتمعت هذه الأحزاب في منزل خميس الخنجر ببغداد، وهي تملك نحو 65 مقعدًا من أصل 76 مقعدًا مخصصة للسنّة في البرلمان، ما يمنحها قدرة كبيرة على التأثير في اختيار مرشّحي المواقع السيادية في الرئاسات الثلاث: رئاسة الجمهورية، الحكومة، والبرلمان.

وسط تحولات سياسية متسارعة في العراق، يسعى المكوّن السنّي لتوحيد صفوفه عبر تشكيل المجلس السياسيّ الوطنيّ، في خطوة قد تغيّر موازين القوى داخل العملية السياسية

التحديات الداخلية: خلافات متجذّرة وخطر التفكك

رغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن نجاح المجلس يعتمد على تجاوز الخلافات الداخلية الحادّة بين أقطابه، والتي ظهرت بوضوح في الدورات البرلمانية السابقة. كل حزب يسعى لضمان تمثيله حصريًا على حساب الآخرين، ما دفع بعضهم إلى التحالف مع قوى من خارج المكوّن، خصوصًا مع الإطار التنسيقيّ للقوى الشيعيّة لضمان حصص في مؤسسات الدولة.

اللافت في تشكيل المجلس الجديد أنّ المبادرة جاءت من داخل الأحزاب السنّيّة نفسها، ولم تكن بدفع أو ضغط من الخارج كما حصل في السابق. إذ لم يُعقد الاجتماع في إسطنبول أو أنقرة برعاية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بل في بغداد، ما يعكس رغبة حقيقية في توحيد الصفّ السنّي داخليًا.

الخلافات داخل “الإطار التنسيقيّ” الشيعيّ

على صعيد القوى الشيعيّة، برزت مؤشرات خلاف داخل “الإطار التنسيقيّ” حول اختيار مرشّح رئاسة الوزراء، لا سيما بعد مواقف فراس المسلماوي المتحدث باسم تحالف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس الوزراء السابق محمد شيّاع السوداني، والذي هدد باتخاذ خطوات حاسمة في حال استبعاد السوداني من قائمة المرشحين، من دون الكشف عن طبيعة هذه الخطوات.

اللافت في تشكيل المجلس الجديد أنّ المبادرة جاءت من داخل الأحزاب السنّيّة نفسها، ولم تكن بدفع أو ضغط من الخارج كما حصل في السابق

التصدّع داخل صفوف المجلس السنّي ممكن وسريع، خصوصًا فيما يتعلق بالصراع على اختيار الشخصيّة التي ستتولى رئاسة البرلمان. هذا التهديد يعقّد طموحات محمد الحلبوسي في تولّي هذا الموقع، خصوصًا بعد صعوبة التفاهم مع المكوّن الكردي حول رئاسة الجمهورية.

الإدارة الأميركية حذّرت من تنامي نفوذ الفصائل المقرّبة لإيران نتيجة الانتخابات الأخيرة، ما قد يهدّد الاستقرار السياسي والاقتصادي في حال تمّ إسناد مواقع عليا لأشخاص تابعين لهذه الفصائل. هذا الأمر أجبر القوى الشيعيّة على التراجع عن تمرير قانون تنظيم “الحشد الشعبي” قبل الانتخابات، وأثار ضرورة البحث عن مخارج سياسية لتفادي التصادم مع واشنطن.

إقرأ أيضاً: العراق: الدّولة العميقة “الفاسدة” تجدِّد شبابها

الوضع الكردي: خارج مسار التفاهمات المركزية

الكتلتان الكرديتان الرئيسيتان، الحزب الديمقراطي الكردي وحزب الاتحاد الوطني، تواجهان تحديات داخلية في توزيع الحصص بعد نتائج الانتخابات البرلمانية، ما يعقد التفاهم مع باقي القوى على تسريع انتخاب الرئاسات الثلاث. كما يبقى الصراع حول منصب رئيس الجمهورية محل جدل، إذ يتمسّك حزب الاتحاد الوطني بحقّه، بينما يرى الحزب الديمقراطي أنّ المنصب هذه المرة من حقّه وفقًا للفارق في حجم التمثيل النيابي بينهما.

مواضيع ذات صلة

أجواء برّي: تعديل اتّفاق الهدنة… وقف النّار أوّلاً

أفسح تعيين مفاوض مدنيّ هو السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد العسكريّ إلى اجتماعات لجنة “الميكانيزم” في المجال أمام البحث في حلول سياسيّة ممّا كان…

بهشلي – بارزاني: خطّان متوازيان… يلتقيان؟

شهدت العلاقات بين أنقرة وإربيل خلال الأعوام الأخيرة تقدّماً ملموساً تجاوز الكثير من العقبات، مدفوعةً بتقاطع المصالح وبناء قنوات ثقة متدرّجة. لكنّ  “حادثة شرناق” وضعت…

اللّبنانيّون يرفضون الانتحار… مع “الحزب”!

سؤال واحد يَختزل الموضوع اللبنانيّ كلّه، أي موضوع التخلّص من الاحتلال الإسرائيليّ المتجدّد لأراضٍ في الجنوب. خروج الاحتلال أولويّة الأولويّات: هل من سبيل إلى ذلك…

رسائل الغوطة: أسد تَلاعَب به شبلٌ!

لا تكشف الفيديوهات المسرّبة عن رحلة الرئيس السوريّ السابق بشّار الأسد إلى الغوطة في 20 نيسان 2018 عن مفاجأة تذهل السوريّين، موالين له أو معارضين….