وداعاً مرفأ بيروت و”أهلاً” مرفأ اللاذقية؟

مدة القراءة 4 د


لم يطل الوقت بعد كارثة مرفأ بيروت كي ينتقل الحديث عن مرفأي طرابلس وصيدا لكي يتمّ تعويض ما كان يؤدّيه مرفأ العاصمة. لكنّ همساً بدأ يتصاعد مبكّراً يفيد أنّ المرفأين الشمالي والجنوبي غير كافيين، ولا بدّ من الاستعانة بمرفأ اللاذقية على الساحل السوري. فهل هذا الاحتمال معقول؟

تحدث “أساس” الى وزير سابق لديه الكثير من المعطيات حول العلاقات اللبنانية – السورية، فقال إنّ الامر الأساسي الذي يجب تركيز الأنظار عليه الآن، هو مدى نفوذ “حزب الله” ومن يمثّل في المرفأين البديلين، وهل  سيعوّض عليه ما كان يتمتّع به في مرفأ بيروت من امتيازات بدأت منذ العام 2008 بعد اتفاق الدوحة؟ ولفت إلى أنّ مرفأ طرابلس الذي يمثّل خياراً حقيقياً لكي يجتاز لبنان مرحلة قاسية جداً تسبّبت بها كارثة الانفجار الهائل في العنبر الرقم 12 و دمار مرفأ بيروت، لا يمكن أن يصبح واقعاً كاملاً بسبب خسارة الحزب ما كان يحظى به من امتيازات في المرفأ الأول في لبنان، والذي كان بين المرافى الأولى في المنطقة.

إقرأ أيضاً: وصنع المرفأ بيروت

كيف يمكن تسويق فكرة الذهاب إلى مرفأ اللاذقية؟ يجيب المصدر نفسه باستعادة كلّ المحاولات التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وهي تتمحور حول إعادة العلاقات مع النظام السوري تحت عناوين شتى، آخرها ما له علاقة بتصدير المنتجات الزراعية اللبنانية برّاً نحو العراق، ومنه إلى دول عربية عدة وذلك عبر الأراضي السورية. أضاف: “قد نسمع قريباً حجّة مماثلة ستقول إنّ حجم المساعدات الضخمة التي ستتدفّق على لبنان (وقد بدأت طلائعها تظهر جوّاً)، لا يمكن استيعابها عبر المرفأين الشمالي والجنوبي، ولا بدّ من الاستعانة بالجار البرّي الوحيد أي مرفأ اللاذقية”. وتابع: “هناك في دوائر حزب الله، استشعار لمخاطر فقدان السيطرة على المنافذ في لبنان. وها هي المخاطر بدأت تتحقّق بفقدان مرفأ بيروت الذي كان من أهمّ المنافذ ليس لحزب الله فحسب، بل للنظامين السوري والإيراني”.

في سياق متصل، تشير دراسة حديثة لأحد مراكز الأبحاث، لم يجد رئيسه مصلحة في الكشف عن هويته الآن بسبب دقة المعلومات الواردة في الدراسة ، إلى معطيات تفيد أنّ قراراً قد اتخذ لإنهاء نفوذ “حزب الله” في المفاصل الحيوية في لبنان، ولا بدّ من رؤية نتائج هذا القرار بما انتهى إليه مرفأ بيروت الذي صار ركاماً. ما حرم لبنان، وأيضاً الحزب، أهم نافذة للتصدير والاستيراد مع العالم. وما حلّ بمرفأ بيروت، وفق ما ورد في الدراسة، بدأ يحلّ مثله في مطار رفيق الحريري الدولي. ففي الاسبوع الأخير من تموز الماضي، أفادت وكالة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية بأنّ طائرات عسكرية تابعة لسلاح الجو الأميركي، اعترضت طائرة ركاب تابعة لشركة النقل الجوي الإيرانية “ماهان آير”، كانت متوجّهة من طهران إلى بيروت، وذلك فوق الأجواء السورية. ولاحقاً، أعلن مطار بيروت، أنّ عدداً من ركاب الطائرة الإيرانية التي هبطت في المطار إثر تعرّضها لمضايقات جوية من قبل طيران حربي أميركي، تعرّضوا لإصابات طفيفة نتيجة الهبوط الاضطراري الذي قام به قبطانها. ومنذ وقوع هذا الحادث، قبل نحو أسبوعين وحتى الآن، لم تظهر رواية كاملة لما تعرّضت له الطائرة الإيرانية، ومن كان على متنها فعلاً غير الذين ظهروا في وسائل الإعلام من ركاب لبنانيين.

في الدراسة المشار إليها آنفاً، أنّ ما حدث للطائرة الإيرانية يتضمّن رسالة إلى طهران مفادها، أنه لا يمكن بعد اليوم أن تتغاضى الولايات المتحدة الأميركية عن توظيف إيران مطار العاصمة اللبنانية لأغراضها التي تتراوح بين أمنية واقتصادية. وهناك الكثير من الوثائق، بحسب هذه الدراسة، تؤكّد أنّ مطار بيروت هو منذ العام 2008 نافذة للنفوذ الإيراني ممثّلاً بـ”حزب الله” على العالم. ويوفّر الحزب بفضل نفوذه في هذا المرفق المهمّ خدمات للنظام السوري وصلت في مرحلة سابقة إلى تحويل المطار إلى مصيدة للإمساك بمعارضي هذا النظام.

بالعودة الى مرفأ بيروت الذي  صار ذكرى لزمن انطوى حالياً، فهو كان قبل صدور قانون قيصر الأميركي الذي فرض عقوبات على النظام السوري وعلى المتعاونين معه، منفذاً لاستيراد كلّ “الممنوعات” بموجب هذا القانون. وكان المرفأ في فترة ما قبل القانون، يلبّي كلّ متطلّبات النظام السوري التي كان يتسلّمها عبر “خط المقاومة” في المرفأ، معفيّاً من الرسوم والرقابة على حدّ سواء.

مجدّداً بعد ما صار واقعاً القول: “وداعاً مرفأ بيروت”، لا بدّ من الاستعداد لسماع عبارة: “أهلاً مرفأ اللاذقية”.

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…