مُلاكمة مارك وماسك: صفعة “ثريدز”.. وخسائر تويتر

مدة القراءة 6 د


في تغريداتهما الأخيرة بدأ الصراع يأخذ توجّهاً مختلفاً بين مؤسّس “فيسبوك” ومالك “ميتا” مارك زوكربيرغ، وبين إيلون ماسك مالك “تويتر”. إذ دعا ماسك، في واحد من تصريحاته المثيرة للجدل، إلى ملاكمة “في القفص”، ملاكمة حقيقية مع دماء تفيض من عملاقَيْ مواقع التواصل الاجتماعي.

كان ذلك خلال نقاش دار بعد أنباء عن قرب إصدار “ميتا” موقعاً منافساً لتويتر. وأمس الأوّل سدّد مارك لكمته الأولى على وجه ماسك، وتسجّل في موقع “Threads” أكثر من 50 مليوناً في ساعات قليلة.

وقد وجّه مارك ضربته في حين تتراجع قيمة تويتر من 44 ملياراً، كما اشتراها ماسك في تشرين الأوّل 2022، إلى أقلّ من 15 ملياراً اليوم وفق ما يقدّر البعض.

حسب شركة Bot Sentinel، جرى إلغاء حوالي 877,000 حساب وتعليق 497,000 حساب آخر على تويتر بعدما اشتراها ماسك، الذي أعلن السبت الفائت وضع قيود على عدد تغريدات مستخدمي تويتر غير الموثَّقين، خوفاً من استغلال شركات جمع البيانات بيانات تويتر (وهو قرار قال ماسك إنّه تمّ اتّخاذه لمكافحة “المستويات القصوى من شفط البيانات”).

في تغريداتهما الأخيرة بدأ الصراع يأخذ توجّهاً مختلفاً بين مؤسّس “فيسبوك” ومالك “ميتا” مارك زوكربيرغ، وبين إيلون ماسك مالك “تويتر”

المنافسة الشديدة…

هكذا دخلت ميتا من خلال تطبيق “ثريدز” عالم التغريد بنصوص قصيرة. وبدأت بذلك مرحلة جديدة من المنافسة بين تويتر التي تعاني وميتا التي تفتّش عن أسواق جديدة. وفي الوقت نفسه يحاول إيلون ماسك إيجاد طرق جديدة للتعويض عمّا خسرته تويتر خلال سنة تقريباً. فقد أعلن منذ فترة وجيزة تعيينه رئيسة تنفيذية متخصّصة في عالم الإعلانات لكي تعيد المعلنين إلى المنصّة بعدما كان قد خسر أكبر المعلنين لأسباب تتعلّق بسلوكه وبآرائه السياسية، بالإضافة إلى فتح المجال للتغريدات من دون أيّ رادع، وهو ما أدّى إلى طرح أفكار سلبية، فيما المعلنون لا يفضّلون أن تكون إعلاناتهم على صفحات ذات توجّه سلبي ومثير للجدل.

احتدم التوتّر بين ماسك وزوكربيرغ لسنوات. في عام 2016، قال زوكربيرغ إنّه أصيب بخيبة أمل كبيرة بعدما اصطدم أحد صواريخ ماسك SpaceX بقمر صناعي كان فيسبوك يستخدمه لإتاحة وصول الإنترنت إلى الدول النامية.

في وقت سابق من هذا العام، غرّد ماسك أنّ “Instagram تجعل الناس مكتئبين”، وحذف سابقاً صفحات فيسبوك لـTesla وSpaceX، واصفاً المنصّة بـالـ”عرجاء”.

لكلٍّ منهما آراء متعارضة بشدّة حول الذكاء الصناعي. في عام 2017، كتب ماسك على تويتر أنّ فهم زوكربيرغ لتهديد الذكاء الصناعي “محدود”. وفي آذار الماضي، وقّع إيلون ماسك خطاباً مفتوحاً يحثّ على وقف تطوير الذكاء الصناعي لمدّة ستّة أشهر.

من ناحية أخرى، يحاول زوكربيرغ الاستفادة من تقنيات الذكاء الصناعي التوليدي في منتجات Meta، على الرغم من أنّ الشركة شهدت مغادرة العديد من باحثي الذكاء الصناعي في العام الماضي، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”. فيما تظلّ طموحات ماسك على المدى الطويل في مجال الذكاء الصناعي غير واضحة.

ثريدز: التثريد بدل التغريد

التطبيق الجديد متاح على تطبيقات آبل وأندرويد من خلال حسابات إنستغرام بالضغط على شعار “هامبرغر”. وهو يسمح بكتابة 500 حرف، أي أكثر مرّتين ممّا يسمح به تويتر. ومنذ أن أُطلق في 6 تموز وفُتح باب التسجيل، ناهز عدد المشتركين 50 مليوناً. وهذا يُعتبر رقماً كبيراً نسبة إلى السرعة التي تحقّق بها.

في وقت سابق من هذا العام، غرّد ماسك أنّ “Instagram تجعل الناس مكتئبين”، وحذف سابقاً صفحات فيسبوك لـTesla وSpaceX، واصفاً المنصّة بـالـ”عرجاء”

هذا النموذج هو لتوسيع أفق إنستغرام من مجال الصورة إلى مجال النصّ للتعبير عن الأفكار حسب ما يقول زوكربيرغ. والمحادثات ستكون في الوقت الفعليّ كما هو الحال مع تويتر. فهل يكون هذا النموذج ضربة قاضية لتويتر؟

القرارات التي يتّخذها ماسك للتغيير في أساليب المحادثة تسبّب إرباكاً عامّاً للمستخدم. في حين “نسخ” تطبيق “ثريدز” أو “اختلس أسرار تويتر التجارية”، بحسب الاتّهامات. وهذا ما نفته شركة ميتا.

جدير بالذكر أنّ المنافسة بين تويتر وباقي شركات تفاعل شبكات التواصل لا تقتصر على شركة ميتا بل تتعدّاها إلى منصّات أخرى مثل: “مستودون” (Mastodon )، “بلوسكي” (Bluesky ) و”سبيل” ( Spill)، وهو التطبيق المملوك من أصحاب البشرة السوداء.

للمقارنة بين النموذجين، فإنّ تسلسل المنشورات متطابق وظيفياً مع تويتر. بالطبع، فإنّ تويتر منصة كانت تربح سابقاً، وأدّت سهولة الكتابة فيها إلى تقليد المنصّات الجديدة لها. لا تحاول المنصّات ابتكار ما هو مُبتكر بقدر ما تحاول أخذ ما خسره تويتر بعد معاناة التطبيق فنّياً نتيجة استبعاد ماسك العديد من الفنّيين وتغييره استراتيجة المحتوى، وهو ما دفع إلى تدنّي مستواه وهروب معلنيه.

يمكن للمستخدمين كتابة “بوستات” في “ثريدز” تصل إلى 500 حرف، مقارنة بـ280 حرفاً كحدّ أقصى في Twitter، وتضمين الروابط والصور ومقاطع الفيديو التي يصل طولها إلى 5 دقائق. (يمتلك مستخدمو خيار الاشتراك المدفوع Twitter Blue حدّاً أطول لعدد الأحرف يصل إلى 4,000 في مشاركاتهم). تشبه خوارزمية التمرير خوارزمية تويتر وإنستغرام، وستعرض للمستخدمين مزيجاً من محتوى وتعليقات المشتركين.

على عكس تويتر وإنستغرام، لا تحتوي الخدمة حالياً على أيّ ميزات اكتشاف أو خيارات لإرسال رسائل مباشرة.

بالنسبة للمستخدمين، من المهمّ أن تلبّي هذه المنصّات احتياجاتهم الحالية من دون صعوبات في التنفيذ، لأنّ التقنيّات بقدر ما هي سهلة الاستخدام بقدر ما هي كثيرة الإقبال.

مليار مستخدم… على خطى فيسبوك؟

يأمل زوكربيرغ أن يصل عدد مستخدمي “ثريدز” إلى مليار. وهو يعتمد بذلك على نجاحه في منصّة فيسبوك. على الرغم من الصعوبات التي تعاني منها ميتا نظراً لسمعتها غير الإيجابية تماماً ولعدم احترامها حقوق الإنسان والخصوصية الفردية وبيعها الملفّات الشخصية للمستخدمين وصورهم إلى مؤسّسات التعرّف على الوجوه. وقد واجهت نصيبها من الجدل والانتقاد في ما يتعلّق بانتشار المعلومات المضلِّلة على منصّاتها، بما في ذلك خلال أعمال الشغب في 6 كانون الثاني 2020 في مبنى الكابيتول الأميركي، وفضيحة كامبريدج أناليتيكا خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز بها دونالد ترامب في 2016.

إقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي: الإنسان “عبد” للتقنيّات؟

في عام 2021، أدّى الإفصاح عن المخالفات التي أثارتها فرانسيس هاوجين إلى مساءلة الشركة حول كيفية مساهمتها في الأضرار التي تسبّبها إنستغرام للصحّة العقلية للمراهقين، وحول كثرة المعلومات المضلّلة على منصّاتها، وصولاً إلى الاستخدام المفتوح للمتاجرين بالبشر.

في النهاية، “دخل” مارك دار ماسك، والملاكمة بدأت. ونحن بانتظار ردّ رجل الفضاء الأوّل على طموحات مارك “المردوخية” بالسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي كلّها كأخطبوط عملاق.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…