ميقاتي وبرّي في قفص الاتّهام

مدة القراءة 6 د


دعا الرئيس نبيه برّي إلى جلسة تشريعية، كما وَعَد، على أساس أنّ الحكومة “استسلمت” حيال إيجاد “فتوى” تتيح تأجيل تسريح قائد الجيش، وحين حُدّد موعد الجلسة أُعيد تنشيط محرّكات الحكومة على اعتبار أنّها “حصراً”  صاحبة الصلاحية في التمديد لقائد الجيش… مع فتح الباب واسعاً أمام الطعن الحتمي بأيّ قرار صادر عنها أو عن البرلمان.
من جنيف إلى عين التينة مروراً بالضاحية وكليمنصو وميرنا الشالوحي “رَكِب” الديل وفق معادلة “شبه انقلابية” في مواقف الأطراف دفعت الرئيس نجيب ميقاتي، وهو خارج لبنان، إلى الدعوة لجلسة عادية من 24 بنداً يوم الجمعة سيُطرح خلالها بند تأجيل تسريح قائد الجيش لستّة أشهر من خارج جدول الأعمال مع احتمال تعيين رئيس أركان هو العميد حسّان عودة لكن من دون حضور وزير الدفاع موريس سليم ولا وزراء التيار الوطني الحر.
المشهد في اجتماع اللجان النيابية المشتركة أمس عَكَس التوجّه لسحب بند التمديد كلياً من مجلس النواب ليحطّ مجدداً في السراي حيث لم يناقش النواب إطلاقاً مسألة دمج الاقتراحات في اقتراح واحد، فيما بدا بعض النواب غير مُدركين لحقيقة ما يجري في الغرف المغلقة ولا مصير التمديد إلى أن صدرت الدعوة ليلاً لاجتماع الحكومة.
هكذا من أقفل الطريق على الحكومة لبتّ التمديد منذ أسابيع، أي الحزب وجبران باسيل، عاد وأزال الدُشَم من أمام صدور “فتوى” سيعتبرها باسيل حكماً غير قانونية إذا تجاوزت وزير الدفاع، وسيوعز إلى الطعن بها، مع العلم أنّ أصحاب المصلحة والصفة همّ إما وزير الدفاع أو ضابط متضرّر من القرار.
وفق المعلومات، سيحضر وزيرا الحزب علي حمية ومصطفى بيرم الجلسة من دون المشاركة في التصويت لصالح تأجيل تسريح قائد الجيش، فيما تكتّمت أوساط السراي عن الصيغة التي سيبتّ فيها تأجيل التسريح. مع ذلك، بقي من يُشكّك حتى بخروج التمديد “سالماً” من اجتماع الحكومة يوم الجمعة بسبب الضبابية التي لا تزال تغلّف الصيغة النهائية لتأجيل التسريح.
هجوم باسيل أمس على قائد الجيش جوزف عون كان بالغ التعبير حيث تخطى كل الحدود وتجاوز بأشواط قاموس التخاطب الذي حَكَمَ علاقة الرئيس ميشال عون وباسيل في معركتهما ضد التمديد لقائد الجيش السابق جان قهوجي، حيث تحدّث عن “قلّة وفائه وتعدّيه على صلاحيات وزير الدفاع ومخالفته بشكل وقح وعلني قانون المحاسبة العمومية وتباهيه بذلك، والتمديد له إهانة لكل ضابط مستحق ووجوزف عون لا يستحقه”.

وفق المعلومات، سيحضر وزيرا الحزب علي حمية ومصطفى بيرم الجلسة من دون المشاركة في التصويت لصالح تأجيل تسريح قائد الجيش، فيما تكتّمت أوساط السراي عن الصيغة التي سيبتّ فيها تأجيل التسريح

المفارقة أنّ العديد من النواب كانوا لا يزالون طوال نهار أمس  يراهنون على إمكانية الاتفاق على صيغة موحّدة لقانون التمديد، فيما معطيات “أساس” تشير إلى أنّ بند التمديد لن يُطرح في جلسة الخميس.

التنتيع” السياسيّ
في المقابل، أدخلت تطوّرات الأيام الماضية “مطبخ اليرزة” مجدّداً على خطّ الوقوف بوجه “التنتيع” بملفّ التمديد في الوقت الذي بدت فيه قوى سياسية أساسية “تتسلّى” بأزمة تأجيل التسريح بغياب، ربّما مقصود، لقائد مايسترو الحسم. فبعدما روّج مؤيّدو التمديد لقائد الجيش سابقاً لـ “انقلاب” يُحضّر له باسيل ووزير الدفاع عبر محاولة فرض تعيين قائد جديد للجيش بإشراف الحزب وبالتنسيق مع نجيب ميقاتي، تحرّكت مجدّداً “جبهة” مؤيّدي “القائد” بوجه العاملين على خطّ نقل ملفّ التمديد من يوم الخميس في مجلس النواب إلى يوم الجمعة في الحكومة، مع تصعيد كبير في لهجة الردّ بالحديث عن “مؤامرة أبطالها الثنائي الشيعي وباسيل بالاتفاق مع ميقاتي بوجه البطريرك والقوى المسيحية الداعمة للتمديد”.
هكذا حذّر “المطبخ المضادّ” دول الخارج والمسيحيين في الداخل من مؤامرة صدور قرار “ركيك” عن الحكومة يستدرج طعناً محتّماً من قبل “التيار” أمام مجلس الشورى، فقبولاً للطعن من “الشورى”، فتعييناً لقائد جيش جديد.

مسرحيّة التمديد مستمرّة
في مطلق الأحوال، “مسرحية” التمديد بـ “عروضها” الأخيرة بين السراي وساحة النجمة مستمرّة. آخر الكلام بَرَز من خلال الاشتباك الكلامي بين القوات اللبنانية وميقاتي والتلويح من جانب معراب بمقاطعة الجلسة التشريعية يوم الخميس إذا لم يُدرج بند التمديد ضمن البنود الأولى على جدول الأعمال. إذ أصدرت “القوات” أمس بياناً أكّدت فيه أنّ دعوة ميقاتي إلى اجتماع الحكومة هو لقطع الطريق على التمديد، وأنّ مجلس الوزراء سيُقدِم على تمديد غير قانوني “يُطعَن به بسهولة ويُبطَل، فيما كان لديه الوقت الكافي لترتيب إخراج قانوني”، فردّ ميقاتي من جنيف مؤكّداً أنّ “الدعوة إلى مجلس الوزراء، في حال حصلت، هي من أجل تأخير تسريح قائد الجيش ستّة أشهر”، فردّت “القوات” مجدّداً متحدّثة عن “خطة مدبّرة ومكشوفة ويتحمّل من يعبث بالاستقرار مسؤولية إسقاط التمديد”.
أوحى موقف ميقاتي بقرب تحديد رئاسة الحكومة لجلسة قريبة يُطرَح من خلالها التمديد لقائد الجيش وملء الشغور في المجلس العسكري ومنهم رئيس الأركان وفق آليّة غير معروفة بعد، وإن وُجدت فعلاً فلماذا لم يتمّ إقرارها طوال الأسابيع الماضية في الوقت الذي كان فيه الرئيس بري “يدفش” باتّجاه إتمام التمديد في الحكومة وليس مجلس النواب. وتوقّع نواب سيناريو غير عاديّ تلتئم خلاله الحكومة يوم الجمعة، وبالتزامن يستكمل مجلس النواب التشريع في يومه الثاني، فيما “تشتغل” النقاشات في الكواليس لمحاولة حسم التمديد.

يقول مصدر متابع لـ “أساس”: “انتقلنا من مرحلة التردّد والإرباك إلى التشنّج والاشتباك”، وسيستمرّ لغز التمديد حتى يوم الخميس، موعد الجلسة التشريعية، وما بعده

من جهته، تبرّع النائب إلياس بو صعب بالكشف عن جزء من هذا السيناريو بنقله كلاماً عن لسان الرئيس نبيه بري “بأّنّه سيكون على السمع “من هلق لوقت الجلسة” إذا اتفقتم كنواب على توحيد قوانين التمديد بصيغة واحدة. أمّا إذا الحكومة سبقتنا وقامت بأي حلّ لموضوع القيادة بكون كتير منيح”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “لا التعيين ولا تأجيل التسريح سيكون قانونياً من دون رفع اقتراح من وزير الدفاع”.

إقرأ أيضاً: البند 17: نهاية “فيلم التمديد”؟

يقول مصدر متابع لـ “أساس”: “انتقلنا من مرحلة التردّد والإرباك إلى التشنّج والاشتباك”، وسيستمرّ لغز التمديد حتى يوم الخميس، موعد الجلسة التشريعية، وما بعده.
هكذا تنوّعت آراء النواب أمس بين اتّهام الحكومة بـ “الاستهتار” والمشاركة في مُخطّط مشبوه وبين توجيه أصابع الإدانة في شأن توزيع الأدوار بين بري وميقاتي وباسيل والحزب الذي لا يزال نوابه يلتزمون الصمت المطبق حيال ملفّ التمديد، وبين من كان يُروّج لتعيين محتمل لقائد جيش جديد “بعدما سقط التمديد بالضربة القاضية!”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…

من يُنسّق مع باسيل بعد وفيق صفا؟

بات من السهولة رصد تراكم نقاط التباعد والفرقة بين التيّار الوطني الحرّ والحزب. حتّى محطة otv المحسوبة على التيّار أصبحت منصّة مفتوحة لأكثر خصوم الحزب شراسة الذين…