“موجة التعيين” لا تطيح التمديد: عون باقٍ!

2023-11-19

“موجة التعيين” لا تطيح التمديد: عون باقٍ!


يضغط الوضع الجنوبي وارتفاع منسوب الاشتباكات العسكرية على الحدود مع الجبهة الشمالية لإسرائيل بقوّة على ملفّات الداخل، بدءاً من مدى استعداد الحكومة فعلياً، وليس على الورق، لتنفيذ خطة الطوارئ التي أعدّتها، إلى المدى الزمني الذي قد يجعل بتّ ملفّ رئاسة الجمهورية “مهمّة مستحيلة” في المدى القريب، وصولاً إلى استحقاق قيادة الجيش المُعلّق على حبل الفيتوات المتبادلة لناحية التعيين أو التمديد أو تسلّم الضابط الأعلى رتبة مهامّ قائد الجيش بعد إحالته إلى التقاعد.

تمديد لا تعيين
وفق معلومات “أساس” أنّه على الرغم من “موجة التعيين” التي طغت في الأيام الماضية على نقاشات الكواليس ولعبت فيها التسريبات الإعلامية والسياسية دوراً في “تزكية” هذا الخيار، فإنّ كلّ المعطيات تتقاطع عند استنزاف المزيد من الوقت، لزوم عدّة الشغل، للوصول إلى الحلّ الأكثر ترجيحاً، وهو تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون لمدّة ستّة أشهر أو سنة بقرار حكومي مدعّم بحيثيات قانونية. لكن المعطيات تشير إلى أنّ لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.
يقول مصدر متابع: “لا يتوقّف الأمر عند حَرَد باسيل و”نوبته العصبية” في شأن احتمال التمديد لقائد الجيش ولا مراعاة الحزب لحسابات حليفه الشخصية والرئاسية، ولا عند موقف الحزب نفسه الذي يفضّل عدم التمديد، بل هناك حسابات خارجية تتقاطع مع قوى داخلية نظّمت صفوفها من أجل إسقاط أيّ خيار يتنافى مع قرار التمديد للقائد”.

يؤكّد قريبون من بكركي أنّ الراعي لا يدافع عن التمديد لقائد الجيش بقدر الأولوية القائمة على انتخاب رئيس فوراً الأمر الذي يؤدّي إلى حلّ عقد قيادة الجيش تلقائياً

حتى ميقاتي نفسه، إذا قَبِل بخيار التعيين، فسيُسجّل انتصاراً “نظيفاً” على فريق “الممانعة الباسيلية” الذي قاطع اجتماعات حكومته على مدى أكثر من عام و”شيْطن” مراسيمها واتّهم رئيس حكومة تصريف الأعمال بـ “اغتصاب صلاحيات رئيس الجمهورية”، لكنّه مع ذلك يتبنّى خيار التمديد كأفضل الحلول الممكنة لأنّه يتماهى مع ما يسمعه من نصائح دولية أقرب إلى الإملاءات في شأن ضرورة عدم إحداث خضّة داخل الجيش في توقيت بالغ الحساسية والخطورة.
وفي أول موقف علني للحزب من الاستحقاق العسكري قال أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد: “قدّمنا كل الخيارات التي تسهل اختيار الخيار المناسب لتأمين نظم وضع القيادة للجيش اللبناني. لم نتوقف لا عند نقطة ولا فاصلة تسهيلاً لهذا الامر، لكن بعض الحساسيات والتنافسات الصغيرة التي تحصل بين بعض الأطراف للأسف هي التي تعرّقل وتمدّد عمر إنجاز هذا الاستحقاق”.

فتوى السراي
في السياق نفسه أشارت أوساط حكومية عبر الموقع الإلكتروني المحسوب على ميقاتي، إلى “قيامه باستكمال اتصالاته ليأتي القرار بما يتناسب مع دقّة الوضع والدور الأساسي الذي يقوم به الجيش وقيادته في هذه المرحلة المفصلية”، والإشارة إلى “القيادة الحالية” يعني أنّ “فتوى السراي” لن تكون إلا من أجل بقاء عون في موقعه. وهي الخطوة الأخيرة التي تسبق فتح المجلس أبوابه أمام تشريع رفع سنّ تقاعد قائد الجيش (رتبة عماد ولواء على الأرجح) إذا فشلت الحكومة في مهمّة التمديد أو تأجيل التسريح.
من جهة أخرى، يشير القريبون من محيط باسيل إلى أنّ “تعذّر التعيين سيقود وزير الدفاع موريس سليم إلى إصدار قرار بتكليف عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب تسيير الأعمال وكالة إلى حين تعيين الأصيل”.

أشارت أوساط حكومية عبر الموقع الإلكتروني المحسوب على ميقاتي، إلى قيامه باستكمال اتصالاته ليأتي القرار بما يتناسب مع دقّة الوضع والدور الأساسي الذي يقوم به الجيش وقيادته في هذه المرحلة المفصلية

الراعي يصوّب على باسيل
أمّا كلام البطريرك بشارة الراعي أمس فقد أعاد تكريس الموقف المسيحي العامّ (باستثناء جبران باسيل) الداعي إلى “عدم المسّ بقيادة الجيش” وعدم التعاطي معها “كما حصل في مؤسّسات أخرى تلافياً للفراغ”، رابطاً ذلك “بدور الجيش في حفظ الأمن على كامل الأراضي اللبنانية والحدود، ولا سيما في الجنوب بموجب القرار 1701”.
لكنّ “دوز” كلام البطريرك بدا أعلى بوجه “مجلس النواب الذي يغيّب عمداً السلطة العليا منذ سنة”. كما خصّص الراعي فقرة موجّهة بامتياز إلى النائب جبران عبر توجّهه إلى المعطّلين قائلاً: “لا يحقّ لكم أن تخلقوا أزمات وعقداً جانبية بدلاً من انتخاب الرئيس فوراً فتحلّ عقدكم وتكفّوا، إذا سلمت نواياكم، عن سياسة المتاجرة الرخيصة، ولا يحقّ لكم أن تتلاعبوا باستقرار المؤسّسات على رأسها مؤسّسة الجيش. وبروح الكيدية والحقد والانتقام اذهبوا إلى المجلس النيابي وانتخبوا رئيساً للجمهورية وأوقفوا المقامرة بالدولة والاستقرار. هكذا تنحلّ جميع العقد المقصودة لغايات رخيصة”.
هنا يؤكّد قريبون من بكركي أنّ “الراعي لا يدافع عن التمديد لقائد الجيش بقدر الأولوية القائمة على انتخاب رئيس فوراً، الأمر الذي يؤدّي إلى حلّ عقد قيادة الجيش تلقائياً”، ويتماهى هذا الموقف مع كلام النائب السابق وليد جنبلاط الأخير القائم على معادلة “انتخبوا رئيساً الآن… أيّ رئيس”.

لا شغور في قيادة قوى الأمن
على خط موازٍ، يضغط ملفّ التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على “التسوية” التي قد تتيح التمديد لعون إن كان في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب.

إقرأ أيضاً: الرئيس عون: “لو بقي حدّي قائد الجيش كنت عملتو رئيس”

لكنّ مصادر مطّلعة تضع هذا التوجّه حصراً في خانة المزايدات بعد مسارٍ سُجّل فيه التمديد للمدير العام لأمن الدولة طوني صليبا بصفة مدنية حتّى سنّ الـ 64، والتمديد ثلاث مرّات تحت عنوان تأجيل بتّ وضع الاعتلال للمدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري، وتسلّم شيعي مهام حاكمية مصرف لبنان.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…