مصادر نيابية عونية: تماهي برّي والحريري أفشل حوار بعبدا

مدة القراءة 4 د


لم تكن انطلاقة “فكرة” الحوار في بعبدا موفّقة. وحين تكون الانطلاقة خاطئة تودي إلىّ حائط مسدود. في القصر الجمهوري، كما في باقي المقرّات، إقرار بحصول تسرّع في توجيه الدعوات قبل التيقّن من التزام القوى الأساسية بالحضور وتأمين الغطاء لطاولة حوار هي الأوسع منذ الـ2005.

لكنّ الفارق أن البعض أقرّ بهذا الخطأ عن شماتة، والبعض الآخر عن اعتراف بحصول تقصير، وطرف ثالث تحدّث صراحة عن “عملية تواطؤ تحت الطاولة بين متحمّسين لحوار بعبدا ومعارضين له قادت إلى دفنه قبل أن يولد”!

إقرأ أيضاً: حوار بعبدا : الحريري ضرورة … الباقي تكملة عدد

بالمحصّلة، لم تنفع كلّ المحاولات في جذب الفريق السنّي إلى طاولة بعبدا في وقت انشغلت دوائر القصر لتثبيت حضور شريك التسوية السابق سعد الحريري، مع بروز أصوات من داخل الفريق الحكومي نفسه انتقدت بوضوح “توسيع دائرة المدعوين إلى حدّ تمييع المسؤوليات، فيما كان يكفي تكرار اللقاءات على مستوى الرئاسات الثلاث للتأكيد على صلابة الموقف الرسمي تجاه الملفات الأساسية”.

في كلامه من عين التينة عَكَسَ رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي القليل ممّا يقال في الغرف الضيّقة عن حوار “لزوم ما لا يلزم”، وعن عهد يتوسّل “جَمعَة” لإعادة “تعويم نفسه”، وعن “حكومة سيشعر رئيسها بفائض قوّة أمام رؤساء الحكومات السابقين”، وعن “فاول” سياسي كبير ترتكبه المعارضة إن مدّت اليد في هذا التوقيت بالذات إلى عون ودياب مع التسليم بأن لا أحد اليوم يريد حرباً أهلية إن كان الهدف فعلاً إعادة تذكيرنا بهذه الثوابت للبصم عليها مجدداً”. والأهمّ “ماذا ينفع الحوار في ظلّ الانهيار، وآخر نماذجه دولار تخطى الستة آلاف ليرة”؟!

المدعوون إلى الحوار يدركون جيداً الغاية منه، وهو تحصين الجبهة الداخلية ربطاً بتطوّرات الشارع في بيروت وطرابلس في الآونة الأخيرة

اختلفت أسباب التمنّع السنّي عن تلبية دعوة “فخامته”، والنتيجة واحدة: عدم وجود قابلية لحوار ينفع فقط شكلاً الداعي إليه وينقلب ضدّ المستجيبين له مهما كان جدول أعماله. في الجوهر بدا رؤساء الحكومات السابقون كمن يلتقطون فرصة لا تُعوّض لتهشيم ما تبقّى من هيكل العهد.

وصل الأمر عند المعارضين إلى حدّ التنمّر “عمّا يمكن أن يمنحه مثلاً  ميشال سليمان للحكومة وللبلد إن حضر”، وهو أبّ لـ “إعلان بعبدا” الذي كان أول إنجاز للعهد العوني أن اقتلع لوحته من القصر الجمهوري. أو في حال حضر سمير جعجع لـ”يبرش” الحكومة مجدّداً و”يعيد التذكير بخصومته مع العهد”!

الموقف العلني والرسمي لرئاسة الجمهورية هو الآتي: “المدعوون إلى الحوار يدركون جيداً الغاية منه، وهو تحصين الجبهة الداخلية ربطاً بتطوّرات الشارع في بيروت وطرابلس في الآونة الأخيرة والمرجّحة أن تتكرّر بأيّ لحظة، إضافة إلى محاولة التوافق على رؤية موحّدة حيال درء مخاطر المرحلة على المستوى الاقتصادي. لذلك، يجب أن يكون هؤلاء على مستوى المسؤولية في مقاربة هذا الأمر خصوصاً أنّ عنوانه الأول الاستقرار وحماية السلم الأهلي، ونحن نتطلع إلى أوسع مشاركة وإلا سيُفهم الأمر وكأنّ ثمّة من يدير ظهره لتثبيت الوحدة الوطنية وأساسيات الإنقاذ. وهذا الأمر سيضعهم أمام محكمة الشعب. مع التأكيد أن لا قرارات تنفيذية ستصدر عن اللقاء، بل بيان يعكس الهدف من اللقاء، أي توحيد الجبهات على خط القضايا الوطنية الأساسية”.

مصادر نيابية في “التيار الوطني الحر” لم تستبعد وجود تنسيق بين بيت الوسط وعين التينة غلّب خيار التماهي مع ما يطلبه سعد الحريري

لكن في محيط بعبدا من يقولها بشكل أوضح من دون قفازات: “باستثناء ميشال عون لم يُبدِ أيّ طرف سياسي حماسة فعلية توازي رغبة بعبدا في لمّ الشمل لتحصين الجبهة الداخلية. ومن أظهر حماسة علنية كبيرة في تبنّي اقتراح الحوار والعمل على إنجاحه تصرّف في الكواليس بما يضمن فشله”!

ويشير هؤلاء إلى أنّ “مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم كان يمكن أن يلعب دوراً محورياً على خطّ تعبيد الطريق أمام سلوك مواكب المعارضين طريق القصر الجمهوري. لكنّ الرئيس نبيه بري قرّر أخذها بصدره، وترافق ذلك مع تسريبة إلى الإعلام تتحدثّ عن انعقاد هذا المؤتمر فيما لم تكن لائحة المدعوين قد جهزت بعد ولا الوساطات بدأت لفكفكة العقد”.

وفيما كان لافتاً إشارة قناة “nbn” التابعة لحركة أمل إلى أنّ مواقف القوى السياسية المدعوّة إلى الحوار قد تتأثر “بالمواقف الساخنة للوزير جبران باسيل باتجاه الحلفاء والخصوم”، فإنّ مصادر نيابية في “التيار الوطني الحر” لم تستبعد وجود تنسيق بين بيت الوسط وعين التينة غلّب خيار التماهي مع ما يطلبه سعد الحريري الذي أبلغ الرئيس نبيه بري خلال لقائه الأخير معه الثلاثاء الفائت أنّ “الطلعة” إلى بعبدا غير واردة.

مواضيع ذات صلة

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتفاق وقف لإطلاق النار في…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…