نأى بنفسه عن الخلافات، وواكب أشقّاءه الحكّام الثلاثة، ويمتاز بالدقّة الشديدة في عمله، ويرى في السعودية الشقيقة الكبرى والعمق الأساس، وفي تعزيز العلاقات مع الدول الكبرى، خصوصاً الصين، الهدف الاستراتيجي للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية المستدامة.
يتمتّع الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الحاكم الـ17 للكويت، بشخصية كاريزماتية طاغية، اكتسبها من خلال عقود من العمل في أكثر أجهزة الدولة حساسيّة، حيث عمل سنوات طويلة في وزارة الداخلية وتدرّج في الرتب حتى رأس إدارة المباحث العامّة من عام 1967 حتى عام 1980.
كما شغل منصب نائب رئيس الحرس الوطني الكويتي من 2004 إلى 2020، وهو الجهاز الذي يُضرب به المثل في الكويت لناحية انضباطه وحرفيّته ووطنيّته، وبُعده التامّ عن أيّ فئوية أو قبلية أو طائفية.
يتمتّع الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الحاكم الـ17 للكويت، بشخصية كاريزماتية طاغية، اكتسبها من خلال عقود من العمل في أكثر أجهزة الدولة حساسيّة، حيث عمل سنوات طويلة في وزارة الداخلية وتدرّج في الرتب حتى رأس إدارة المباحث العامّة من عام 1967 حتى عام 1980
من الكويت إلى لندن
ولد الشيخ مشعل في الكويت عام 1940، وهو الابن السابع لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح الذي حكم البلاد في الفترة ما بين 1921 و1950، وأخ لثلاثة حكّام، هم الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
بدأ مرحلة التعليم الأسري في بيت الحكم في مرحلة مبكرة على يد أبويه وأفراد عائلته، الذين تعلّم على أيديهم مبادئ القراءة والكتابة، ثمّ انطلق في مرحلة التعليم المدرسي الأساسي، فانتسب إلى المدرسة المباركية التي كانت أوّل مدرسة نظامية أهليّة في الكويت.
استمرّ في تلك المدرسة بجميع المراحل التعليمية النظامية إلى أن تخرّج من المرحلة الثانوية فيها. ثمّ استكمل دراسته في المملكة المتحدة حيث تخرّج في “كلية هندن للشرطة” عام 1960 المعروفة بسمعتها العريقة في الدراسات الأمنيّة والشرطيّة، وبتخريجها عدداً كبيراً من المسؤولين وصنّاع القرار في دول العالم.
بعد عودته من الدراسة في المملكة المتحدة، التحق بوزارة الداخلية التي كانت حديثة النشأة آنذاك، فتدرّج في العديد من المناصب الإدارية واستمرّ فيها حوالي 20 عاماً، عمل خلالها في قطاعات مختلفة.
في 1967 أصبح رئيساً للمباحث العامة برتبة عقيد، واستمرّ في ذلك المنصب حتى عام 1980، حيث عمل على تطوير أداء أجهزتها وتحوّلت في عهده إلى إدارة أمن الدولة.
في 2004، تولّى منصب نائب رئيس الحرس الوطني، حيث ساهم في تطوير ذلك الجهاز العسكري الأمنيّ الحسّاس، وتعزيز دوره المساند للأجهزة العسكرية والمدنية في الدولة.
نظراً لبصماته ودوره في تطوير جهاز أمن الدولة والحرس الوطني، منحته فرنسا في 2018 “وسام قائد جوقة الشرف”.
في 8 تشرين الأول 2020، جرت مبايعة الشيخ مشعل الأحمد وليّاً للعهد بإجماع أعضاء مجلس الأمّة.
منذ ذلك الحين حتى 16 كانون الأول 2023، ساند الشيخ مشعل الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد وناب عنه في الأوقات التي استدعت ذلك، ومارس الكثير من الصلاحيات الدستورية الخاصة بالأمير بناء على أمر صادر من الشيخ نواف.
من المتوقّع أن يحافظ الشيخ مشعل على نهج أسلافه في السياسة الخارجية، القائمة على مدّ الجسور والحفاظ على علاقات جيّدة مع جميع الدول الصديقة، وممتازة مع الأشقّاء في البيت الخليجي، وعلى رأسهم السعودية
وليّ العهد
بعد أدائه اليمين الدستورية في مجلس الأمّة، تتمثّل أبرز مهامّ الأمير الجديد باختيار وليّ عهده، وهو المنصب الذي تدور التكهّنات حوله وتتركّز الأنظار عليه.
قال أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف إنّ اختيار وليّ العهد سيعكس “الديناميكيات الداخلية للأسرة الحاكمة. وسواء شهدت الكويت أوّل تحوّل جيليّ منذ عقود أم لا، فإنّها ستحتاج إلى تحقيق إنجازات على صعد عدّة”.
أضاف: “من خلال عمله في جهاز الأمن وفي الحرس الوطني، يعدّ الشيخ مشعل عارفاً بكلّ خفايا الأمور، فهو كان موجوداً في الغرفة المجاورة لثلاثة من الأمراء الأربعة السابقين على نحو يوميّ”، من دون أن يتولّى أيّ منصب في الحكومة.
وفقاً للمادة 4 من الدستور، “يُعيّن وليّ العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير، ويكون تعيينه بأمر أميري بناء على تزكية الأمير ومبايعة من مجلس الأمّة تتمّ في جلسة خاصة بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألّف منهم المجلس. وفي حالة عدم التعيين على النحو السابق يزكّي الأمير لولاية العهد ثلاثة على الأقلّ من الذرّية المذكورة فيبايع المجلس أحدهم وليّاً للعهد”.
يعني ذلك أنّ لدى الأمير مهلة سنة لتعيين وليّ العهد، لكنّ هذا الأمر لم يحدث سابقاً في الكويت، إذ كان الاختيار سريعاً في غالب الأحيان، وفي المرّة الأخيرة اختار الأمير الراحل وليّ عهده (الأمير الحالي) خلال 7 أيام من تولّيه الإمارة.
يرى كثيرون أنّ منصب وليّ العهد مرتبط بشكل أو بآخر بمنصب رئاسة الحكومة، نظراً لأنّ الثاني لطالما شكّل مدخلاً للأوّل ومُمهّداً له.
السياسة الداخليّة
يُعرف عن الشيخ مشعل بأنّه “يستيقظ مبكراً ويتّبع أسلوب عمل منهجياً، ويهتمّ بالتفاصيل، وأحياناً بالتفاصيل الصغيرة جداً”، وفق ما نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي غربي.
تؤكّد مصادر مطّلعة أنّ الأمير مطّلع جداً على مجمل الملفّات الداخلية وضليع بخبايا اللعبة السياسية، وأنّه من مؤيّدي الاستقرار والحفاظ على الوحدة الوطنية بما يسمح لعجلة المشاريع الكبرى بالدوران.
لقد عَكَسَ هذا التوجّه في خطابه خلال تولّيه ولاية العهد في 2022، حيث شدّد على الوحدة الوطنية والمشاركة الشعبية، لكنّه تحدّث أيضاً عمّا وصفه بـ”ديمقراطية الاستقرار”، ومفادها أنّ الديمقراطية يجب أن تكون هادفة للاستقرار وليس للمقايضات والتسويات والتنفيعات على حساب الدولة، قائلاً: “أعاهد الشعب الكويتي أن أكون المواطن المخلص الذي يعمل لازدهار وطنه، الراعي لمصالحه، المُحافظ على وحدته الوطنية… رافعاً شعار المشاركة الشعبية، عاملاً على إشاعة روح المحبّة والتسامح ونبذ الفرقة، ساعياً إلى رسم صورة مشرقة لمستقبلنا تحمل ديمقراطية الاستقرار وتغليب المصلحة الوطنية العليا في إطار الدستور، ومنهجها العدالة ورائدها العيش الكريم”.
إقرأ أيضاً: الكويت تفقد أمير الزهد والتواضع
العلاقات الخارجيّة
من المتوقّع أن يحافظ الشيخ مشعل على نهج أسلافه في السياسة الخارجية، القائمة على مدّ الجسور والحفاظ على علاقات جيّدة مع جميع الدول الصديقة، وممتازة مع الأشقّاء في البيت الخليجي، وعلى رأسهم السعودية.
تشدّد المصادر على أنّ الأمير ينظر إلى العلاقة مع السعودية على أنّها ذات أولوية قصوى، ويتطلّع إلى توسيع العلاقات مع الصين التي تسعى إلى لعب دور أكبر في المنطقة، خصوصاً بعد رعايتها في آذار الماضي الاتفاق السعودي – الإيراني الذي تتابع تنفيذه مع الجانبين.
في هذا السياق جاءت زيارته الأخيرة للصين في أيلول الماضي، حيث شهد توقيع سلسلة اتفاقيات ومذكّرات تعاون.
تهدف الكويت إلى إدخال إصلاحات كبرى على محرّكاتها الاقتصادية بغرض تنويع مصادر الدخل، على غرار دول مجلس التعاون الخليجي التي خطت غالبيّتها خطوات كبيرة في هذا المجال من خلال مشاريع لتنويع الاقتصاد وجذب المستثمر الأجنبي.