مركز أبحاث إسرائيلي: لا سلام بلا دولة فلسطينية

مدة القراءة 5 د


“السلام الدائم بات ممكناً الآن”، بحسب مدير الأبحاث في ميتفيم Mitvim، “المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية”، روي كبريك. إذ اعتبر أنّ الحرب في غزة دخلت مرحلة جديدة مع التوصّل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن ووقف القتال، وأنّ الهدنة التي تمّ الاتفاق عليها ستتيح للمجتمع الدولي الفرصة لتعزيز السلام المستقرّ والمستدام في إسرائيل والأراضي الفلسطينية: “فنحن على مفترق طرق، وأمامنا إمّا استمرار الصراع، أو الدفع لإيجاد حلّ دائم”.
المقال الذي نشره كبريك في صحيفة “الغارديان” البريطانية، اعتبر أنّ “الهجوم القاتل الذي شنّته حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، قد حطّم العديد من القناعات الراسخة. لأنّه أعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الصدارة، وشكّك في فكرة إمكانية إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بتكلفة منخفضة، وقوّض الاعتقاد بأنّ إسرائيل يمكن أن تسعى إلى الاندماج في الشرق الأوسط مع تجاهل المطالب الفلسطينية. بل وبدلاً من ذلك، هناك الآن وجهة نظر مشتركة في المجتمع الإسرائيلي مفادها أنّ “إدارة الصراع” لم تنجح، وأنّه بدلاً من ذلك يجب أن يكون هناك حلّ دائم”.
واعتبر كبريك أنّ “هناك أسباباً تجعل إدارة الصراع، وليس محاولة مطوّلة للتوصّل إلى حلّ، مناسبة لبعض اللاعبين الرئيسيين. فالحكومتان الأميركية والبريطانية تواجهان انتخابات في عام 2024، وهما منشغلتان بالحرب في أوكرانيا بسبب الحاجة إلى الاستقرار وانخفاض أسعار الطاقة. وفي الوقت نفسه، يواجه القادة العرب سلسلة من التحدّيات الداخلية، وقد يكون الهدوء النسبي في الساحة الفلسطينية كافياً لاسترضائهم. وستكون حماس مسرورة بمواصلة القتال ضدّ إسرائيل من دون مواجهةِ عمليةٍ دبلوماسيةٍ يمكن أن تضفي الشرعية على السلطة الفلسطينية، وتقوّي السياسيين المعتدلين، وتقوّض قوّتها في نهاية المطاف. كما سيكتفي نتانياهو بإدارة الصراع، لأنّ أيّ محاولة لحلّه ستهدّد استقرار ائتلافه واستمرار حكمه الذي يعتمد على دعم المستوطنين المتطرّفين الذين يعارضون بشدّة أيّ تسويات مع الفلسطينيين ويعتبرون حماس “مصدر قوّة” لهم لأنّ وجودها يعيق إمكانية التوصّل إلى عملية سلام”.

خلص الباحث الإسرائيلي إلى القول إنّ غياب القيادة الجديرة بالاهتمام في إسرائيل والأراضي الفلسطينية يعني أنّ تحقيق السلام يقع على عاتق بايدن والمجتمع الدولي. ويجب عليه أن يتقدّم ويبدأ بالعمل

بانتظار انفجار في الضفة أو لبنان
لكلّ هذه الأسباب رأى كبريك أنّه من السهل عودة كلا الجانبين إلى إدارة صراع منخفض الحدّة. إذ بموجب هذا السيناريو، سيبقى جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة لفترة ممتدّة لمواصلة القتال ضدّ حماس. وسيقتصر الصراع على قطاع غزّة. وسيعتاد العالم ذلك. ولن يعود موضوعاً ساخناً وسينقل العالم اهتمامه إلى مكان آخر، إلى أن يحدث الانفجار التالي في غزة، أو الضفة الغربية، أو لبنان. 
واعتبر الباحث الإسرائيلي أنّه في غياب الإرادة أو القدرة لدى الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية على إحداث تغيير ملموس، فإنّ المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، قادر على الدفع نحو حلّ الصراع، وذلك من خلال تعزيز عدّة خطوات رئيسية:
أوّلاً وقبل كلّ شيء: تحديد الهدف النهائي، الذي يجب أن يكون الالتزام بتنفيذ حلّ الدولتين وتبنّي مبادرة السلام العربية، وتحديد الجدول الزمني لتحقيق ذلك. ويمكن القيام بذلك من خلال قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وللتغلّب على التوتّر بين الولايات المتحدة وروسيا، قد يتطلّب الأمر ممثّلاً عن العالم العربي مثل الإمارات العربية المتحدة لدعم الاقتراح في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وإذا ما تمّ سدّ هذا الطريق فإنّ قمّة السلام الإقليمية التي تعقدها الولايات المتحدة تشكّل بديلاً مقبولاً.
ثانياً: من الأهمية بمكان أن يقود جو بايدن اعتراف الولايات المتحدة والدول الكبرى الأخرى بالدولة الفلسطينية، كجزء من عملية دبلوماسية شاملة. هذه الخطوة ستضمن عدم العودة إلى الوراء. وستغيّر الديناميكية في غزة والضفة الغربية، وهو ما سيجعل من الصعب على إسرائيل مواصلة عملية الضمّ الزاحفة، وستساهم في تعزيز السلطة الفلسطينية ضدّ حماس. كما يمكن لهذه الخطوة أن تعزّز بايدن انتخابياً، وهو ما يساعده على استعادة الدعم الذي فقده عندما دعم العملية الإسرائيلية في غزة.
ثالثاً: إدراك أنّ إنشاء الدولة الفلسطينية هو الهدف النهائي الذي سيمكّن المجتمع الدولي من اتخاذ الخطوة الحاسمة، وهي: صياغة نظام دولي فلسطيني مؤقّت. ومع وجود هدف واضح ومعترف به، وهو تحقيق حلّ الدولتين، يمكن تجنيد قوة دولية من الدول العربية والغربية لتحلّ تدريجياً محلّ جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة وتتولّى مسؤولية جهود الأمن والتنمية.

إقرأ أيضاً: سفير فرنسا السابق لدى إسرائيل: دبلوماسيتنا رهينة الحنين لزمن ولّى!

وإذا تمّ تحديد الطريق إلى حلّ الدولتين، فإنّ الدول الأوروبية والعربية ستوافق على الاستثمار في بناء البنية التحتية المادّية والمؤسّسية لما سمّاه بايدن “السلطة الفلسطينية المنشّطة”، وهو ما يمهّد الطريق إلى الدولة الفلسطينية.
خلص الباحث الإسرائيلي إلى القول إنّ “غياب القيادة الجديرة بالاهتمام في إسرائيل والأراضي الفلسطينية يعني أنّ تحقيق السلام يقع على عاتق بايدن والمجتمع الدولي. ويجب عليه أن يتقدّم ويبدأ بالعمل”.

 

لقراءة النصّ الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من…

برنامج ترامب منذ 2023: الجمهورية الشعبية الأميركية

“سأحطّم الدولة العميقة، وأزيل الديمقراطيين المارقين… وأعيد السلطة إلى الشعب الأميركي“. هو صوت دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأميركية المنتخب يصدح من مقطع فيديو…

20 ك2: أوّل موعد لوقف إطلاق النّار

في حين أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أنّ إسرائيل تضع خططاً لتوسيع هجومها البرّي في جنوب لبنان، نقلت صحيفة “فايننشيل تايمز” البريطانية عن…

نصائح أوروبيّة وكوريّة… للتّعامل مع ترامب

تستعدّ الحكومات الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما العدوّة والمنافسة لها، لتحوّلات مقلقة وإدارة أكثر تقلّباً في واشنطن في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية الأميركية مع…