كشف الكولونيل الأميركيّ ديفيد دي روش*، المسؤول السّابق في وزارة الدّفاع الأميركيّة، البنتاغون، أنّ المواجهة العسكرية بين حماس وإسرائيل دخلَت “مرحلة سيّئة”.
يعزو دي روش في حديث خاص بـ”أساس” أسباب هذه المرحلة إلى أنّ “حماس” تُرسِل فرقاً حربيّة للتصدّي للدبّابات الإسرائيليّة، التي يعتمد عليها الجيش العبريّ لـ”تأمين الأرض وتدمير البنية التحتية والأنفاق في نهاية المطاف”.
يضيفُ أنّ “أحد الجوانب المؤسفة في كلّ هذا هو حقيقة أنّه لا يزال هناك عدد كبير من المدنيين في مناطق القِتال”. ويتّهم “حماس” بتمركُزها بين المدنيين بشكلٍ مُتعمّد لاستجرار عمليّات انتقامٍ إسرائيليّة تُؤدّي إلى وقوع عددٍ كبير من الضّحايا المدنيين.
على الرّغم من اتّهامه حماس باستجرار ردّة الفعل الإسرائيليّة، إلّا أنّه يؤكّد أنّ استهداف المدنيين “يلحق أضراراً كبيرة باستراتيجيّة بإسرائيل، ويجعل من الصعب للغاية إجراء عمليات عاديّة عبر القصف الجوّي، وهي الطريقة التي تفضّلها إسرائيل عادة للعمل”.
كشف الكولونيل الأميركيّ ديفيد دي روش، المسؤول السّابق في وزارة الدّفاع الأميركيّة، البنتاغون، أنّ المواجهة العسكرية بين حماس وإسرائيل دخلَت “مرحلة سيّئة”
يُحلّل الجنرال الأميركيّ الذي خدمَ في وحدات قوات العمليات الخاصة والتقليدية في الشرق الأوسط وأوروبا وأفغانستان العمليّة العسكريّة الإسرائيليّة ويقول لـ”أساس”: “يبدو أنّ ما يفعله الإسرائيليّون هو إرسال مجموعة من المركبات المدرّعة لبناء قواعد طوارئ أو حصون مؤقّتة، وهي في الأساس سواتر ترابية في المناطق التي قاموا بتأمينها، وبعد ذلك يمكنهم إجراء دوريات بين هذه في خطّ أكثر أو أقلّ عزلاً لمدينة غزّة عن مناطق جنوب القطاع”.
بعدَ تثبيت مناطق دخول فرق الجيش، يرسلون دوريات في محاولةٍ للعثور على فتحات الأنفاق أو العثور على مقاتلي حماس الذين يمكنهم القبض عليهم واستجوابهم. كما يعتبر أنّ حماس من جانبها تبحث عن مناطق تُريحها للخروج من الأنفاق لمُباغتة المُدرّعات الإسرائيليّة عبر استهدافها بمُضادّات الدّروع، ثمّ تغادر المكان قبل أن تتمكّن إسرائيل من إحضار جنود راجلين أو القيام بردّ فعل مناسب على ذلك.
الحرب الصعبة
لا ينفي الكولونيل الأميركيّ أنّ إسرائيل تواجه حرباً صعبة للغاية: “بالنسبة للإسرائيليين، التحدّي هو أنّ “حماس” لا ترتدي أيّ زيّ عسكريّ مُوحّد، وبالتالي إذا ظهر شخص ما، فإنّ مشغّل الأسلحة أو مشغّل السيارة الإسرائيلي لديه جزء من الثانية ليقرّر ما إذا كان هذا الشخص يمثّل تهديداً عسكرياً أو مدنياً”.
يشير دي روش إلى أنّ هدف الجيش الإسرائيليّ هو تجويع مقاتلي حماس في الأنفاق. وما يأملونه على الأرجح هو أنّ الحركة سوف ينفد لديها الوقود اللازم لتشغيل أجهزة التهوئة في الأنفاق والأضواء اللازمة لإنارتها في نهاية المطاف. وبحسب كلامه، فإنّ ذلك سيدفع مُقاتلي “كتائب القسّام” للخروج إلى سطح الأرض. والسؤال هُنا بحسب دي روش: هل إسرائيل قادرة على القيام بذلك لفترة كافية؟
يعزو دي روش في حديث خاص بـ”أساس” أسباب هذه المرحلة إلى أنّ “حماس” تُرسِل فرقاً حربيّة للتصدّي للدبّابات الإسرائيليّة، التي يعتمد عليها الجيش العبريّ لـ”تأمين الأرض وتدمير البنية التحتية والأنفاق في نهاية المطاف”
بالإضافة إلى “تحدّي الوقت”، يُؤكّد المسؤول السّابق في “البنتاغون” أنّ إسرائيل تواجه تحدّياً متزايداً لمجرّد الاحتفاظ بالمواقع التي تحتلّها بالفعل، ولن تكون قادرة على تنفيذ أيّ عمليات ذات معنى ضدّ الأنفاق: “هذا شكل صعب وخطير من أشكال الحرب، ولسوء الحظ، كما هو الحال في العديد من أشكال الحرب، من المرجّح أن يعاني المدنيون أكثر من غيرهم”.
دي روش يخشى على إسرائيل
يرى أنّ إسرائيل تشعر أنّ لديها حرّيّة الحركة العسكريّة في شمال غزّة لأنّها أخطرت المدنيين الفلسطينيين بمغادرة المنطقة والانتقال إلى الجنوب منذ بدء الحرب. لكنّه في الوقت عينه يُحذّر من أنّ الإجماع العالمي الذي تستندُ إليه إسرائيل يتراجع كُلّما طال أمدُ العمليّة العسكريّة، وأنّ الرأي العامّ العالميّ يتحوّل إلى مصلحة الفلسطينيين. ويقول في ختام حديثه إلى “أساس”: “حرب المدن دائماً ما تؤدّي إلى سقوط ضحايا بين المقاتلين وأيّ مدنيين يوجدون هناك. وفي معركة استعادة الموصل من الرقّة، تراوح تقديرات القتلى المدنيين بين 11 ألفاً و16 ألفاً. غزّة المنطقة ذات كثافة سكانية عالية للغاية وتوجد فيها شبكة أنفاق معقّدة. وأخشى أن تكون هناك احتمالات كبيرة جداً بأن تقوم إسرائيل بإيقاع وتكبّد خسائر كبيرة قبل أن تحقّق هدفها المعلن المتمثّل في تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس”.
إقرأ أيضاً: ساترفيلد لـ”أساس”: حماس وإسرائيل خارج غزّة بنهاية الحرب
* ديفيد دي روش تقلّد مناصب عديدة في مكتب وزير الدفاع للشّؤون السياسيّة، من ضمنها مدير مكتب الخليج وشبه الجزيرة العربية، ومدير قسم الاتصالات بين وزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي، وكبير المُديرين لشؤون باكستان، ومدير عمليات حلف الناتو، ونائب مدير قوات حفظ السلام، والناطق باسم وكالة تعاون الأمن الدفاعي (Defense Security Cooperation Agency). وقبل ذلك، عمل في مكتب البيت الأبيض للسياسة الوطنية لمراقبة المخدّرات كمحلّل لعمليات تطبيق القانون الدولي ومساعد خاص في الأمور الاستراتيجية.
تقاعد دي روش برتبة عقيد، بعد خدمة لمدّة 30 عاماً في الجيش النظامي والاحتياط، حيث عمل في هيئة الأركان المشتركة وفي قيادة العمليات الخاصة الأميركية، كما خدم في وحدات قوات العمليات الخاصة والتقليدية المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وأفغانستان.