ماذا ينتظرنا في أيلول؟ هل ينتظر البلاد واقعاً أسوأ مع نهاية الخريف ومطلع الشتاء المقبلين؟ وسط هذه الانباء السيئة التي نسمعها يومياً عن أننا سندخل في مرحلة صعبة جداً. ما حقيقة وجود خطر مزدوج يلوح في الأفق؟
رئيس لجنة الصحة البرلمانية الدكتور عاصم عراجي وصف لـ”أساس” حقيقة الواقع الذي ينتظرنا وقال: “في أسوأ السيناريوهات، سوف ينتشر كلّ من فيروس كورونا والإنفلونزا ويجتمعان معاً، ويسبّب كلاهما أمراضاً للجهاز التنفسي، مما يُعقّد التشخيص ويُشكّل عِبئاً مزدوجاً على نظام الرعاية الصحية، وسيكون التحدّي الأبرز في التمييز بين الإصابات، نظراً إلى تشابه عوارض كورونا والإنفلونزا الموسمية، وفي تضاعف الطلب على أجهزة التنفس، لأنّ إصابة بعض أصحاب الأمراض المزمنة بالإنفلونزا تستدعي دخولهم المستشفيات وحاجة بعضهم الملحّة إلى أجهزة تنفس. ويعني ذلك ضغطاً مضاعفاً على القطاع الصحي المترهّل بخاصة أنّ 80% من أقسام الكورونا في مستشفى رفيق الحريري، بات مشغولاً، ومستشفى جبل لبنان أوشكت على الامتلاء بمرضى كورونا، ما يحتّم تسريع اتخاذ خطط استباقية لاستيعاب الوضع الكارثي الذي قد نكون مقبلين عليه”.
إقرأ أيضاً: جائحة كورونا.. د. خليفة: الناس ليست حقل تجارب!
أما عن المستشفيات الخاصة، فيشير عراجي الى أنّ “أكثرية هذه المستشفيات توقّفت عن استقبال مرضى الكورونا بحجّة عدم دفع وتغطية الدولة للمصاريف والتكاليف لهم. لذلك علينا تدارك الوضع حتى لا نكرّر ما حدث في مرفأ بيروت. 6 سنوات والمواد الخطرة (نيترات الأمونيوم) متروكة بالمرفأ لغاية حصول الكارثة، واليوم ينتابني شعور بالخوف من هذا الاستهتار الحاصل من الدولة، وتحديداً الوزارات التي من المفترض أن تطبّق الإرشادات الوقائية (وزارة الداخلية، ووزارة العدل، ووزارة المالية). اعتدنا في لبنان على الهروب ورمي المسؤوليات. وإذا بقينا على هذ المنوال، فنحن ذاهبون إلى وضع صعب جداً ستكون له تداعيات على الصحة أكثر من تداعيات الانفجار المأساوي بالمرفأ”.
ارتفاع عدد الوفيات أمر مخيف جداً، والمنحى الوبائي ترتفع فيه الوفيات وعدد الإصابات الخطرة
وعن قرار مجلس الاعلى للدفاع بتمديد التعبئة حتى نهاية السنة الحالية، قال: “نحاول يومياً مع وزارة الصحة تدارك الوضع. ولكن هناك بعض الوزارات غير مهتمة. ووجه عراجي سؤالاً إلى وزارة المالية، وعلى رأسها وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني: “لماذا لم تدفع الأجور للممرّضين والممرّضات الذين هم في خطوط الدفاع الامامية؟ منذ شهرين لم يقبضوا رواتبهم. في كلّ دول العالم يُعطَون حوافز. هل هناك استهتار أكثر من هذا؟”.
وختم عراجي: “ارتفاع عدد الوفيات أمر مخيف جداً، والمنحى الوبائي ترتفع فيه الوفيات وعدد الإصابات الخطرة”، مؤكداً أننا “نحن في ذروة الموجة الأولى أي ما زلنا في مرحلة الانتشار، ولم تبدأ الموجة الثانية التي بدأت في فرنسا وبريطانيا ونيويورك مع بداية فصل الشتاء”.
من جهته، عضو “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية” والاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري، عند سؤاله عن ما الذي ينتظرنا في شهر أيلول أجاب: “في نهاية شهر أيلول أي مع بداية تشرين الأول وحتى تشرسن الثاني، تبدأ الفيروسات التنفّسية الأخرى بالظهور. ومع الحركة الناشطة لكورونا، من الممكن أن نجد مرضى مصابين بالتهابات تنفّسية، ومن الصعب على الطبيب أن يشخّص فيما إذا كان المريض مصاباً بالكورونا أو بالإنفلزنزا أو أيّ فيروس تنفّسي آخر”.
على الناس أن تستمرّ باتباع التوصيات المتعارف عليها. ويجب على إدارات الدولة أو القطاعات التي تنظّم المجتمع أن تضع تنظيماً خاصاً بها مثل جمعية تجار بيروت
“التعبئة العامة غير مفهومة حتى الساعة ما هو تفسيرها، لأنها ليست منع تجوّل، وليست حالة طوارئ. هي إجراء يبيّن لنا أنّ كلّ إدارات الدولة متجهة إلى مواجهة جائحة كورونا من خلال استخدام كافة إداراتها، وبالتالي لها الحق بمعاقبة ومحاسبة المخالفين. لكن اتضح من تطبيق التعبئة في الأشهر الماضية، أنها غير ناجحة”. بهذه العبارات، يشرح البزري مصطلح التعبئة العامة الذي أعلنه المجلس الأعلى للدفاع.
وختم قائلاً: “على الناس أن تستمرّ باتباع التوصيات المتعارف عليها. ويجب على إدارات الدولة أو القطاعات التي تنظّم المجتمع أن تضع تنظيماً خاصاً بها مثل جمعية تجار بيروت. فمن واجباتها قبل أن تطالب بإعادة فتح أبواب المحلات أن تنظّم نفسها كي نتجنّب السيناريوهات السيئة القادمة”.
إذاً، يبدو أنّ عدم اليقين بشأن المستقبل، هو الشيء الوحيد المؤكد في جائحة كورونا. لا أحد يعرف هل إذا كانت الإصابة بالفيروس ستستمر على وتيرتها الحالية، أم سيؤدّي التفاعل المتزايد بين الناس مؤخراً إلى تفشٍّ أو موجة ثانية أكبر. لكن الواضح أنّ موسم الإنفلونزا على بُعد بضعة أشهر فقط.