قائد الجيش لبرّي: حَذار فَرط الجيش!

2023-10-24

قائد الجيش لبرّي: حَذار فَرط الجيش!


لم ترَ رئاسة الحكومة في زيارة النائب جبران باسيل للسراي الحكومي سوى “اعتراف متأخّر بالجالس على كرسيّها والمُمسِك بإدارة الدولة في مرحلة الشغور الرئاسي”. في المقابل لم يرَ “الباسيليون” في زيارة الرئيس نجيب ميقاتي للجنوب سوى استلحاق لزيارة تأخّرت أسبوعين بعدما تأخّر ميقاتي كثيراً في عقد أول اجتماع أزمة في السراي لمواكبة أحداث غزة.

من المؤكّد أنّ زيارة باسيل للسراي لم تُسهِم في تطرية الأجواء مع ميقاتي ولم توقف الحرب الكلامية بين الطرفين، فيما لقاء باسيل مع الرئيس نبيه بري أمس لن ينفع في تسريع انتخاب رئيس الجمهورية، كما طَلَب رئيس التيار، ولن يقود إلى فرملة الجهود لإبقاء قائد الجيش في موقعه عاماً إضافياً.

خلال اللقاء بين باسيل ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يَسمع الأخير أي تعهّد من قبل رئيس التيار الوطني الحر باستئناف وزرائه المقاطعين جلسات الحكومة حضورها ربطاً بالوضع على الحدود اللبنانية-الاسرائيلية وتداعيات حرب غزة التي انطلاقاً من “منصّتها” قرّر باسيل، وفق أوساطه، القيام بجولة مكوكية على القوى السياسية تحت عدّة عناوين على رأسها التسريع في انتخاب رئيس للجمهورية عبر البحث فوراً في “الخيار الثالث” بعد سحب اسمَيْ سليمان فرنجية وجهاد أزعور من التداول.

لم ترَ رئاسة الحكومة في زيارة النائب جبران باسيل للسراي الحكومي سوى “اعتراف متأخّر بالجالس على كرسيّها والمُمسِك بإدارة الدولة في مرحلة الشغور الرئاسي”

لكنّ معلومات “أساس” تفيد بأنّ باسيل قد يتجاوز خط القطيعة الحكومية الذي ألزَم فريقه السياسي بها منذ انتهاء ولاية ميشال عون الرئاسية في 31 تشرين الأول 2022، ويُعطي الضوء الأخضر للمشاركة في جلسات “الطوارئ” إذا تطوّرت الأمور عسكرياً، وصولاً إلى التنسيق مع وزير الدفاع موريس سليم لرفع اقتراحاته بالتعيينات العسكرية بشرط عدم إقرار التمديد لقائد الجيش في موقعه.

ترى أوساط باسيل أنّ “التمديد لقائد الجيش عبر رفع سنّ التقاعد غير ممكن قانوناً في مجلس الوزراء وغير “ميثاقي” في مجلس النواب بسبب مقاطعة النواب المسيحيين، ومع ذلك هو يحذّر من هذا الإجراء الذي قد تتذرّع الحكومة باتّخاذه لضرورات سير المرفق العام”.

المفارقة أنّه في الوقت الذي كان باسيل يجتمع مع رئيس الحكومة والنائب السابق وليد جنبلاط ضمن سياق تحرّكه المتعدّد الاتجاهات، ومن صلبه مصير قيادة الجيش، كان قائد الجيش العماد جوزف عون يطلق تحذيراً أمام الرئيس بري “من فَرط الجيش في مرحلة بالغة الحساسية والخطورة”.

وفق معلومات “أساس” أكد عون أمام بري خلال لقائه معه يوم الإثنين عدم جواز حسم مصير القيادة العسكرية في اللحظة الأخيرة، بغض النظر عن شخصه وعن احتمالات التمديد له، فالإمرة العسكرية، برأيه، يجب أن تبقى بمنأى عن أي تجاذبات في كل الظروف، فكيف في حالة شبه الحرب، مكرّراً موقفه القائم على أن “لا أحد ينوب عن قائد الجيش في غيابه سوى رئيس الأركان، وأنّ الشغور في الجيش يختلف عن الشغور في باقي المؤسسات الأمنية”.

لكن هذه النقطة تحديداً لها مقاربتها المختلفة لدى وليد جنبلاط، إذ إنّ الأخير الذي يدفع باتجاه تعيين رئيس أركان منذ إحالة اللواء أمين العرم إلى التقاعد نهاية العام المنصرم، يتهيّب أن تنتقل القيادة العسكرية في هذه المرحلة إلى رئيس الأركان وحده نظراً لخطورة الوضع واستثنائيته، وهو ما يقتضي التمديد لقائد الجيش في آن معاً.

في هذا السياق استبق جنبلاط زيارة باسيل له بالتسليم بوجود “شبه حالة حرب”، متسائلاً: “أيعقل مقاطعة بعض القوى السياسية جلسة مجلس الوزراء للتمديد لقائد الجيش وتعيين رئيس أركان. كفانا حسابات رئاسية متخلّفة، ولنكن جبهة عمل واحدة لمواجهة أقصى الاحتمالات”.

إقرأ أيضاً: مجلس الأمن اليوم… يناصر إسرائيل

وفق العارفين، وصلت معلومات إلى باسيل تفيد بالضغط الاميركي على ميقاتي وبري للتمديد لقائد الجيش وبوجود غطاء شيعي لهذا الإجراء تبرّره مناخات الحرب التي تلفح المنطقة والمواجهات العسكرية على الجبهة الجنوبية مع شمال إسرائيل، فيما أقصى ما يمكن أن يُقدِم عليه باسيل هو تسهيل إجراء تعيينات عسكرية لكل أعضاء المجلس العسكري على أن يتولّى رئيس الأركان دفّة القيادة أو تعيين قائد جيش جديد.

بدا باسيل في لقائه مع المسؤولين وبينهم الرئيس بري كمن يَحمل خطة طوارئ موازية لخطة الحكومة التي لم يكن لرئيس التيار أي بصمة فيها، وهو يحاول، برأي خصومه، كَسر عزلته “الحكومية” بعد تمدّد رقعة التوتر جنوباً والتخوّف الجدّي من انجرار لبنان إلى الحرب، متجاوزاً بنفسه “خط النار” الذي حَكَمَ هجومه الدائم على حكومة تصريف الأعمال وتجريدها من شرعيتها واتهام ميقاتي “باغتصاب صلاحيات رئيس الجمهورية”.

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…