“فتوى مكّيّة” تَكسر “فتوى السيّد”!

مدة القراءة 6 د


بناءً على جملة من التقاطعات السياسية، كَسَرَت “فتوى” الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية “فتوى” الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله.
هكذا تجاوز الحزب قرار “السيّد” في أيار العام الماضي بأنّ “حكومة تصريف ‏الأعمال لا تعيّن” عبر تأمين الغطاء السياسي لتعيين العميد حسّان عودة رئيساً للأركان ومنحه أقدمية للترقية مدّة خمسة أشهر وترقيته إلى رتبة لواء بعدما تنازل الوزراء، وفق القرار، “عن الحقّ في طلب إعادة النظر به المنصوص عنه في المادّة 65 من الدستور، ما يجعله نافذاً حكماً”.
بدت خطوة الحزب مُكمّلة لقراره السياسي بتغطية التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون حيث عوّض خروج نوابه من قاعة الهيئة العامّة لمجلس النواب لدى إقرار قانون التمديد في 15 كانون الأول، وذلك عبر مشاركة وزيرَيه لاحقاً في جلسة مجلس الوزراء التي شهدت توقيع الرئيس ميقاتي على قانون التمديد وكالة عن رئيس الجمهورية بموافقة 19 وزيراً، بينهم وزير الأشغال علي حمية ووزير العمل مصطفى بيرم.
وحده مسار التطوّرات الفاصل عن نهاية الولاية الممدّدة لقائد الجيش في كانون الثاني المقبل سيكشف حقيقة قرار الحزب، والثنائي الشيعي عموماً، في استكمال مشروع “تغطية” القائد، وهذه المرّة بقبول انتخابه رئيساً للجمهورية أو التصدّي لهذا المسار عبر التمسّك بورقة ترشيح سليمان فرنجية.

بناءً على جملة من التقاطعات السياسية، كَسَرَت “فتوى” الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية “فتوى” الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله

باسيل: الحزب مشارك بالجريمة
ما أقدَمَ عليه الحزب حتى الآن بدا كافياً لتوسيع رقعة الشرخ مع حليفه النائب جبران باسيل الذي لم يتردّد باعتبار “كلّ من غطّى التعيين بالقبول المبطّن أو بالسكوت شريكاً في الجريمة”، قاصداً بشكلٍ أساسٍ الحزب، وذاهباً إلى حدّ التأكيد أنّ “تعيين موظّف فئة أولى من دون الوزير المعنيّ، هو اغتصاب لصلاحيّة دستورية تعود لوزير الدفاع وفقاً للمادة 66 من الدستور، وجرم جنائي معاقَب عليه بالاعتقال لمدّة لا تقلّ عن سبع سنوات وفقاً للمادة 306 من قانون العقوبات”.
كما تحدّى باسيل “26 نائباً، على الأقلّ، وخاصةً من الذين يطالبون بالتغيير وبدولة القانون، بأن يقدّموا طلب اتّهام بحقّ “رئيس الحكومة” بموجب عريضة تقدَّم للمجلس النيابي لمحاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.

قيادة الجيش: عودة التوازن
أوساط قريبة من قيادة الجيش تؤكّد لـ “أساس” أنّ “المؤسّسة العسكرية استعادت توازنها المفقود منذ إحالة اللواء أمين العرم إلى التقاعد في 24 كانون الأول 2022 من دون تعيين بديل عنه، فيما وجود رئيس أركان أكثر من ضروري لأنّ قانون الدفاع يخوّله أن ينوب دون غيره عن قائد الجيش في حال غيابه ويمارس مهامّه وصلاحيّاته طوال فترة غيابه. كما أنّ القائد سيتمكّن من تلبية دعوات إلى الخارج سبق أن رفضها وأثّرت على عمل المؤسّسة ربطاً بعدم وجود ضابط ينوب مكانه”.

هل يطلب سليم إبطال المرسوم؟
أمّا لجهة وزير الدفاع موريس سليم فلم يتبيّن حتى الآن ما قَصَده من كلامه في شأن “البناء على هذه المخالفة ما يُقتضى لحماية المؤسسة العسكرية من التجاوزات التي تستهدفها في وقت يفترض أن تبقى بعيدة عن المحاصصة والمحسوبيات وتسديد الفواتير السياسية”. مع العلم أنّ أيّ طعن في قرار التعيين يفترض قانوناً أن يصدر عن ضابط متضرّر من القرار وذي صفة، وهو أمرٌ صعبٌ أن يتحقّق بقيام ضابط في الجيش، درزي تحديداً، بتقديم طعن أمام مجلس الشورى لأنّ موقع رئاسة الأركان مخصّص عرفاً للطائفة الدرزية، فيما تشير مصادر قانونية إلى أنّ وزير الدفاع نفسه يمكن أن يقدّم طعناً أمام “الشورى” اعتراضاً على ما يعتبره اعتداءً صريحاً على صلاحيّاته”.

أوساط قريبة من قيادة الجيش تؤكّد لـ “أساس” أنّ “المؤسّسة العسكرية استعادت توازنها المفقود منذ إحالة اللواء أمين العرم إلى التقاعد في 24 كانون الأول 2022 من دون تعيين بديل عنه

فضيحة!
هكذا تجاوزت الحكومة صلاحيّة وزير الدفاع المُلزِمة برفع اسم الضابط المقترَح تعيينه إلى مجلس الوزراء، وأصدرت قراراً وَصَفه مصدر قانوني وحقوقي بـ “الفضيحة”، وأقرّ رئيس الحكومة نفسه بأنّه قد يؤدّي إلى طلب إبطاله!!
الأهمّ، وفق محضر الجلسة، سيصدر قرار التعيين بموجب مرسومين (دستورياً يجب أن يقترنا بتوقيع رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ووزير الدفاع ووزير المال)، وسيتمّ إصدارهما وكالة عن رئيس الجمهورية. بالتالي سيصدر المرسومان حكماً من دون توقيع وزير الدفاع، وهو ما يعطي الأخير حقّ طلب إبطاله أمام مجلس شورى الدولة.
في هذا السياق بدت لافتة تغريدة النائب جميل السيّد الذي أضاء على الجوانب القانونية لقرار التعيين وإلزامية توقيع وزير الدفاع على المرسوم قائلاً: “بحسب ما نعرفه عن انهيار القضاء وتبعية الكثيرين فيه لهذا الطرف أو ذاك، أخشى أن يتحوّل مجلس شورى الدولة إلى مجلس شوربة الدولة”.

إجماع 18 وزيراً
في الوقائع استندت دراسة مكّية إلى واقع الظروف الاستثنائية ومبدأ استمرارية المرافق العامّة واحتمال توسّع رقعة الحرب وموقف الوزير “السلبي” ونظرية “الشكليّات المستحيلة”(Formalites impossibles)  التي أطلقها اجتهاد مجلس شورى الدولة و”التي تتحقّق في كلّ مرّة تتوافر فيها الظروف الاستثنائية أو استحالة مادّية أو قانونية لإتمام الإجراء المعيّن، وهو ما يتيح اللجوء إلى الخيارات المتاحة والبديلة التي تحول دون الوقوع في الفراغ بقرار يتّخذه ويوافق عليه مجلس الوزراء بناءً على اقتراح المسؤول الأول عن سياسة الحكومة، أي رئيس مجلس الوزراء”.
وفق محضر الجلسة “صدر القرار بإجماع الوزراء الحاضرين (18 وزيراً) الذي يفوق الأكثرية المفروضة قانوناً المنصوص عنها في المادّة 65 من الدستور (ثلثا أعضاء الحكومة)”.

إقرأ أيضاً: تفاهم نيسان جديد: الحزب موافق.. وإسرائيل تطلب ضمانات

استثمار” في التمديد والتعيين
بتقدير مطّلعين كلّ الجلبة التي أثارها قرار التعيين، بعد تثبيت التمديد لقائد الجيش بـ الـ”لا قرار” الصادر عن المجلس الدستوري في الطعن المقدّم من نواب باسيل، باتت خلف ظهر الحكومة والثنائي الشيعي ووليد جنبلاط إيذاناً بافتتاح مرحلة جديدة، بحسابات جديدة، سيكون عنوانها مدى استثمار الاحتضان الدولي والداخلي (بإقرار التمديد لقائد الجيش وتعيين رئيس أركان) في معركة رئاسة الجمهورية.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…

قنوات مفتوحة بين قائد الجيش و”الثّنائيّ الشّيعيّ”

في آخر موقف رسمي من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والفاضحة لقرار وقف إطلاق النار تكرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “لفت نظر” لجنة المراقبة لوجوب وقف هذه…