كشف النائب العامّ التمييزي القاضي غسان عويدات في حديث إلى “أساس” أنّه يتوجّه لإحالة تقرير التدقيق الجنائي إلى المجلس العدلي، وأنّه “بصدد توجيه كتاب إلى وزير العدل (في حكومة تصريف الأعمال) هنري خوري، يقترح فيه إحالة هذه القضية على المجلس العدلي وتعيين محقّق عدلي لها بوصفها القضية الأهمّ والأكبر والأخطر في تاريخ لبنان، خصوصاً أنّ التقرير وإن كان تمهيديّاً فإنّه فتح كلّ الأبواب وأزال كلّ الحواجز التي كانت تحول دون إجراء محاسبة حقيقية لسارقي المال العامّ”.
برّر عويدات توجّهه هذا بأنّ الملفّ هو “الأهمّ في تاريخ لبنان، لأنّه يُلامس للمرّة الأولى ملفّات الفساد المتجذّرة في مؤسّسات الدولة بكلّ درجاتها”.
شرح عويدات لـ”أساس” الأسباب الموجبة التي دفعته إلى تجزئة الملفّ القضائي وتوزيعه على ثلاث مرجعيّات قضائية أساسية هي التالية:
– النيابة العامّة المالية: ملفّ الكهرباء والهدر في الوزارات موجود لديها. وكان يتعذّر عليها إجراء تحقيق واسع وشامل في المرحلة السابقة بوجود السريّة المصرفيّة التي رُفعت بقوّة القانون بعد تعديله.
– النيابة العامّة الاستئنافية في بيروت: تمسك بملفّ شركتَي “فوري” و”أوبتيموم” واستفادتهما من أموال مصرف لبنان من دون وجه حقّ، وهو موجود أساساً لدى قاضي التحقيق في بيروت شربل أبو سمرا.
برّر عويدات توجّهه هذا بأنّ الملفّ هو “الأهمّ في تاريخ لبنان، لأنّه يُلامس للمرّة الأولى ملفّات الفساد المتجذّرة في مؤسّسات الدولة بكلّ درجاتها”
– هيئة التحقيق الخاصّة في مصرف لبنان: دورها أساسي للتحقيق في أسباب صرف 111 مليون دولار من دون معرفة وجهتها. وهي وحدها القادرة على الدخول إلى حسابات الأشخاص والمؤسّسات التي استفادت من هذه الأموال ولم يأتِ تقرير التدقيق الجنائي على أسمائهم، والتحقيق فيها.
كشف عويدات أنّه أرسل أيضاً “نسخة عن هذه المطالعة إلى كلّ من مجلس النواب وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي لتتحمّل كلّ مؤسّسة مسؤوليّاتها في هذا الخصوص”.
حملة منظّمة على عويدات
تعرّض عويدات لحملة تشكيك وتخوين في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بحجّة أنّه لم يفتح تحقيقاً مركزيّاً. وذهب أصحاب هذه الحملة إلى اتّهامه ضمناً بمحاولة تمييع الملفّ وإدخاله في دهاليز التجزئة وتضارب الصلاحيّات.
إلا أنّ النائب العامّ التمييزي رفض كلّ هذه الاتّهامات المعروفة بغايتها وخلفيّاتها، وذكّر أنّه أصدر مطالعة أوّليّة في تقرير وصفته شركة “ألفاريز إند مارسال” بأنّه تقرير تمهيدي. وأوضح التالي: “أنا أوجّه وأُشرف على عمل الهيئات القضائية المذكورة، وإذا اضطرّ الأمر فسأستدعي شركة “ألفاريز إند مارسال” لاستيضاح بعض البنود والمعلومات الواردة في التقرير، علماً بأنّ هذه الشركة لا ترغب أن تكون جزءاً من التحقيق القضائي”.
إقرأ أيضاً: الرواية الكاملة: كيف استولت فرنسا على مرفأ طرابلس؟
كان عويدات طلب تزويده “بالعقد الموقّع بين وزير المال (يوسف الخليل) والشركة لتبيان ما إذا كانت الأخيرة استكملت عملها وفق شروط العقد أم لا، وما هي النواقص الواجب استكمالها بوقتٍ سريع”.
الجدير ذكره أنّ النائب العامّ التمييزي واجبه التنسيق بين هذه الملفّات لتحديد المسؤوليّات، ثمّ إحالتها إلى المراجع القضائية المختصّة، حتى لا تقع الهيئات التي كُلّفت بإجراء التحقيق في تضارب الصلاحيّات والاختصاصات.